ط
ركن الدين

شيخ الأزهر . من يطالب بإنكار السنة والعمل بالقرءان فقط يضيع ثلاث أرباع الدين ويجعله فى مهب الريح

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن ذكرى المولد النبوي الشريف تثير في وعي كل مسلم وكل من يعرف هذا النبي الكريم ويعرف سيرته ويقدره حق قدره تثير عوالم من ذكريات العظمة والعظماء الذين غيروا التاريخ وأنقذوا الإنسانية وصححوا مسارها وكانوا حلقة الوصل في تبديل ظلمات الأرض بأضواء السماء.

وأضاف الطيب- في كلمته خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف اليوم الاثنين- أن هذا النبي العالي القدر العظيم الجاه الذي يحتفل بمولده اليوم نحو مليار ونصف المليار من أتباعه في مشارق الأرض ومغاربها له في رقابنا نحن المؤمنين به وبسنته وتعاليمه وتوجيهاته أكثر من حق وأكثر من واجب، لأنه لم يكن عظيما في باب واحد من أبواب العظمة الإنسانية يشد الأنظار ويدهش العقول ولكنه كان مجمع العظمة في كل أبوابها التي تستوجب الاحترام والتوقير في كل عصر وقبيل.

وأضاف شيخ الأزهر أن الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم والمطالبة باستبعاد سنته الشريفة جملة وتفصيلا من دائرة التشريع والأحكام والاعتماد على القرآن الكريم وحده في كل ما يأتيه المسلم من عبادات ومعاملات وما لم نجده منصوص عليه في القرآن.

وتابع الدكتور أحمد الطيب أن هذه الدعوة أول ظهورها في الهند في بداية القرن العشرين وشاركت فيها شخصيات شهيرة هناك، منهم من انتهى به الأمر بإدعاء النبوة ومنهم من أدى اجتهاده إلى إنكار الأحاديث النبوية، وأن السنة ليست لها أي قيمة تشريعية في الإسلام، وأن القران وحده هو مصدر التشريع ولا مصدر سواه ضاربا عرض الحائط بما أجمع عليه المسلمون إلى ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاث أرباع الدين وأن سلخ القرآن عن السنة يضعه في مهب الريح ويفتح عليه أبواب العبث بآياته وأحكامه وتشريعاته.

ومضى شيخ الأزهر يقول «إنهم ضربوا بذلك مثلا الركن الثاني من أركان الإسلام وهو الصلاة، فمن المعلوم أن الصلاة ثابتة في القرآن لكن لا توجد آية واحدة يتبين منها المسلم كيف يصلي ولا كيفية الصلاة ولا عدد ركعاتها ولا عدد السجدات، ولذلك لا يمكن معرفتها إلا من السنة النبوية التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام».

وأضاف «حين طلب من أحد كبرائهم في مناظرة بإقامة الدليل على هيئات الصلاة من القرآن فقط حتى يتبعه المسلمون قال إن القرآن لم يأمرنا إلا بإقامة الصلاة أما كيفية أداء الصلاة فهو أمر متروك لرئيس الدولة يحدده بمشورة مستشاريه حسب الزمان والمكان، ولكم أن تتخيلوا وضع الصلاة في هذه الدعوات».

وقال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، إن «في هذا الاتجاه سار كثير من المقربين من أجهزة الاستعمار في الهند فأنكروا آيات الجهاد وأفتوا بحرمة التصدي للمستعمرين وأنكروا كل ما تنكره الثقافة الغربية ولو كان دينا وأثبتوا ما تثبته هذه الثقافة حتى لو جاء صادما للإسلام وإجماع المسلمين»، مضيفا «ثم ما لبثت الفتنة أن انتقلت إلى مصر وتعصب لها طبيب بسجن طره نشر مقالتين في مجلة المنار عام 1906 وعام 1907 بعنوان»الإسلام هو القرآن وحده«ولقيت فكرته دعما من بعض الكتاب المتربصين بالسنة النبوية وهؤلاء على اختلاف أماكنهم وأزمانهم وتباينات وأذواقهم يجمعهم قاسم مشترك واحد هو الشك والريبة في رواة الأحاديث والإغضاء من قيمة جهود علمية جبارة مضنية أفنى فيها علماء الأمة وجهابزتها أعمارا كاملة أراقوا فيها ماء أعينهم من أجل هدف واحد هو تمييز الصحيح من غير الصحيح من مرويات السنة».

وتابع الدكتور الطيب، «وذلك من خلال بحث دقيق متفرد وعجيب في تاريخ الرواة وسيرهم العلمية والخلقية ومنزلتهم في الصدق والضبط والأمانة ومن المعدل ومن المجروح حتى نشأ بين أيديهم من دقة التعقب والتقصي والتتبع علم مستقل يعرف عند العلماء بعلم الإسناد أو علم الرجال وهو علم لا نظير له عند غير المسلمين لا قديما ولا حديثا وقد شهد بذلك الأفذاذ من علماء أوروبا ممن توفروا على دراسة السنة النبوية حتى قال مستشرق الألماني إن الدنيا كلها لم تر ولن ترى أمة مثل المسلمين فقد دُرس بفضل علم الرجال الذي صمموه دُرس حياة نصف مليون».

ولفت شيخ الأزهر إلى أن المستشرق الإنجليزي الكبير مارجيريوس قال عن هذا العلم «رغم إن نظرية الإسناد عند علماء الحديث قد سببت كثيرا من المتاعب نظرا لما تطلبه البحث في توثيق كل راوي من رواة الحديث إلا أن قيمة نظرية الإسناد فيما يتعلق بدقة الحديث النبوي لا يمكن الشك فيها.. ومن حق المسلمين أن يفتخروا بعلم الحديث من علومهم».

وأضاف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، «أن هذا الكلام المنصف لم يصدر عن علماء الغرب رغم صعوبته على ألسنتهم ولم يصدر إلا بعد مكابدات في الدرس والبحث والتنقيب وبعد أن تبين لهم أن التاريخ لا يعرف شخصا آخر، نبيا أو زعيما أو بطلا غير النبي محمد صلى الله عليه وسلم، سجلت فيما يقول العلماء جميع وقائع حياته وجميع أفعاله وأقواله وأسفاره وأخلاقه وعاداته وخطوط وجهه وكيفية تكلمه ومشيه وأكله وشربه ونومه وتبسمه ونمط عشيرته في أهل بيته ومع أهل بيته ومع أصدقائه وأعدائه وغير ذلك مما حفلت به مراجع السير والتاريخ».

واختتم شيخ الأزهر كلمته قائلا: «بالعودة إلى رحاب صاحب هذه الذكرى، صلوات الله وسلامه عليه، لأسأل تساؤل تعجب ودهشة بالغة من أنبأ هذا النبي الكريم قبل 14 قرنا من الزمان أن أناسا ممن ينتسبون إليه يخرجون يوما من الأيام ينادون باستبعاد سنته والاكتفاء بها عن القرآن ليحذرنا من صنيعهم وهم لايزالون في كتم العدم وغياهب الظلمات».

وأضاف «أليس هذا دليلا من دلائل نبوته ومعجزة من معجزاته على مر الزمان.. سيادة الرئيس أكرر تهنئتي لسيادتكم وأسأل الله تعالى المزيد من العزم والتوفيق والسداد وأن يحقق الله على أيديكم أمال البلاد والعباد وكل عام وأنتم بخير».

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى