_ ماريا بوشالمة
_ الجزائر _ العاصمة
[email protected]
_ خاطرة
_ عالمي الطفولي
عِندمَا كنتُ طفلةً في سنّ الرابعة .. كانَ أبي يسْألني : ماري أين الله ؟ فأجيبهُ و أنا أشيرُ بأصبعي الصّغير …في السّماء بابا ..في السّماااء ..?
و لمّا أصبحتُ في سنّ الخَامسة كنتُ أسْرح بِخيالي و أنا أنظرُ إلى البدرِ ليلاً …كُنتُ أظنّ أنّ جدتي خبأت البِندير الذي تُقيم بهِ أفراحَنا العائلِية هناك …وأن القمرَ مصنوعٌ مِن جلدِ الغنمِ …لَطالمَا حاولتُ الصُعود إلى أعلى طابقٍ للوصولِ إليه ..لكنني لمْ أُفلح في ذلك ..
أمّا النّجوم .. فصَنعتُ مِنها قَلائدَ و أقراطَ متلألئة و رسَمت بها لوحاتٍ لورودٍ و أزهارَ و أنا أربط نجمةً بنجمهْ و أنا مستلقيه على سريري ببيجاماتي الوَردية و بابُ غُرفتي مفتوحٌ في سهراتٍ صيفيةٍ ناعِمة ..
و عندمَا يأخدني جدّي في نزهةٍ كُنت أطلبُ مِنه أنْ يَدفعني مِن أُرجوحتي عالياً حتى أستطيع التّحليقَ و لمسَ الغُيوم و تذوقَ قطعةٍ منها ..كانتْ بِظني مصنوعةٌ مِن غزلِ البناتِ اللذيذ .. أمٌا الشمسُ فكنت أبتسم لها و أشكُرها على الفيتامين ” د ” الذي قالت لنا المعلمة أنها هي من تُزودنا بِه ..وكنت أتخيلُ أنها ترد لي تحيّتي و هي جالسةٌ على عرشها الملكي …حاملةً مروحة تروِح بها عن حرّها و تتفاخرُ بِحليها و أحمرِ شِفاهَها الأحمرِ الجميل ..
وعندما يحلّ فصلُ الشِتاء ..كنتُ أستمتع بصوتِ الرعود و هي تدَوّي كمدافع في السّماء .. كنتُ أظن أنّ خيولاً عملاقة بيضاء لها أجنحة كبيرة تجري و تسابقُ الريحَ ما بينَ الغُيوم …و أنّ البرقَ سِلاحها لمحاربة الأشرارْ ..و أنّ المطرَ يمرّ عبر ثقوب كسكاسٍ كبير قبل أن ينزل إلينا ..
كنت أظن أيضًا أنّ الطمينة هي مزيجٌ بينً رِمال الصّحراء الذهبية مع زبدةٍ و عسلْ …وأنّ البحرَ هو سماءٌ ثانية في الأرض و أنّ ماءَه صَنعه أحدٌ ما بإضافة كليلوغرامات من الملحِ في جوفه ..
أما في فصلِ الربيع فكُنت أُوشْوشُ إلى الفَراشاتِ بأُمنياتٍ بريئةٍ و غريبة ظنًا مِني بأنها ستوصلها إلى الله .. و أنها ستتحقق ..أضحك كلما تذكرتها الآن هههه
كنتُ أتسامرُ معَ دُميتي الباغبي كلّ ليلةٍ و أحكي لها عن أسراري الطفولية و ذكرياتي الجميلة .. عن حبي للفتَى الأسمرِ الجديد في حيّنا ..و عن إهدائه إياي قريصة صفراء مع إبتسامة ساحرة ..و كيف بكيتُ خجلاً يومها و شكوتُه إلى مامَا …كنتُ أنتظر لدقائقَ ردًا مِنها لكنها كانتْ دُميةً بَكماء لا تتكلمُ سِوى بكلمة واحدة …أحِبك … أيْ لاف يُو …أسْتمعُ إليها حتىّ أسْتسلِم لنعاس حُلوٍ جميل و أنامَ على غَيمةٍ بيضاءَ قُطنية .. لِأسافر بها إلى عَالمي الوَردِيّ السّاحرْ .