ط
مسابقة القصة

شروق الشمس (ملخص) مسابقة الرواية بقلم / زينب البصري زينب نبيل عاشور.العراق

009647810566054
زينب البصري زينب نبيل عاشور
العراق/البصرة
شروق الشمس

عاشت ذهب تحت ظل عائلة بسيطة وجميلة يحتالون على الفرص لأجل المرح وأسعاد انفسهم ورغم صعوبة الحياة والحروب والنكبات التي حلت في بلاد وادي الرافدين ألا أن حياتهم غنية بالأبداع والعطاء والنبل . كانت السعادة هي الصفة الساندة بينهم والأبتسامة هي علامة أرواحهم ، فأصوات قهقهاتهم تعج عبيقها على جميع

جدران وزوايا المنزل البهيج.

(ذهب) الأبنة الرائعة والاعجوبة الجميلة للضابط البحري (عبد الله) كانت تحمل بين ذرات روحها بريق المبادئ والجمال الذاتي ، لها اخت جميلة وبسيطة ومتزوجة اسمها (هند) حيث أن (هند) تضيع من دون (ذهب) واعتادت آن ترمي كل حمولها وهمومها تحت جناحي اختها حمامة السلام رشيقة الطلة ، لتطبطب على رأسها وتترنم بهديل مخملي فتطبع على جبين كل لاجئ اليها الحب والوفرة والعطاء..

عانت (ذهب) وصارعت مع اختها التي لقبوها جهلة المجتمع بالعقيم لكونها لم تنجب بعد ستة اشهر من زواجها ، غمرت (هند) بقوتها ودعمتها الى ان حققت رغبتها وألجمت ألسنة المبغضين . اخوهم (نائل) حصل على منحة دراسية خارج البلاد لأنه كان متميزا ومتفوقا في دراسته فسافر مودعهم بدموع واعدة بتحقيق الأماني .. نظر اليه ابيه وفاضت دموع عيناه توقا ولهفة . (أم ذهب) كانت رسامة تعشق الرسم و دائما تقول مازحة “يا ليتني يا صغيرتي ارسم حياتك بألوان زاهية تليق ببريق جمالك البهي”. كانت صحة والدتها على المحك في الأونة الأخيرة تشكي من التهاب اعصاب اطرافها السفلية وكل يوم تزداد حالتها سوءا. بعد سفر (نائل) للدراسة وانشغال أبيها في العمل استلمت (ذهب) زمام الأمور وكانت هي الربان الذي يقود السفينة ، ورغم كثرة المهام وصعوبة الأمور غير آن (ذهب) لن تنسى عطائها وأبداعها فتواصلت مع الدكتور (وسام) لتهيئة مواضيع لرسالة الماجستير ، انه الحلم الواعد الذي نما من رحم الاسي. وفجأة بينما (أم ذهب ) كانت ترسم في الشرفة تسلل الى أذنيها حديث بنت جارتهم الصبية التي قد أرسلت رسالة ورقية بيد أخيها الصغير الى زميلتها (رهف) .. تقول فيها :

عزيزتي رهف هل نذهب اليوم الى المدرسة ونؤدي امتحان الرياضيات ؟ فأجابتها ورقيا … { بسم الله الرحمن الرحيم غاليتي هدى لا يوجد أمتحان اليوم أنها الحرب يا عزيزتي ..} كلمة الحرب واقعة كالصاعقة على مسامع (أم ذهب) فنادت عزيزي (عبد الله) اسألك الله أن لا تذهب الى الحرب أنت بحري دع البر وشأنه .. بصوت يعلوه التهجد والأستسلام ، اذعنها برد قاسي “الأعمار بيد الله يا فنانتي اكملي لوحتك”

فجأة تحول المنزل البهيج الى کهف مظلم لا يحتوي الحياة في دواخله وكأنه هجر منذ مدة واذا رميت قطعة نقود في اناء ماء تسمع ذبذباته في هالات الماء المتكررة والمتلاشية . (ذهب) نسيت كل أفكارها الجميلة فعلى الرغم من أنها كانت تتأهل لرسالة الماجستير في علوم الكيمياء ولكن كان جل ما في ذهنها أفكار عصفت بها رياح القلق “يا نار کوني بردا وسلاما على العراق وفيحائي الحبيبة” . نظرت الى أمها نظرة شوق وخوف ، نظرة أحتوت كل معاني الفقد والأشتياق ذهبت الى والدها تقبل يداه “أبي أنها الحرب أرجوك لا تذهب”

بعدها توفي أبوها في ظروف غامضة وانتكست حالة أمها الصحية شيئا فشيئا إلى أن أصبحت مقعدة . تحملت ذهب المسؤولية بعد ذهاب والدها فكانت تعيش في اليوم دوران ، الأول هو دور السعيدة المعطاء القوية الصبورة وفي المساء عندما تخلد الى سريرها فأنها تلتحف الأحزان وتتوسد الأسى وتنزل الدموع على وجنتيها کالجداول ..لم تعي ما تفعله وكيف أنها تتقمص شخصيتان في آن واحد . كل هذا جعلها أنسانة متبلورة متغيرة على وفق ما تعانيه وتصادفه من حوادث ..هبت ب(ذهب) رياح الحزن لكنها لم تستسلم فكانت تنظر للمرأة وتقول

” ذهب ما بك ، لا تنكسري، أنت أنثى قوية وتحملين أسم أب يصمت العالم بعظمة حروفه ..كوني أنت ابنة ذلك الرجل القوي ولا تلتفتي خلفك “

والجدير بالذكر أن الصحف الأجنبية نشرت خبرة لاق رواجأ فادحا ..أبكي هذا الخبر العديد من الناس عرب وأجانب حيث روى الجندي الأمريكي قصة وحادث حصل معه في الأراضي العراقية وعبر من خلاله الى الوكالات الأخبارية المتواجدة ، أنه رأى في عيون طفل عراقي السلام والأطمئنان وقال أن الأطفال هم روح الله في الأرض. وأنتشر الخبر وصور للطفل والجندي على جميع الصحف والمجلات .

اما (ذهب) فقد نفضت غبار الحزن وباشرت مشوارها في رسالة الماجستير ألا أنها فوجئت بضياع صغيريها الجميلين ، حبها العظيم وحلمها الأعظم … فذهب حلمها هباء منثورا وخرج من حياتها العشق المغذي لقلبها ، أنها كانت الضربة ثنائية الأبعاد والخسارة الكبرى التي لا تعوض ، كسرتها حتمأ هذه الحادثة ونالت منها . وراء كل ما يحل ب(ذهب) هناك ايضا (غسق) زميلتها في الدراسة التي تحمل كل معاني الدناءة وكأنما رضعت حليب من الأنانية والرذيلة .

كانت (ذهب ) قوية ولم تستسلم لكل هذه الظروف وباشرت في التحدي ولكن هنالك رسالة رشقتها بها (غسق) غيرت مجريات الأمور تحمل في مكنوناتها ما تحمله من أسرار وليست هي الوحيدة التي لديها رسائل…..

كان لدي (غسق) رسالة ورقية ولكن (أبا ایوب) صديق والد (ذهب) يحمل رسالة فكرية في داخله تتضمن معاني ومهمة عن أسرار حياة أبيها و وفاته وهو مدين كثيرا لعائلة ذهب جميعها وعلى رأسهم أبوها المتوفي ، ويتمنی أن يقدم المساعدة المعنوية والمالية وكل ما يستطيعه من مساعدة من أجل سداد الدين الذي في رقبته لصديقه المتوفي.

بدأ (أبو أيوب) بأول خطواته لسداد ذلك الدين بأن يطلب من أبنه (أيوب) الزواج من (ذهب) حيث كانت له معلومات أن (أيوب) قد وقع في حبها منذ فترة زمنية مضت لأن ذهب لا يراها رجل ألا و وقع في حب جمال روحها و عنفوانها الماسي . ألا أن الأستاذ المحترم (أيوب) رفض الزواج من ذهب بأدعائه انها عشيقة دنيئة وهذه هي قناعاته الخاطئة . وحاول أبوه اقناعه بالحقيقة إلا أنه تذمر و رفض. غراب البينة ينعق مرة أخرى بفراق زيجة أخرى لكن (ذهب) لم تعرف بمجريات هذه الأحداث وحتى لو عرفت لا تكترث لها لأنها لا تكن له مودة أو حب أو حتى أعجاب.

بدأ العام الدراسي الجديد وقررت (ذهب) أن تعود الى وظيفتها وتنحت عن

 

بدأ العام الدراسي الجديد وقررت (ذهب) أن تعود الى وظيفتها وتنحت عن رسالة الماجستير تلك لعدة ظروف وأسباب أقتنعت بها . ومع بدأ العام الدراسي الجديد ليس فقط هناك الأيام والمواد الدراسية وانما هناك تكنولوجيات جديدة دخلت للعراق کالهاتف المحمول وأجهزة بث القنوات الفضائية حيث كان دخولها بشكل سريع وفجائي وبدون أي مقدمة تثقيفية بشكل وافي ومفيد عن الأستخدام الأصح لهذه التكنولوجيا الحديثة .

كانت (ذهب) تعاني من التغيرات التي طرأت على مجتمعها وفسدت بعض الأخلاقيات و المبادئ وكانت تتوضأ بالألم وتصلي حسرات على وضع بلادها وما يمر به من أحوال .

دخول مفاجئ للأنترنت و القنوات غير مجريات المبادئ المتوارثة وأستخدامه من قبل البعض أستخدام هدام سيء لا يمت بصلة لرصانة وأخلاقيات كل أنسان ينبض في عرقه حب نمو و رقي بلده ، فأزدادت حالات الطلاق والمشاكل العائلية والقتل والسرقة وغيرها من مهدمات المجتمع ومصدات النهوض … فكانت (ذهب) دوما تروم لدعم أي واقع أخلاقي وثقافي يسهم في شفاء جروح بلدها .

كانت دائما تشكي ما حل من دمار ببلادها و روحها لصديقتها الصدوقة مدرسة التربية الأسلامية (سماهر) التي كانت سندها و وسادتها التي تحتضن احزانها ودموعها لا بل و أحلامها، وتواسيها دوما وتقويها وتقول لها أن العراق لايقع ولا تخيم عليه الغيوم السوداء بل هي غيوم عابرة فقط وسوف ينهض بلادنا العزيز بسواعد أبنائه الأمينة ومواطنوه الفدائيون الذين يفدون الوطن لآخر رمق من حياتهم بكل ما يمتلكوه من دعم وثقافة و دفاع وأي شيء ينهض بواقع الأمة الثقافي والحضاري.

تتواتر الأحداث والصدف مجراها وتلتقي بصدفة غريبة من نوعها في قارعة الطريق مع أمرأة مريضة وهي أم المحامي (مؤيد) وهذه الصدفة حملت نوعان من الحب ، حب الخير والمساعدة والذي هو من نصيب (ذهب) بالتأكيد والنوع الأخر هو الحب منذ الوهلة الأولى …

تتأجج مجريات الأحداث وتتطور كثيرة وتقع (ذهب) ضحية مؤامرة دنيئة من طالبات مدرستها جيداء و ريم وللأسف الشديد الصدفة السيئة أن (جيداء) التي وضعتها في هذه المؤامرة الدنيئة اتضح أنها أخت المحامي

مؤيد) فترفض هذا الحب العظيم ، لأنها لم تتشافی بعد من حب الدكتور (وسام) . لكن (مؤید) كان فرصة ذهبية لكل امرأة وخصوصا (ذهب) لأنه بالأضافة لكونه محامي بارع صادق وخلوق فقد أحبها حبا صادقا وعلى الرغم من هذا هي رفضته لهذه السبب.

كانت ذهب تنظر دوما الى نفسها في المرآة و تارة تقوي نفسها واخرى تحزن و تتسائل لماذا غراب الفراق ينعق من جديد في كل مرة ويحول بينها وبين أمور قد تكون سببا لسعادتها .

تتطور حالة (أم ذهب) الصحية وتزداد سوءا الى ان يخبروها أنها بحاجة لعلاج فوري خارج البلاد لكن الخبر يثقل كاهلهم لأن حالتهم المادية لا تسمح بتغطية نفقات السفر والعلاج .

هنا جاء دور صديق والدها (أبو ایوب) ليحاول أن يساعدهم مرة أخرى وينجح هذه المرة في تقديم المساعدة ويرسم صورة متكاملة المعنى عن سداد الدين وحب الخير والصداقة الأبدية الحقيقية ، فقد رسمت هنا الصورة بألوان الوفاء وبفرشاة الأصدقاء لتظهر لنا بشكل لوحة باعثة للأمل …

سافرت (أم ذهب الى خارج العراق لتعالج ساقيها لكن (ذهب) لم تسافر مع أمها وذلك لسببان اتخذت من الأول حجة خداعة لأقناعهم فتحججت بأنها ليس لديها المال الكافي الذي يغطي نفقاتها للسفر .. أما السبب الأخر والحقيقي الذي أخفته هو سر (ذهب) الذي لم تفصح عنه لي شخص حتى لشغاف قلبها (سماهر) أو اختها توأم روحها ، وهو أنها كانت تعاني من مرض سرطان الثدي لكنها أخفت مرضها جيدة لأنها لم ترد ان تحزن محبيها وتفجعهم.

ما أكبرك وما أكبر الصورة التي رسمتيها لنا …صورة قوة المرأة وصبرها وتحملها وأملها ، والتضحيات الكبيرة التي قد تقدمها .

كانت (ذهب) تجلس قرب النافذة من الليل وتنتظر شروق الشمس ليحل يوما جديدا يحمل بين طياته أمل جديد قد يغير كينونتها ويبهرها ، حيث ثقتها بالله عالية وبرجاءها وروحها السامية ما زالت تبث الأمل رغم كل حزنها واساها

والحمد لله شرقت شمس يوم جديد وسافرت لوحتها الجميلة (أمها) وكان ينتظر اللوحة أخوها (نائل) ليضع لمساته هو الأخر على اللوحة وحدث اللقاء الروحي بينهما من بعد غياب طويل .

كما يقال دائما في الأحداث السيئة ، رب ضارة نافعة ، حيث تعرفت (ذهب) في رحلتها للشفاء من مرضها على الدكتور (آدم) الذي أعاد حيويتها واملها في الحياة بعد أن يأست و زهدت من كل شيء في الدنيا ، فكان كالملاك النازل من السماء أو القدر القادم من الأبدية فتزوجها بعد أن عالجها و أخرجها من آلامها .

عدة دروس وعبر وصور للحياة والواقع الذي نعيشه تجسدت في الأحداث جميعها وفي كل كلمة منها.. أولها عطاء النفس الذي لا حدود له وطهارتها من الخبث وكل صفات الخير التي أظهرتها (ذهب) والتي من الممكن لأي شخص أن يختار اظهار هذه الصفات الحسنة بدلا عن الشر والحيل التي تقبح نفسه و لأن الأنسان بأختياره للخير قد رسم طريقة نهايته مضيئة يوصله للنور الدائم مهما تضمن هذا الطريق من عقبات وتعرجات .

كما هناك عبرة اخرى وهي أن الحياة ليست دوما تعاقب الأشرار فقد يصلون للقمة و تمدهم في طغيانهم يعمهون ،ف (غسق) أخذت رسالة الماجستير في موضوع ذهب نفسه و نجحت وتوفقت في حياتها ، وأيضا (جيداء) أخت المحامي تخرجت من الثانوية بغش متعمد ومساعدة جهات وبعدها ذهبت لدراسة الطب خارج البلاد !! أي طب تدرسه و أي يمين تقسمه وهي بدأت حياتها بالخداع والغش … أما (ريم) أحدى أطراف المؤامرة هنا ترسم لنا صورة واضحة عن تناقض وتضارب الخير والشر فتغلب شرها على خيرها الذي قد يرقق قلبها لكنها خسرت نفسها ودراستها …. هكذا هي الحياة خسارة وربح إلا إن (جيداء) و (ريم) كلتاهما خاسرتان.

وعلى الرغم من الألم والمكائد والخسائر الفادحة إلا إن (ذهب) بتسامي روحها وعنفوانها الماسي أشرقت شمس حياتها على يد الدكتور (آدم) وعادت أمها بصحة جيدة و أختها رزقت بطفل جميل … و هكذا أنتهت حكاية (ذهب) الجميلة بأحداث متشابكة … بل هكذا بدأت حياتها في كنف زوجها وعائلتها المحبة لذلك سأقول إن هذه البداية لترسم (ذهب) ح

 

وعلى الرغم من الألم والمكائد والخسائر الفادحة إلا إن (ذهب) بتسامي روحها وعنفوانها الماسي أشرقت شمس حياتها على يد الدكتور (آدم) وعادت أمها بصحة جيدة و أختها رزقت بطفل جميل … و هكذا أنتهت حكاية (ذهب) الجميلة بأحداث متشابكة … بل هكذا بدأت حياتها في كنف زوجها وعائلتها المحبة لذلك سأقول إن هذه البداية لترسم (ذهب) حياتها من جديد بألوانها الزاهية وتطبعها في قلوب الناس وليست النهاية… فهذه هي ..{ البداية }… لحياة امرأة عظيمة ..

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى