قصة قصيرة.. للكاتب .. أشرف فرج.. من كتاب”خدعني الفيس”
هاتف: 01003405769 ــــ 01222821531
فيس بوك:
إيميل:
البلد:مصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنوان القصة.. ــــــــ “عم سيد”
فى بقعة شعبية من أرض هذا الوطن نجد نموذجا لرجل مصرى تربى على تقاليد وأعراف وأصول هذا البلد، وقد ورث أولاده أيضاً كل ما تعلمه وتربى عليه، هذا الرجل هو “عم سيد” الرجل المصرى البسيط.. البالغ من العمر 65 عاما،ً وهو الآن بالمعاش، وكان متعود يصحى كل يوم الصبح حوالى الساعة السادسة، ولما بيصحى أول حاجة بيعملها يتوضأ ويصلى ركعتين لله، وأحيانا زوجته “أم أحمد” بتصحى معاه تقول له مش عاوز حاجة ياحاج، يقول لها ربنا يخليكى نامى إنتى وهى مطيعة وبتسمع الكلام لأنها ست طيبة جداً، بتحب جوزها وعيالها الأربعة ثلاث بنات وولد، اللى بيجرى عليهم” عم سيد”، عشان يعيشهم فى أحسن عيشة، ابنه ” أحمد” هو الأكبر عنده 35 سنة شغال موظف بسيط على أد حاله، نفسه يتجوز ويعيش حياته مثل أى شاب، لكن ظروف الحياة صعبة، بيعافر مع الحياة، ولكن يا دوب المرتب اللى بياخده بيصرف جزء على نفسه والجزء التانى بيساعد بيه أبوه فى البيت، وكمان بيصرف على إخواته البنات واحدة فى الجامعة واتنين خلصوا تعليم وقاعدين فى البيت، ” عم سيد” نفسه يجوز بناته، لكنه منتظر ابن الحلال اللى ييجى ويعرف يحافظ عليهم لأنهن على خلق ودين وملتزمات جداً، وكل واحدة منهن لابسه الحجاب من الابتدائية، أصل ” عم سيد”رجل بيعرف ربنا، وعرف يربى ولاده على الدين والخلق الطيب،” عم سيد”متعود لما بينزل من بيته يعدى على عم “محمد” بتاع الفول اللى واقف على ناصية الشارع بعربية صغيرة، وياخد من عنده سندوتشين فول ويقعد على القهوة مع “عم حمزة” يشرب كوباية شاى بحليب ويفطر، وبعد كده يروح على شغله، وطول عمره ملتزم فى مواعيد عمله، وكان محبوباً فى عمله جداً، أول لما بيروح شغله بيسلم على كل الناس اللى هناك، ولما حد كان بيتعب من زملائه كان بيروح يزوره، لأن “عم سيد”رجل بيفهم فى الأصول جداً، والشىء ده كان محبب الناس فيه قوى ، وهو كمان كان لما بيتعب أو يغيب يوم عن الشغل معظم زملائه كانوا بيروحوا البيت ويسألوا عنه، حتى بعد ما خرج على المعاش وده كله كان ردا لجمايله عليهم، ” عم سيد” أصله كان مجامل قوى لمعظم أصحابه، لأنه كان بيعامل الناس من غير هدف، كان بيعاملهم بحب من جواه .. بيعاملهم بالحسنى .. ومش منتظر حاجة من حد، فى يوم من الأيام “عم سيد” نزل بدرى مش عارف يروح فين ولا ييجى منين ما هو على المعاش وفاضى ومعندوش حاجة يعملها، نزل الشارع وقال يمكن ألاقى “عم حمزة” أقعد معاه شوية على القهوة ونتسلى بدل الجلوس فى البيت والملل اللى أنا بقيت فيه، بعد ما بقيت على المعاش، لكن للأسف فوجىء بأن “عم حمزة” توفى، وعرف الخبر ده عندما سأل بعض الناس على “عم حمزة” فى القهوة وتأثر جداً والدموع نزلت من عينيه وحس ساعتها إنه خلاص هو كمان أجله قرب، والكل راجع إلى الله عز وجل وجلس على القهوة حزينا ومتأثرا وطلب فنجان قهوة بدل الشاى بحليب.. وحس إنه عاوز يركز فى شىء ويسرح فيه لكن هو إيه مش عارف، “عم سيد”وهو جالس يشرب القهوة دمعت عيناه وفضل يبكى وجاله “شوقى” القهوجى، وقال له: مالك يا “عم سيد” بتبكى ليه، رد عليه وقال له: “عم حمزة” كان عزيز عليا وكان رجل طيب وأنا مصدقت لقيت واحد فى نفس ظروفى على المعاش وهيآنس قعدتى على القهوة فترة الصبح بدل ما اقعد لوحدى، “شوقى القهوجى” قال له معلش يا ” عم سيد”كلنا لها وادعيله ربنا يرحمه لأنك رجل طيب وربنا هيقبل منك الدعوة، “عم سيد” نظر فى وش شوقى وقال له: ربنا يرحمه ويرحمنا احنا كمان، “شوقى” حط إيده على كتف “عم سيد” وطبطب عليه وباس راسه وقال له والله انت رجل طيب يا “عم سيد”وأنا بحبك زى أبويا الله يرحمه، “عم سيد” قام بضم “شوقى” فى حضنه، وقال له: ربنا يكرمك ياشوقى أنت طيب وابن حلال وتستاهل كل خير خلى بالك من نفسك يابنى أديك شايف حال الدنيا، وأوعى يا شوقى تزعل حد منك وأوعى تعمل شىء يغضب ربنا علشان ربنا يكرمك فى حياتك وبعد ما تموت الناس تفتكرك فى الخير، “شوقى” الدموع نزلت من عينيه وساب “عم سيد” يشرب القهوة وراح يشوف زباينه، “عم سيد” بعد ما شرب القهوة حاسب عليها وشوقى ماكنش عاوز يأخذ منه فلوس، لكن”عم سيد” قال له: خد وماتزعلنيش منك يا شوقى، ومشى”عم سيد” ومش عارف رجليه هتوديه فين وكانت الساعة وصلت تقريباً العاشرة صباحاً، وفجأة لقى “عم سيد” واحد يينادى عليه وبيقول: يا حاج يا حاج “عم سيد” نظر حواليه لقى رجل راكب عربية فخمة بينادى عليه نظر إليه، وقال: فى ذهنه ياترى عاوز إيه ده منى رجعله “عم سيد” وقال له: نعم يا بيه عاوز حاجة، الرجل اللى جوه العربية قال له: أنت منين يا حاج، قال له: “عم سيد” ليه يابيه بتسأل، قال الرجل: معلش ما تزعلش من سؤالى يا حاج رد عليه “عم سيد”وقال له: وهزعل ليه يا بيه ولايهمك على العموم أنا من “بولاق الدكرور” قال له: اسمك إيه قال له: “سيد”، قال له: “عم سيد” أنا قاعد فى عربيتى من الساعة السابعة صباحاً ونفسيتى تعبانة أوى أنا رجل أعمال مشهور وليا اسمى فى السوق وعندى مشاكل كتيرة فى حياتى مش عارف أعمل إيه، رد عليه ” عم سيد”وقال له: ربنا يعينك طب أنا أقدر أساعدك فى حاجة يا بيه، رد عليه الرجل وقال له: ممكن تعتبرنى زى ابنك وتتكلم معايا، أنا توسمت فيك الخير مش عارف ليه، رد “عم سيد”وقال له: يا بيه أنا فين وأنت فين أنا رجل بسيط وغلبان بقى معقولة هتقعد معايا وتحكيلى عن اللى جواك، قال له: وإيه المانع بس معلش اسمك لحسن نسيت قال له: “سيد” يا بيه “سيد”، قال له: معلش يا “عم سيد” متأخذنيش إنى لحقت أنسى اسمك أتفضل إركب يا “عم سيد”معايا نروح أى مكان نقعد فيه ونتكلم، “عم سيد”حس بخوف وكان متردد يركب العربية مع الرجل الغريب اللى مش عارفه، وفضل واقف ينظر على باب العربية ومستغرب، رد الرجل وقال له: إركب يا “عم سيد”ما تخافش أنا بقولك اعتبرنى ابنك وأنا حاسس إنك فى مقام والدى، “عم سيد”بدأ يحس بالأمان وفتح باب العربية وركب وأول لما ركب العربية قال: بسم الله ما شاء الله ربنا يزيدك يا بيه من نعيمه وينعم عليك بالحلال، نظر له الرجل وقال له: أنا اسمى “”باسم””يا حاج قال له: ربنا ينعم عليك يا ” باسم”بيه إنت شكلك ابن ناس أوى ومن الأكابر، رد عليه ” باسم”وقال له: الأكابر يا عم سيد مش مرتاحين رغم إن معاهم ملايين، لكن للأسف فى فترة من الزمن اكتشفت إن الفلوس مش كل حاجة فى الدنيا وإن فيه حاجات كتيرة أهم من جمع الأموال وشيلها فى البنوك وطلع “باسم” بالعربية، وقال له: “عم سيد” تحب تروح فين يا “عم سيد”، رد عليه “عم سيد” وقال له: نروح مكان يجمعنا فى محبة الله نظر له ” باسم”، وقال له: مش فاهم يا “عم سيد”تقصد إيه، رد “عم سيد” وقال له: نقعد فى مسجد والمسجد ده بيت الله وده أحسن مكان ممكن نتكلم فيه وتفضفض وتقول اللى جواك لربنا، “باسم” قال له: تفتكر فيه مساجد فاتحة دلوقتى يا “عم سيد” اعتقد لسه بدرى، رد “عم سيد”وقال له مساجد الله إذا نويت الدخول لها بنية صافية هتلاقى كل الببان مفتوحة يا “باسم” يا بنى، رد “باسم” وقال له: تيجى نروح مسجد الأزهر، رد “عم سيد” وقال له ياريت وكانت الساعة تقريبا اقتربت الحادية عشرة صباحاً وفعلاً راحوا مسجد الأزهر، ولما “باسم”وصل ملقاش مكان يركن فيه العربية الفخمة بتاعته، وسأل “عم سيد” ياترى إركن فين يا “عم سيد”،رد عليه وقال له: إن شاء الله ربنا هيسهلها اطلع شوية قدام كده يمكن تلاقى مكان فاضى طلع فعلا، “باسم”وفضل ماشى لحد ما لقى أمامه ساحة انتظار سيارات ودخل فيها وركن عربيته، ونزل من العربية ونظر لـــ”عم سيد” وقال له: أنت رجل بركة يا “عم سيد”، رد عليه “عم سيد” وقال له: الله يباركلك يابنى هو كل ما فى الأمر إننا محتاجين نقرب لربنا شوية وهو هيكرمنا فى كل حاجة، قال له: والله يا “عم سيد” فعلا الدنيا والمال والشهرة بتأخذك من كل حاجة حتى من ربنا، وفضل ماشى “عم سيد”مع ” باسم” حتى وصل المسجد الأزهر، وخلع “عم سيد”حزاءه ودخل برجله اليمنى و”باسم” وقف ثوانى، نظر له ” عم سيد”، وقال له: أدخل يا بنى إن الله غفور رحيم متخافش من ربنا وقرب علشان ربنا يقربلك، خلع “باسم”حزاءه ودخل برجله الشمال، “عم سيد” نظر له قوى واستغرب وقال له: لما تدخل بعد كده المسجد إبقى أدخل برجلك اليمين يابنى، رد “باسم” وقال له: حاضر يا”عم سيد”.. “عم سيد” نظر فى وش ” باسم”وقال له :شوفت بقى يا “باسم” ربنا فتحلك بابه إزاى والمسجد مفتوح ضحك “باسم”وأخذ “عم سيد” فى حضنه، وقال له: أنت ربنا بعتك ليا نجدة يا “عم سيد” وأنت رجل صالح وتستاهل كل خير، رد “عم سيد” وقال له: ربنا يهديك يا بنى ويجعلنى سبب هدايتك قال له: إن شاء الله يا “عم سيد”، نظر “عم سيد” لـــ”باسم” وقال له: تعالى نروح نتوضأ ونصلى ركعتين لله تحية المسجد، “باسم” نظر له وقال له: “عم سيد” عاوز أقولك حاجة ومكسوف منك رد “عم سيد” وقال له: قول يا بنى أنا زى أبوك ما تتكسفش منى، رد “باسم” وقال له: أنا مبعرفش أتوضأ “عم سيد” ضرب كف على كف، وقال: سبحان الله وسأل “باسم” وقال له إنت مسلم يا “باسم” قال له: طبعا يا “عم سيد” الحمد لله إنت عندك شك فى ده، قال له: وإزاى مبتعرفش تتوضأ؟ قال له: يا “عم سيد” عيشة الأغنياء ما بتفكرش فى أمور كثيرة وكل همهم البزنس وبس، قال له: “عم سيد” يابنى ما فيه ناس منهم بتصلى وبتاعت ربنا، قال له: معلش يا “عم سيد” علمنى بقى إزاى أتوضأ قال له: حاضر تعالى يا بنى وفعلا “عم سيد” علمه إزاى يتوضا، وبعد الوضوء وقف “باسم” مش عارف يعمل إيه، “عم سيد” خده من إيده وقال له: يللا صلى ركعتين لله وأنا هصلى وبعدها نتكلم، وسأل “باسم” وقال له: بتعرف تصلى ولا أعلمك ازاى ؟ رد “باسم” وقال له: لا يا”عم سيد” أنا عندى معلومات عن الصلاة، رد عليه “عم سيد” وقال له هى صلاة ربنا بقت معلومات من غير فعل، قال له: معلش يا”عم سيد”، قال له: طب صلى وبعد ما صلى”عم سيد” وصلى”باسم” جلس “عم سيد” فى ركن ونادى لـــ”باسم” وقال له: تعالى يابنى قرب منى وقرب”باسم” وقال له عارف يا “عم سيد” أنا حاسس إن فيه شىء جوايا غريب أوى بس مش عارف إيه هو بعد ماصليت الركعتين، حاسس إن فى نور أمامى ونور بداخلى وحاسس إنى بحب ربنا أوى، قال له: “عم سيد” كان لازم تعمل ده من زمان وتقرب لربنا يابنى علشان ربنا يكرمك فى حياتك وما تشلش هم أى شىء وتكون حزين زى ما أنا شايفك رد “باسم” وقال له: غصب عنى يا “عم سيد” أنا اتولدت لقيت فى بقى معلقة ذهب وأبويا رجل أعمال كبير وعنده أملاك وكنت مرفه من صغرى وأنا عندى دلوقتى 30 سنة ما تجوزتش بسبب البزنس ومشاغل الحياة أخذتنى من كل حاجة، وكان كل همى أن أجمع فلوس إزاى معرفش بأى طريقة وبأى وسيلة والناس الغلابة اللى زيك وزى غيرك يا “عم سيد” هما اللى بيدفعوا الثمن وهما الضحية، وأنا واحد من الناس اللى بينهب حقهم فى حاجات كتيرة، وبيبيع ليهم حاجات أحيانا مش بتفيدهم وبتضرهم وللأسف مش لوحدى اللى بعمل كده، ده معظم رجال الأعمال ورجال كبار فى البلد كده يا عم سيد ما بيعرفوش يعنى إيه رجل فقير وغلبان، ما بيعرفوش يعنى إيه فقر لأنهم عايشين فى غناء فاحش ولا يعرفون حتى ربنا أحيانا، يا “عم سيد” كانت فى حاجات كتير لصالح ناس غلابة وكنت بستولى عليها علشان أكبر فى السوق ورصيدى يكبر وكل ده والدى هو اللى علمهولى من صغرى، علمنى إزاى أدوس على اللى تحت منى علشان أوصل وأكون فوق.. فوق أوى، لكن للأسف حسيت فى فترة إنى مخنوق ومش عارف أعمل إيه وسألت نفسى ياترى بعد كل المال اللى جمعته ده وكل الثروة اللى عندى هروح بيها فين، فى الآخر كلنا هنموت وهنسيب كل حاجة، خصوصا إن عمى لسه متوفى من كام يوم ووفاته أثرت فيا أوى يا”عم سيد” وترك كل أمواله لزوجته لأنه كان ما بيخلفش، وعنده ثروة كبيرة وما حدش استمتع بيها ولم يأخذ حاجة من الدنيا غير كفنه ولما مات فكرت كويس، وقلت أنا كمان هكون زيه كده فى يوم من الأيام، وربنا هياخذ روحى برضه بدأت أصحى من النوم اللى كنت نايم فيه، والحلم اللى كنت بحلمه إنى أوصل لأعلى مرتبة وأكون مشهور أكثر فأكثر، لكن للأسف عمى أخد إيه ولا حاجة وأنا هكون زيه برضه وغيره وغيره هيكون زيه كلنا هنموت يا”عم سيد” صح ولا ..رد “عم سيد” وقال له: صح يابنى “عم سيد” نظر فى عين “باسم”، وقال له كمل يابنى أنا سامعك، رد “باسم” وقال له: يا”عم سيد” أنا جوايا كتير أوى بس مش عارف أعمل إيه ياترى فكرك ربنا هيسامحنى يا “عم سيد” على كل حاجة عملتها؟ رد عليه “عم سيد” وقال له: إن الله غفور رحيم يا “باسم” وربنا بيقبل توبة العبد إذا تقرب العبد له وطلب منه الرحمة والمغفرة وإنت يا “باسم” النهارده فى بيت ربنا وجيت تفتح صفحة جديدة لعل وعسى يهديك إلى طريق الخير وتكون أيامك كلها خير وبركة، يا “باسم” قوم يابنى الظهر أذن تعالى نصلى الظهر ونتكلم بعدها وبعد ما انتهى “عم سيد” و”باسم” من الصلاة خرجوا من المسجد ووقف “عم سيد” أمام “باسم” وقال له: أنا تعبت ومحتاج أروح يا بنى لأن “أم أحمد” كده هتقلق عليا، “باسم” نظر لـــ”عم سيد” وقال له: مين “أم أحمد” دى يا “عم سيد” قال له: دى زوجتى وأم عيالى يابنى عقبال ما ربنا يديلك زوجة زيها كده وتكون بركة وطيبة وصالحة زيها قال له: يارب يا”عم سيد” فعلا نفسى ربنا يدينى زوجة تكون بنت حلال وما تكنش غنية لأنى زهقت من بنات الأغنياء، وزهقت من العادات والتقاليد وعايز أغير كل حياتى يا”عم سيد” وأكون إنسان تانى، رد “عم سيد” وقال له: قرب لربنا يابنى وصلى وما تفوتش فرض ربنا علشان ربنا يكرمك فى حياتك وزكى على الفقراء واعمل خير كتير وعوض اللى إنت أخذته من الغلابة وأعطيهم مما أعطاك الله، رد “باسم” وقال له: إزاى يا “عم سيد” قال له: حسب اللى يطلع من ذمتك وضميرك يابنى شوف إنت أخذت منهم إيه ورجعه تانى وأكيد ربنا هيعوضك أكتر من اللى أخذته، رد “باسم” وقال له: حاضر يا”عم سيد” إنت فعلا ربنا بعتك ليا نجدة وأنا هغير من نفسى إن شاء الله، وأنا من النهارده فعلا بقيت إنسان جديد على إيدك وظل الحديث مستمرا حتى وصلوا للسيارة وركبوا وأول ما “عم سيد” ركب السيارة “باسم” قال له: تسمح لى أوصلك لحد البيت يا”عم سيد” وتسمح لى آجى معاك وأشوف إنت عايش فين، رد عليه “عم سيد” وقال له: تفتكر إنك ممكن تدخل بيت رجل غلبان زى حالاتى وتقعد فيه يابنى، رد “باسم” وقال له: “عم سيد” أنا إنسان مخلوق من تراب وهرجع للتراب أنا النهارده بتولد من جديد على إيدك علشان أكون إنسان تانى إنسان بمعنى الكلمة، ورجل ابن بلد وشهم عاوز أتعلم كل حاجة على إيدك يا”عم سيد”، قال له: براحتك اتفضل يابنى اطلع على “بولاق الدكرور” قريبة من المكان اللى إنت أخذتنى منه وأنا هوصفلك وإحنا هناك مكان البيت حتى عشان متهش فى الطريق، وفى خلال ربع ساعة بالعربية الفخمة كان “عم سيد” فى بيته، لما وصل البيت “عم سيد” قال: لـــ”باسم” أنا يابنى كنت بروح بيتى فى ساعة ونصف كل يوم من زحمة المواصلات وشوف النهارده سبحان الله روحتنى فى أقل من نصف ساعة، رد “باسم” وقال له: أنا من النهارده تحت أمرك فى أى حاجة يا”عم سيد”، رد “عم سيد” وقال له: يابنى الأمر لله وحده وربنا يقدرنى وأقدر آخد بإيدك إلى طريق الخير اتفضل يابنى إنزل ده بيتى المتواضع اتفضل، ودخل البيت “باسم” ووقف على السلم و”عم سيد” قال له: استنى يابنى لما أدى “أم أحمد” خبر إن فى ضيف معايا قال له: براحتك يا “عم سيد”، دخل “عم سيد” وقال لــ”أم أحمد” أنا معايا ضيف يا “أم أحمد” وهنقعد شوية وعاوزك تقومى بالواجب، ردت “أم أحمد” وقالت: مين يا حاج ! قال لها هقولك بعدين.. ردت “أم أحمد” وقالت له: حاضر يا حاج، “عم سيد” طلع على السلم ونادى على “باسم”، وقال له: تعالى يا “باسم” يابنى أدخل، دخل “باسم” وفضل ينظر على كل مكان فى شقة “عم سيد” اللى كلها على بعضها حجرتين وصالة “عم سيد” و”أم أحمد” بيناموا فى حجرة و”أحمد” بينام فى الصالة على الكنبة والبنات بتنام فى الحجرة الثانية، والباقى مطبخ وحمام، “باسم” قال له: عيشتك بسيطة جداً يا “عم سيد”، رد “عم سيد” قال له: الحمد لله يابنى دى أكبر نعمة من ربنا عليا، رد “باسم” وقال له: هى البساطة دى نعمة ياعم يا سيد، قال له طبعا يابنى ودى أكبر نعمة من ربنا لأن الناس اللى معاها فلوس هتتحاسب جابتها منين وصرفتها فين، لكن أنا رجل غلبان على قد حالى، رد “باسم” وقال له: ربنا يكرمك يا “عم سيد” إنت رمز للأصالة والطيبة ورمز للرجل المصرى البسيط اللى بيحمد ربنا على كل حاجة ونادى “عم سيد” على “أم أحمد” من المطبخ وقال لها تعالى سلمى على الأستاذ “باسم” يا “أم أحمد” لفت الطرحة على رأسها وطلعت، وقالت: إزيك يا ابنى، رد عليها “باسم” وقال لها: الله طالعة من فمك جميلة ابنى دى يا “أم أحمد”، نظرت لأبو “أحمد” واتكسفت من الرجل الغريب اللى حست إنه بيغازلها فى كلامه، رد “عم سيد” وقال لها: “باسم” يا “أم أحمد” من الناس الطيبين وابن ناس ورجل أعمال كبير وصاحب مركز فى البلد وعايزك تقومى معاه بأحسن واجب لأنه ضيفنا النهارده، ردت “أم أحمد” وقالت: عينيا يا “أبو أحمد” انت تأمرنى، قال لها: “عم سيد” الأمر لله وحده جريت على المطبخ “أم أحمد” ومش عارفة تعمل إيه لـ “باسم” ومحتارة تقدم له إيه وفضلت تسأل نفسها يا ترى الكوبيات اللى عندنا ينفع أقدم له فيها حاجة ولا أعمل إيه، ده شكله بيه كبير وإحنا على أد حالنا الست الطيبة سابتها على الله ودخلت تجرى على حجرة البنات، وقالت: للبنات ولادها أبوكم جايب واحد صاحبة بره زى القمر، رجل بيه كده ومالى مركزه، ردت ابنتها ” عبير” الكبيرة، وقالت لها مين ده ياماما، ردت وقالت: والله ما عرف ده لسه جاى مع أبوكم وبيقول اسمه “باسم” وابن ناس أكابر ورجل أعمال، “أم أحمد” نظرت لـــ ” عبير” ابنتها وقالت: ما تيجى يا “عبير” تسلمى عليه وتعملى معايا حاجة فى المطبخ، “عبير” نظرت فى الأرض، وقالت: لا يا ماما أنا اتكسف أطلع على رجل غريب معرفوش، ردت “أم أحمد” وقالت: أكيد يا “عبير” ده رجل كويس ومحترم ولو مش محترم ماكنش أبوكى دخله البيت ردت “عبير” وقالت: حاضر يا ماما اللى انتى عايزاه هعمله، وقبلت يد أمها، ولبست عباية وعليها طرحة وخرجت ووشها فى الأرض، “عم سيد” نادى عليها وهى خارجة وقال لها: تعالى سلمى يا “عبير” على الأستاذ “باسم” قالت: “عبير” حاضر يا بابا، “عبير” قربت لـــــ”باسم” ووشها فى الأرض وجسمها كله بيرتعش من الخوف والكسوف ومش عارفة تعمل إيه، لكن أوامر أمها وأبوها مطاعة لأنها تعلم طاعة الوالدين جيداَ، “باسم” نظر فى وشها وقال: ما شاء الله يا”عم سيد” ربنا يباركلك فيها وفى أولادك، رد “عم سيد” وقال له: ربنا يخليك يا “باسم” وقال له: دى بقى بنتى “عبير” وعندى “أسماء وشيماء” أصغر منها و”أحمد” الكبير قال له: ما شاء الله ربنا يخليك ليهم يا “عم سيد”، ورد “باسم” وقال له: ياترى فيه حد متجوز منهم يا”عم سيد”، رد عليه “عم سيد” وقال له: لا يابنى لسه ربنا لم يأذن حتى الآن، وأنا مش عاوز أدى بناتى لأى حد لأنهم متربيين على خلق ودين زى ما إنت شايف قال له: “باسم” ونعمة التربية يا”عم سيد” وعلشان كده ربنا مبارك لك فيهم، “أم أحمد” عملت عصير ليمون وقالت لــــ”عبير” دخلى العصير إنتى ردت “عبير” وقالت لها: أنا مكسوفة يا ماما أوى قالت: “أم أحمد” ما تتكسفيش يا “عبير” طالما أبوكى موجود يا بنتى جنبه، خرجت “عبير” من المطبخ وقدمت العصير لـ”باسم”، و”باسم” نظر فى وشها وجاله إحساس غريب إنه أول مرة يطمئن لبنت من أول نظرة بدأ يشعر بارتياح شديد تجاه “عبير”، جريت “عبير” على حجرتها وجلست على السرير تحكى لأسماء وشيماء عن “باسم” وتقول لهم ده زى القمر أنا مش عارفة بابا يعرفه منين، وأنا كنت خايفة جداً وأنا بقدم له العصير، ردت شيماء وقالت لــــ”عبير” مالك يا “بيرو” متلخبطة كده ومش على بعضك ليه، ردت “عبير” وقالت: عادى يابنتى مافيش حاجة أسماء قالت: لا يا “بيرو” شكلك بيقول إنك مش على بعضك ردت “عبير” وقالت: يا جماعة والله عادى مافيش حاجة، دخلت عليهم “أم أحمد” وقالت لـ”عبير” ربنا يرزقك يا بنتى ويكرمك ويديلك على قد نيتك إنتى وإخواتك يا رب، “عبير” أخدت أمها فى حضنها أوى وقالت لها: أنا بحبك أوى يا ماما ، ردت أمها وقالت: وأنا كمان يا بنتى بحبك وبحبكم كلكم ونفسى أفرح بيكم أوى وأشوفكم عرايس فى بيوتكم، قامت “عبير” نظرت فى عين مامتها وقالت لها يارب يا ماما وابتسمت ابتسامة رقيقة مثلها لأنها تتمتع بجمال فاتن ومتدينة هى وإخواتها وبيصلوا الفرض فى ميعاده، كما عودهم “عم سيد” عليها من صغرهم، الباب خبط “عم سيد” قال لـ”باسم” ده تلاقيه “أحمد” ابنى هو اللى على الباب ونادى على “أم أحمد” وقال لها: تعالى افتحى الباب يا “أم أحمد”، وفتحت الباب وفعلا “أحمد” اللى كان على الباب، وكان لسه جاى من شغله وسلم على أبوه وباس إيده وسلم على “باسم” و”عم سيد” قال له “أحمد” ابنى وقال لــ”أحمد” ده الأستاذ “باسم” صديقى يا “أحمد” قال له أهلا بيك يا أستاذ “باسم” قال له: أهلا بيك يا “أحمد” تركهم “أحمد” وقال لهم عن إذنكم أدخل أغير هدومى دخل “أحمد” يغير هدومه فى حجرة أبيه، وبعدها بشوية دخلت أمه وراه الحجرة وقالت: حمد الله على السلامة يا بنى قال لها:”أحمد” الله يسلمك يا ماما هو مين “باسم” اللى مع بابا ده، ردت أمه وقالت: ده يابنى واحد صاحب أبوك وأنا لسه معرفتش عنه حاجة!! غير إنه رجل أعمال وابن ناس بس، أبوك لما يخلص معاه هيحكلنا كل حاجة يا “أحمد” ما تستعجلش يا ابنى أحضرلك الغداء قال لها “أحمد” أنا هستنى بابا لما يخلص وآكل معه ولا هو تناول الغداء، ردت وقالت: لأ لسه يا بنى ، قال لها: طيب أنا هاخرج أقعد معاهم شوية، وخرج “أحمد” وقعد مع “باسم” وأبوه وقال لــــ”باسم” نورت بيتنا يا أستاذ “باسم”، رد “باسم” وقال له : مرسى جداً يا “أحمد” معلش إنى جيت بيتكم من غير ميعاد، رد “أحمد” وقال له: البيت بيتك يا أستاذ “باسم” وبابا عمره ما بيعرف حد وحش لأنه رجل طيب وربنا بيوقعه فى الناس الطيبة اللى زيه، رد “باسم” وقال له: فعلا يا “أحمد” أبوك رجل طيب جداً وربنا يكرمك بيه، رد “أحمد” وقال له الحمد لله ممكن بقى نعزمك على الغداء معانا ولا إحنا مش قد المقام، رد “باسم” وقال بالعكس أتمنى إنى أكون واحد منكم وآكل معاكم نادى “أحمد” على أمه وقال لها: حضرى الغداء لأن الأستاذ “باسم” هياكل معانا، وحضرت “أم أحمد” الأكل، وبعد الأكل قال “باسم” لـ”أم أحمد” أنا أول مرة فى حياتى أحس إنى أتناول طعام بحق، وأحس إن الأكل ليه طعم غير اللى أنا متعود عليه، ردت “أم أحمد”” وقالت بألف هنا وشفا يا بنى مع إنى ما كنتش عاملة حسابى فى الأكل وهى لقمة بسيطة، رد “باسم” وقال: لا بجد تسلم إيدك يا أحلى أم وربنا يخليكى لأولادك ولـ”عم سيد”، ردت “أم أحمد” وقالت شكراً يابنى وندهت على “عبير” تشيل الأكل من على الترابيزة البسيطة اللى كان عليها الأكل، وبعد ما غسل “باسم” إيده فى الحمام وخرج قال لــــ”عم سيد” أنا لازم أمشى دلوقتى يا “عم سيد”، وأنا عاوزك تشرفنى بكره إن شاء الله فى الشركة عندى أنت و”أحمد”، رد “عم سيد” وقال له: ما تخليها وقت تانى يا “باسم” رد “باسم” وقال له بلاش تكسفنى يا “عم سيد” وأكتب لى العنوان ورقم تليفونك يا “أحمد” علشان أبعتلك السواق بكره يجيبكم من البيت بالعربية، ابتسم “عم سيد”، وقال له: حاضر يا “باسم” ، وقال :”باسم” لـــ”أحمد” أكتبلى العنوان وأدينى رقم “عم سيد” قال: “عم سيد” معلش يا “باسم” أصل أنا ما بشلش تليفونات يابنى لأنى ماعنديش حد مهم يتصل بيا، ضحك “باسم” وقال له: إن شاء الله يكون عندك ناس مهمة يا “عم سيد” مش عاوز حاجة منى ؟ رد “عم سيد” قال له: عاوز سلامتك يا ابنى، وخرج “باسم” ونزل وركب عربيته واتجه لفيللته فى مدينة 6 أكتوبر وأول لما روح بيته أخد دش وغير هدومه ودخل نام وصحى من النوم على حلم غريب أوى، وفى الحلم شاف إنه بيحب بنت “عم سيد” “عبير” وإنه اتجوزها وخلف منها وكانت حياته سعيدة، وأول لما صحى من النوم فرح جداً بالحلم ده، وأول لما راح شركته بعت السواق بتاعه يجيب “عم سيد” من بيته، “عم سيد” فعلا راح الشركة، وأول لما دخل قال: بسم الله ما شاء الله و”أحمد” كان معاه، وقال لأبوه: ياه بقى “باسم” ده صاحب الشركة الفخمة دى يا بابا، رد “عم سيد” وقال له: آه يابنى ربنا يديله من نعيمه ويكرمه ودخل مكتب “باسم”، وقال له: أزيك يا “باسم” قام “باسم” من على الكرسى وحضن “عم سيد” وقبله وقبل “أحمد” وأخذه بالحضن وقال لهم: اتفضلوا وجلسوا أمامه وقال لـــ”عم سيد” أنا فرحان إنك شرفتنى يا “عم سيد” وقبلت دعوتى، وكان نفسى تكون إنت وأولادك كلهم مشرفينا النهارده، رد “عم سيد” وقال له: إن شاء الله يابنى، طلب “باسم” ساعى مكتبه يجيب كل اللى نفسهم فيه وبعد ما ضايفهم، قال: لــــ”عم سيد” أنا نفسى تقرب منى أوى يا “عم سيد” وتكون معايا على طول رد “عم سيد” وقال له: إزاى يابنى رد “باسم” وقال له إيه رأيك يا “عم سيد” أشغل “أحمد” عندى فى الشركة بمرتب كويس وإنت كمان يا “عم سيد” تشتغل الحاجة اللى إنت عايزها هنا، رد “عم سيد” بكل قناعة، وقال له: لا يابنى أنا رزقى اللى ربنا بيرزقنى بيه بحمد ربنا عليه ومش عاوز أكتر منه والحمد لله على كل حال، و”أحمد” ابنى راضى جداً بشغله، وسأل “عم سيد” “أحمد” وقال له: تحب تشتغل هنا مع “باسم” بيه فى الشركة، رد “أحمد” وقال له: يا بابا أولاً يسعدنى إنى أكون مع “باسم” بيه، لكن زى إنت ما قلت فى كلامك الحمد لله على الرزق اللى ربنا بيبعته لينا وأنا مرتاح فى شغلى ويكفينا صداقتك وثقتك فينا يا أستاذ “باسم”، ابتسم “باسم” ابتسامة خجل وحس إن الناس دى عندها قناعة غير عادية وأن عندهم أصالة ويملكون إيماناً قوياً بالله، فرح وقال: الحمد لله على كل حال وقال: لـــ”عم سيد” أنا كان نفسى أقرب منك أوى يا “عم سيد”، لكن يظهر إن عندك مبادئ وقيم وإنك راضى بما قسمه الله لك وأنا بحييك على ده أوى يا “عم سيد”، وكان نفسى تكون والد ليا، أنا فعلاً بحسدك يا “أحمد” على أبوك لأنه فعلاً رجل أصيل وطيب وعرف إزاى يربيك على قناعته، رد “أحمد” وقال له: الحمد لله يا أستاذ “باسم”، رد “عم سيد” وقال: إحنا هنمشي بقى يا “باسم” يابنى عاوز حاجة مننا رد “باسم” وقال له: لسه بدرى يا “عم سيد” قال له: لا يابنى معلش بلاش نعطلك، بس أتمنى إنى أسمع عنك خير الفترة الجاية وإنك تنفذ كل حاجة قلناها فى بيت ربنا، رد “باسم” وقال له: طبعاً يا “عم سيد” وكل خطوة هبشرك فيها إن شاء الله، الظهر أذن وهما فى المكتب قام “باسم” قال لـــ”عم سيد” تعالى نصلى الظهر يا “عم سيد” وبعدين أنزل أنا هوصلك يا “عم سيد”، نظر فى وش “باسم” وقال له: ربنا يكرمك يا بنى ويزيدك إيمان كمان وكمان، رد “باسم” وقاله: ربنا جعلك سببا لهدايتى يا “عم سيد”، وأنا الحمد لله التزمت بالصلاة وربنا أعلم، وفى اليوم الثانى “باسم” جمع الموظفين فى مكتبه وطلب منهم تغيير سياسة العمل بأكملها، وتغيير النظام اللى كان ماشى عليه وطلب منهم إنهم يمشوا بما يرضى الله فى كل شىء، الموظفون استغربوا جداً من طلب “باسم” لكن كانوا فرحين جداً إن “باسم” بيه بيتغير للأحسن وإنه بدأ يحس بالعناء اللى بيعيشه الشعب الغلبان، وكمان طلب منهم يفكروا إزاى نرضى الغلابة ونعمل ليهم إيه يفدهم، وطلب بناء مسجد كبير لله وطلب عمل مستشفى للفقراء فى منطقة “بولاق الدكرور” اللى ساكن فيها “عم سيد”، وقال لهم: أنا عاوز “عم سيد” اللى هعرفكم عليه هو اللى يتولى العملية بتاعت المستشفى ويبحث معاكم على المكان، ويتولى كل الأمور، وأرسل “باسم” شخص من الشركة إلى بيت “عم سيد” وشرح له كل اللى قال له “باسم” بيه وأخذه معه للشركة وعرف الموظفين عليه، و”عم سيد” فرح جداً، ورحب بالموضوع وقال له: ربنا يجازيك خير طالما إنك بدأت تفكر فى خير للناس، وقال له: أنا على استعداد تام إنى أقف بجانبك طالما إنك هتعمل حاجة تفيد الناس الغلابة، وسعى “عم سيد” معاهم وبنى المستشفى والمسجد، وتقرب “عم سيد” أكثر لــ”باسم” والعلاقة بقت بينهم قوية جدا،ً و”عم سيد” تولى أمور الخير كلها وائتمن “باسم” “عم سيد” على كل حاجة خاصة بهذا الأمر، و”أحمد” أصبح صديقا مقربا جداً لـــ”باسم”، لدرجة أن “باسم” أصبح يستشيره فى بعض أموره لأنه وجد أن “أحمد” فكره متفتح كتير فى أمور شغله، وطلب “باسم” مرة أخرى من “أحمد” أن يشتغل معاه وهذه المرة بعد الثقة المتبادلة بينهما وافق “أحمد” على طلب “باسم” والعلاقة بقت قوية بين الأسرة و”باسم”، وفى يوم من الأيام طلب “باسم” مقابلة “عم سيد” فى مكتبه ولما راح “عم سيد” لمكتب “باسم” قال: لــ”باسم” خير يابنى فى إيه، رد “باسم” وقال له: خير إن شاء الله يا “عم سيد” هو فى موضوع أنا كنت أتمنى إنى أطلبه منك وأتمنى إنك توافق عليه، وهكون أسعد إنسان فى الدنيا لو ربنا كرمنى بيه، رد “عم سيد” وقال: يا مسهل يارب أطلب يابنى ولو فى إيدى مش هتأخر عليك”، رد “باسم” وقال له: “عم سيد” أنا عاوز أطلب إيد بنتك “عبير” لأنى لقيت فيها بنت البلد الأصيلة ولقيت فيها الطيبة والالتزام والتدين وعلاقتها بربنا وتربيتك ليها عجبتنى جداً يا عمى، وأتمنى إنك ما ترفضش طلبى، “عم سيد” ابتسم وقال: لـــ”باسم” بصراحة يابنى هذا الشىء يسعدنى ويشرفنى طبعاً جداً، لكن مش عارف أقول إيه، لكن فى النهاية هقولك إن اللى ربنا كاتبه هو اللى هتشوفه يا بنى إن شاء الله وأنا عن نفسى أتمنى إن ربنا يوفقك يابنى لأنك اتغيرت، وبدأت تعامل ربنا كويس، وأنا لمست فيك حاجات كتيرة ومش هلاقى لبنتى أحسن منك بس ممكن تدينى فرصة أسألها وأسأل الست”أم أحمد” ، رد “باسم” وقال له: طبعاً يا “عم سيد” خد راحتك وأنا منتظر ردك، “عم سيد” أخذ فرحته فى قلبه ولم يستطع تحمل هذه الفرحة حتى إن الدموع أوشكت على أن تذرف من عينيه، وهو فى طريقه للنزول من مكتب “باسم”، إذ أن رجل فى المركز ده والكيان ده عاوز يتزوج ابنته، رغم البساطة التى يعيش فيها، ولما رجع بيته أول ما دخل نادى زوجته، وقال لها: تعالى عاوزك فى حاجة مهمة، ودخلت وراه وقالت له: خير يا “سيد” مالك فى إيه قال لها: عندى خبر ليكى هيفرحك قالت: خير إن شاء الله قال لها: “باسم” طلب إيد “عبير” منى النهارده، وأنا من شدة فرحتى مش عارف أعمل إيه ردت زوجته وقالت له: ده الخير اللى عملته فى الدنيا يا “سيد”، ربنا عوضه في بنتك بالزوج الصالح وربنا يكرمهم والطيبون للطيبات وإحنا مش هنلاقى لـ”عبير” أحسن منه ، وخرجت “أم أحمد” من حجرتها جرى على حجرة البنات ونادت “عبير” وقالت لها: مبروك يا عروسة “عبير”، نظرت لأمها وقالت: مبروك على إيه يا ماما فى إيه مش فاهمة حاجة قالت لها: “باسم” طلب إيدك، “عبير” نظرت لأمها وقالت: إيه فى دهشة غريبة وفرحة وضحكة ثم قامت “أسماء وشيماء” بتقبيل أختهما “عبير”، و”عبير” قبلت أمها واحتضنتها بشدة، وقالت لها إنتى شايفة إيه يا أمى ردت أمها وقالت الخير فى اللى كاتبه ربنا ليكى يا “عبير”، وربنا يوفقك يا بنتى وهو ابن حلال وربنا يجمعكم على خير، زغردت “أم أحمد” والفرحة عمت على البيت كله، وقالت “أم أحمد” للبنات تعالوا نفرح أبوكم هو كمان ونفرفش معاه شوية، ومشيت الأم وخلفها بناتها وهم مبتسمين متجهين للحجرة اللى قاعد فيها “عم سيد”، لقوا “عم سيد” نايم على السرير وقفوا كلهم حوالين السرير وفضلت “أم أحمد” تصحيه وتقول له قوم يا “سيد” العروسة موافقة وعقبال “أحمد” وباقى البنات، لكنهم لا يعلمون أن أجل الله قد حان وأن “عم سيد” كانت هذه هى اللحظة الأخيرة وكان القدر منتظر فرحة “عم سيد” بأحد أبنائه، ولما وجدت زوجته سيد لم يجيب عليها وهى بتحاول تصحيه من نومه صرخت بصوت عال لالالالالالالا”سيد” مات يا “عبير” أبوكى مات !! أبوكى مات!!! وحضنت “عبير” أبوها وقالت: “إنا لله وإنا إليه راجعون”، وفضلت تبكى وأمها أغمى عليها والجميع كان فى صدمة من وفاة “عم سيد” وشدة فرحته بخبر أن ابنته هتتجوز والحزن عم على أهل المنطقة التى يسكن بها “عم سيد”، و”باسم” لما سمع الخبر جرى على البيت فى حالة هيستيريا شديدة وكأن الذى توفى هو والده، ودخل حجرة “عم سيد” وحضنه وقال له: “باسم” كان نفسى تشوفنى وأنا فى كوشة الفرح مع بنتك كان نفسى تربى أولادى وتعلمهم زى ما علمت أولادك، كان نفسى تخرج جيل من تحت إيديك كان نفسى أتعلم منك أكتر، علمتنى حاجات كتير دخلت “أم أحمد” وقالت له: قضاء الله يابنى، نظر”باسم” فى وجهها وقال لها: “عم سيد” هو الرجل اللى اتمنيته أبويا “عم سيد” هيعيش جوانا كلنا..”عم سيد” هيكون جوه كل واحد، كلنا لازم نكون “عم سيد” فى كل حاجة كان بيعملها، ورحل “عم سيد” ورحلت معه أيام الحب والسعادة التى كانت تملأ البيت، وكل مكان كان بيروح فيه “عم سيد”، لكن ظل “عم سيد” رمزا للعطاء والخير وترك قدوة تتوارثها الأجيال وتتعلم منها ماذا كان يفعل هذا الرجل.
وبعد مرور سنة من وفاة “عم سيد” تزوج “باسم” من “عبير” وأخذ “أم أحمد” وأولادها إلى فيللته، وأصبحت الأسرة كلها واحدة وأول مولود لـــ”باسم” كان ولد، وأصر “باسم” على أن الولد يسمى “سيد” على اسم الرجل الذى مد له يده بالخير وأخذه إلى طريق الفلاح.. وحب الناس وفعل الخير .. ومعرفة الله بحق، وإيمان داخلى بكل ما تحمله المعانى وأخذ الأسرة وذهب بهم لقضاء فريضة الحج، وأصبح “باسم” من أشهر رجال الأعمال المحبين لفعل الخير وزادت ثروة “باسم”، كلما زاد فعل الخير الذى أوصى به “عم سيد”، وعلم “باسم” جيداً أن الذى يزرع الخير يحصده فى أولاده وفى دنياه وآخرته، وأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وظل “باسم” يتحدث لأولاده عن قصته مع “عم سيد” الرجل البسيط الغلبان الذى استطاع أن يجعل من رجل أعمال فاسد، رجل أعمال مشغوف بفعل الخير ويتقى الله فى كل تصرفاته، وأخذ يتحدث بلغة “عم سيد” البسيطة فى حياته، ونجح واجتمعت حوله قلوب الناس باستخدامه لمنهج “عم سيد” فى الحياة، وعلم أن البساطة فى الأمور تُسلك طريق الخير وأصبح “عم سيد” حاضراً غائباً .
وهنا حدث “باسم” نفسه قائلاً: عندما تراعى الله فى كل تصرفاتك فسوف تجد الذى يرعاك وسوف تحصد ثمار ما زرعت، وسوف يكرمك الله عز وجل كلما اتقيته وتقربت إليه بكل حب ونية صافية، وكلما عاملت الناس بالحسنى والخير سوف تجد الناس تعاملك بمثل ما تعاملهم به .. وكلما اجتنبت شهوة المال والشهرة كلما كان قربك من الله والإيمان به أكثر لأن لذة الإيمان أفضل من لذة المال والشهرة والسلطان، وتصديقاً لقوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27))، وقوله أيضاً فى محكم تنزيله (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)) فيابنى آدم كُلنا عائدُون إلى الله فى يوم من الأيام ولا يبقى الحال كما هو عليه، فعلينا أن نتذكر الموت فى كل لحظة فربما جاءنا من حيث لا نعلم، فسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، وتقربوا إلى الله وأطلبوا منه التوبة إن كنتم تفعلون الخطيئة واعلموا جيداً أن الله كتب على نفسه الرحمة بأنه الرحمن الرحيم.
وهذه الآيات تدل على رحمة الله بعباده ،حينما قال عز وجل فى سورة الكهف:
“إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (١٠٨) قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩)” .