ط
الشعر والأدب

شئ ما يحدث ..رواية للكاتبة / منال احمد الحسبان ( الفصل الأول ) طريق بلا نهاية


شيءٌ ما يحدث
(طريق بلا نهاية)

مِن نافذة القطار، تجري الأرض لاهثة للوراء، وهي الغارقة في قطرة دمع، ترتشف قهوتها المرة غير آبهة لمرارتها ،فثمة مرارة عالقة بأحشائها تطغى على اي طعم آخر.
خيل اليها بأن عجلات القطار تصرخ حزينة بلا توقف ، حتى انها تنظر الى الطريق بشغف معتقدة ان هذا الهدير يريد اخبارها بشئ ما ، الا انها تجاهلت كل الأصوات حولها، فارضة على نفسها عُزلة اختيارية عن عالمها.
ليس لها وجهةٍ محددة، إلا أن هناك قرار في نفسها أن تنزل في نهاية الخط، أينما كانت هذة النهاية.
وكلما توقف القطار في محطة تصعد أشباح ، و تنزل اخرى ،فما أكثر الوجوه المختلفة بالعمر، والملامح، والتعبير، لكنها جميعها متفقة على اللحاق بالقطار.
أشباح كثيرة تجري لتلحق بالقطار عند كل محطة، وتتنفس الصعداء حين تجد لها مكانا. …. وأشباح أخرى تلمح دموعها من بعيد، حين يفوتها القطار.
كانت تترجم تلك المشاهد بشكل مختلف، كانت تغبط أصحابها أنهم يعرفون وجهاتهم جيدا وإن فاتهم اللحاق بالقطار المؤدي إليها ، كم تغبط أصحاب هذه الوجوه لأنهم يعرفون تماما أين وجهتهم، يدركون أن لمطافهم نهاية عكسها تماما فالقطار بالنسبة لها وسيلة للتحرك من التيه إلى التيه الآخر ليس اكثرْ وكلما تأملت أحدهم ابتسمت لنفسها بمرارة حتى سمعت العجوز ذات الثياب الرثة التي تردد من حين لآخر:” يارب هونها”. فتشعر بالغيرة منها!!! فلا بد أنها تتعجل الوصول وان لديها شئ ما بانتظارها وان هناك رغبة للعيش داخلها !!!
تكلمت مع نفسها وقامت باحتضان معطفها الثمين محاولة أن تخفي ارتباكها وتظاهرت بالنظر إلى الساعة مقنعة نفسها بأنها بإنتظار شئ ما كالآخرين تماما
وكلما دوت صافرات القطار عند وصوله لمحطة، خفق قلبها بشدة، وتساءلت ترى هل هي المحطة الأخيرة؟! “إلى أين أذهب، وماذا سأفعل الآن؟” تصرخ نفسها خائفة، فتجد الطريق لازال ممتدا ،تتنفس الصعداء، وتعود لمتابعته، تتمنى أن يطول، ربما شيء ما يحدث بعد حين، ربما تصير كالآخرين، تعرف محطتها جيدا …..
وربما ينزل وحي يرشدها لمكان قد يسعها. ….
(ما اصعب أن تعيش هذه الحياة وتمتلك كل شئ ولا تدري بالنهاية أين وجهتك)
يتبع___________

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى