كلودين شولي اسم تخلده الذاكرة الوطنية، إلى جانب أحرار نحتوا أسماءهم بأحرف من ذهب لمَ قدموه من تضحيات ومواقف جليلة مساندة لكفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي الغاشم، فمن منا ينكر فضل فرانز فانون، ميشل مارتيني، شارلوت هارفاري، وباير شولي وزوجته كلودين..؟
لقد فارقتنا عشية احتفالنا بالذكرى الواحدة والستين لاندلاع ثورتنا المجيدة، وكأن الأقدار سبقتنا في التنويه بمواقفها ونضالها عندما فارقت الأرض التي أحبتها في هذا اليوم، فهي التي رفعت هامة التحدي وجهرت بمناصرة القضية العادلة وهكذا هم أحرار العالم شعارهم الحق وطائفتهم الإنسانية جمعاء.
ولدت كلودين سنة 1931 بمدينة لونجو أوت-مارن بفرنسا وقدمت إلى الجزائر سنة 1942 رفقة والديها، واستأنفت تعليمها على يد أندري ماندوز وهو أحد الفرنسيين الوافدين فيمن وفدوا على الجزائر سنة 1946 من أجل تحضير أطروحته حول القديس أغستين، غير أن صوت الضمير الحي نادى بأعماقه فانضم إلى صفوف الثوار الجزائريين.
وكان المجاهد والدكتور بيار شولي صديقا لأندري ماندوز، وفي أحد الأيام اِلتقت به كلودين بأعالي العاصمة الجزائرية وكان ذلك في 21 ديسمبر 1954، حيث كانت بصدد مناقشة مضمون العدد الأخير من مجلة ” كونسيونس ماغربين” وهناك حدث التعارف بينهما وبقيا على تواصل.
وكانت كلودين قد تأثرت كثيرا بمعاناة الشعب الجزائري فألفت كتابا تحت عنوان ” اختيار الجزائر صوتان وذاكرة ” تروي فيه تفاصيل كفاحه وصموده أمام همجية الاستعمار الفرنسي، وعن سبب التحاقها بالثورة الجزائرية.
وبعدما أنهت دراستها وانتهت إقامتها بالعاصمة يوم 6 جانفي 1955، سألها بيار شولي موافقة على البقاء إلى جانبه فقبلت، ثم تزوجها واِلتحقا سويا بالثورة الجزائرية وعن ذلك تقول كلودين:
” كنت نقابية وأحاول الدفاع عن مصالح الطلبة كما أدركت أن الفاتح نوفمبر كان حدثا استثنائيا أعطى معنى للنضال. لهذا وقفت إلى جانب بيار…”.
واِلتزم كل منهما بالمهام الثورية وعملا لصالح جبهة التحرير الوطنية، حيث اِهتم بيار بنقل المنشورات و إجلاء المناضلين المبحوث عنهم، وكانت زوجته كلودين هي ساعده الأيمن له، فتكفلت بنقل المجاهد عبان رمضان على متن سيارتها من العاصمة إلى البليدة، في ظروف جد صعبة غير مبالية بمصيرها إذا وقعت بين أيدي قوات الاحتلال الفرنسي، كما كانت تأوي المجاهدين و القادة التاريخيين للثورة في منزلها، وتزور الجرحى والمرضى، إضافة إلى نضالها السياسي المتمثل في تحرير مقالات صحفية تندد بمظالم الاستعمار، وتطالب بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره وبعدها تم نفيها من الجزائر، وصالت نضالها من تونس إلى أن نالت الجزائر اِستقلالها، فشاركت الشعب الجزائري احتفاله، وآثرت البقاء مع زوجها في الجزائر، حيث اِلتحقت غداة الاستقلال بالمعهد الوطني للأبحاث الزراعية لتعمل بعد ذلك كأستاذة بمعهد علم الاجتماع و باحثة في مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي يقول الأستاذ والكاتب الصحفي سليمان جوادي عن الثنائي كلودين وزوجها بيار : “…كنت أزورهما باستمرار وأدعوهما لحضور فعاليات ملتقى فرانس فانون، أدركت مدى حبهما للجزائر والجزائريين ومدى تفانيهما وإخلاصهما في عملهما واستعدادهما لتقديم شهادتهما حول كل ما عايشاه أثناء الثورة التحريرية المباركة وبعد الاستقلال