شاعر الطبقة الأولى، وأحد أمراء بني بكر بن وائل الشباب وأشجعهم وأجرأهم، هجى الملك عمرو بن هند وقتله هجاؤه عن غيلة لا عن مواجهة.
عاش في بيئة شعراء وتجرع الشعر أبًا عن جد، عاش يتيمًا في صحبة خاله المتلمس العبدي وعماه المرقشان فطاحلة الشعر في عصرهم لكنه برز متفردًا بشعره وحكمته عليهم في ظل ظلم أهله له.
ولد في واحة الأحساء وبحسب النصب الذي وضعته الجهة الموثقة لتتبع مولده
عام 543 ميلاديًا، جوار جبل القارة، وكان حوض الخليج مرابعه بامتداد الساحل الشرقي من الجزيرة العربية حتى اليمامة غربًا، وباتساع تلك المساحة من البصرة شمالًا حتى عمان جنوبًا وبما يسمى بإقليم البحرين التاريخي.
هو الشاعر المثقف الذي يملك فلسفة شعرية متقدمة، ارتكزت في مثلث المرأة والفروسية والخمر، وضمن القيم الإنسانية العليا لديه كانت الأمانة والصدق والإقدام حيث قيل عنه حامل حتفه بيده، من خلال نقله لرسالة موته المقدمة من الملك عمرو بن هند إلى المكعبر عامله على البحرين وعمان وقيل أنه سجنه ولم يقتله لكن الملك بعث من يقتله.
كان مضمون الرسالة:
إذا أتاك كتابي هذا من المتلمس فاقطع يديه ورجديه وادفنه حيا.
وهي الرسالة التي فتحها المتلمس وقرأها لشعوره بالغيلة حتى القاها في النهر، وحذر طرفة مما يحمله إلا أن أمانة طرفة قادته لحتفه عام 569 ميلاديا.
كان ظلم ذوي القربى الاغتراب أثرًا جعل من معلقته ضاربة تاريخ العرب والذي وسم فيها الأخلاق والحكمة وتوحيد الله، وحفظ تراث العرب بما ذكر من صناعة وملاحة وأدوات حرفية، وأعطى دلالات شعرية قرينة بأنه موحد لله سبحانه في ذات المعلقة.
اشتهر من أخباره خلافه مع أخيه معبد وابن عمه مالك، وقصة ضياع الإبل بسبب شروده وتفكيره العميق في مشاكله التي قادته لإهمال ما كان يرعاه إن صدق القول.
رثته أخته الخرنق نظير وصاياه التي أودعها مصاغة في شعره، وسطر مثالاً للفخر وعزة النفس، رجاحة العقل واختياره الدقيق للمفردات التي حاكت شعوره بتجربته ومشاعره بإلقائه الذي ثبت في المسامع فكتب المدونون شعره وعلقوه على أستار الكعبة.
تعد معلقته هي الأكثر طولًا والأدق وصفًا وينطبق عليها مسمى القصيدة الموسوعية حيث ذكر أكثر من ثلاثين بيتًا في وصف الناقة وجمالها ومشيتها وتفاصيل تجسيمها وتشبيه المحبوبة بعدد من أوصافها.
جعل من برقة ثهمد موطن محبوبته خولة الكلبية من بني مالك والتي خلدها التاريخ بهذه المعلقة وقد تكون حسب الوصف خيالًا من غير واقع والذي قاد النقاد لتتبع غوايته ناحية مرابع اليمامة حيث يسرح بالنياق ويعربد منغمسًا بهمومه.
بعض انعكاسات أبياته تلمح لإيمانه بالقضاء والقدر والموت والحياة لذا يعطي أثر العيش بكرامة وفق ما كان عليه في تلك الأزمان.
تلك المصائد اللفظية الخالدة -قرائن البوح- ماهي إلا بواطن يؤمن بها طرفة قادت الأجيال التي بعده تتعايش وفق عقائدها تلك القلائد من استقعادات لغوية حتى يومنا الحاضر.
الوشم على ظاهر اليد، حباب الماء، الترب المفايل المقسوم باليد… ألخ إشارات للحرف اليدوية التي كانت في تلك الحقبة الزمنية والعجيب أن الكثير يصوره أنه فقط يهيم في الصحراء، وكأنه لم ينعم بالواحة والمياه وجمال الطبيعة وأناقته ورونقه في اللباس كأمير شاب عزيز في نفسه وقومه وحيثما يذهب ثمة لون الحياة والخضرة والأعشاب والنباتات العطرية الزاكية.
وأعلاه تتناسب مع عام الحرف اليدوية التي أضفت على ظلال الإنسان السعودي ابن الجزيرة العربية عمومًا، وإنسان الأحساء عجيبة الطبيعة وجنة الله بصفة خاصة.
وعن أم المؤمنين عائشة أنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفة ويأتيك من لم تزود بالأخبار.
فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون