( طبيبٌ في سَكْرةِ الموتِ )
*************************
مالي أراني تستغيثُ نواظري
و الأرضُ تهذي في دموعِ محاجري
أين الحياةُ و قد هزمْتُ دروبَها
أين الذين منحتُهمْ من خاطري
الآن تغربُ في حياتي شمسُها
فالموتُ أقبلَ في جناحٍ طائرِ
والداء يسري في الضلوعِ و لا يرى
إلا طريحاً في فراشٍ حائرِ
لا يعرفُ الموتُ الطبيبَ من الورى
فالكلُّ في الميناءِ شعثُ مغادرِ
و الداءُ يغزو كلَّ أرضٍ غزوةً
لا قلبَ فيهِ و لا هديرَ مشاعرِ
كلُّ الذينَ تشدّقوا بعلومهمْ
أضْحَوا عبيداً للرذاذِ الجائرِ
فكأنّما قدْ أُغْشِيَتْ في ليلةٍ
كُلَّ العقولِ أمامَ داءٍ نادرِ
كنّا نقولُ لكلِّ فردٍ كي يرى
قد أعْلَنَتْ للناسِ كلُّ منابرِ
داءُ الكورونا لا نراه بعيننا
لكنّه داءٌ يحومُ كغادرِ
لا حلَّ إلا أن نراه بعقلِنا
فالجهلُ أكبرُ خنجرٍ لمقامِرِ
يا ناسُ إنّي قد قُتِلْتُ بجهلِكمْ
فلتستفيقوا قبلَ يومٍ كاسرِ
لو تشعُرونَ بما أقاسي لحظةً
لشحذتمُ الأذهانَ نحو مخاطري
الآن موتي قد يكون حياتُكمْ
إن تلزموا كلَّ البيوتِ بباكرِ
لو أدركَ الإنسان نِعمةَ صحةٍ
لتعبَّدَ الأعوامَ سجدةَ شاكرِ
الروح تصعدُ للإله و ها أنا
أُمسِي شهيداً في رداءٍ طاهرِ