قصة قصيرة للمشاركة في المسابقة معنونة — عواطف و مشاعر —
بوفاتح سبقاق
الجزائر – تيارت
عواطف و مشاعر ……………..قصة قصيرة بقلم بوفاتح سبقاق الجزائر
فتحت صفحتها على الفايس بوك ، كالعادة طلبات صداقة كثيرة و رسائل عجز الصندوق عن إحتواءها ،هل كل هؤلاء يحبونها فعلا ؟ لم تكن تدري أن صورة فاتنة من موقع أنترنات عابر بإمكانها أن تجعلها قبلة العشاق و الرجال بكل أصنافهم ، المشاهير و العاديون و الصعاليك و السياسيون ، الكل يقف على عتبة صفحتها يطلب ودها .
إلتفت الى صديقتها في المكتب مبتسمة ….
– ما زلت مطلوبة جدا عزيزتي لم أعد أجد الوقت للردود أو التصفح
الرجال لا يتغيرون مصابون بداء حب النساء في الواقع أو على النت
هذا يطلب لقاء عابر و هذا يعرض زواج على السريع و آخر يطلب لقاء جسدي عاصف.
– لا تشغلي بالك بهم كثيرا ، رجل وفي واحد في الواقع أفضل من مئات الإفتراضيين على النت
حانت ساعة مغادرة الشركة ، أخذت طريقها المعتاد حيث ينتظرها واقع آخر من نوع خاص ، المطبخ و أشغال البيت التي لا تنتهي.
لا أحد يسأل عنها أو يعاكسها في الشارع ، إنها تعاني قحط رومانسي مزمن في الواقع ، هؤلاء الرجا ل كلهم مشغولون بأمور أخرى لم تعد المرأة تشغل عقولهم ، هل هم نفسهم رجال الفايس بوك ؟
في كل مساء تمارس سلطة مطلقة على كل الرجال ، تحذف هذا و لا تجيب على الآخر و تتظاهر بأنها غير موجودة ،لديها عدد هائل من الصلاحيات التي تسمح لها بتعذيبهم أكثر ، يمكن إعتبار مخترع الفايس بوك الأكثر نفاقا و كذبا منذ بداية التاريخ.
أصبحت تتلاعب بعواطف و مشاعر و أفكار جمهور كبير من الرجال تدرك أن ما يقع مجرد أكاذيب زائفة تنتهي عند أول لقاء فهي أنثى عادية جدا ، لا تملك في بورصة الأنوثة إلا الإسم ، و أسهمها خاسرة مسبقا ، الميزة الوحيدة لما تقوم به أنها تختبر قدراتها و تكتشف ما يطلبه و ما يقوله الرجال .
و مع تطور الأحداث و المواقف إكتشفت أنها تمتلك قدرات إفتراضية
رهيبة و خاصة حين تكون في دردشة مع عدة رجال في نفس الوقت تبتسم حين تكون وفية لهم جميعا ، أحبك الكلمة التي تكتبها للجميع رائعون هؤلاء الرجال حين يتركون نساءهم في الواقع و يتسمرون حولها الى غاية منتصف الليل ، كل واحد يتصور أنه الفارس الوحيد ، و حين تتعب تقوم بالنسخ و اللصق من هذا الى الآخر عادي جدا كلهم لديهم نفس السيناريو ، يتظاهرون بأنهم طييبون مثاليون ثم يبدأون في إرسال البطاقات و الورود ، ثم يكذبون الكذبة الكبيرة : أنت الوحيدة التي أعرفها و أنت أروع إمرأ ة عرفتها في حياتي ثم تأتي مرحلة الهاتف بدعوى لكي يتعرف أكثر ثم السكايب إن أمكن و غيرها من أبجديات التعارف الفايسبوكي و هناك فئة تصر على اللقاء في أسرع وقت من أجل وضع النقاط الحروف .
في تلك الأمسية على غير العادة إنتابها الكثير من القلق ، ما الفائدة
من ساعات تقضيها على الفايس بوك ؟ بدون أي نتيجة مقنعة في الواقع
و حين يسقط في غرامها رجل من الهند أو الصين أو من أمريكا هل سيحضر لها في اليوم الموالي ليقدم لها باقة ورد ؟ أكيد أنه يمتلك إمرأة ملموسة و محسوسة أمامه ، كل أحلامها الوردية تنتهي بمجرد غلق جهاز الكمبيوتر و تعود الى واقعها الأليم ، فتاة دهسها قطار الزواج منذ فترة طويلة و بقيت متمسكة بخيوط دخان تتصاعد من لوحة المفاتيح.
إتخذت قرار تاريخي عاجل ، لن تدخل الفايس بوك هذه الليلة ….
إقتربت من مكتبتها الخاصة ، تفقدت العدد القليل من الكتب التي بقيت صامدة تقاوم عزوفها عن المطالعة ، فجأة تذكرت كتاب نصحها زميلها في العمل بقراءته منذ أسبوع ، لم تهتم بالأمر حينها و لكن لما لا تلقي نظرة على هذا الكتاب الذي سلمه لها الرجل في نهاية الدوام.
موسم الهجرة الى الشمال ، رائعة الطيب صالح ، لم تكن تدري أن محاسب المؤسسة لديه ميول أدبية ، تتذكر تلك الرواية التي قرأتها في سنوات الجامعة ، تحكي عبر صفحاتها عن صراع الجنوب و الشمال حيث يتحول الحب الى ميدان للمواجهات و البطل مصطفى سعيد يتنقل من إمرأة أنجليزية الى أخرى يحاول أن يثبت للغرب أن إبن الجنوب بإمكانه أن يغزو و يفتح أجسادا و أوطانا ، إشتاقت فعلا الى مصطفى سعيد.
و ما كادت تبدأ في قراءة الكتاب حتى سقط منه شيئا ما ، إنه ظرف بريدي مغلق بإحكام موجه لها ، فتحته بكل لهفة ، و كم كانت
سعادتها و هي تقرأ رسالة غرامية مطولة من الرجل الذي لم تفكر فيه يوما ما .
إنه شخص عادي جدا قليل الكلام قد يكون لا يعرف الفايس بوك و النت ، يبدو شغوفا بالزمن الجميل ، لا تصدق أنه ما زال هناك رجال من هذه النوع ، حتى أنه في آخر الرسالة يطلب الإذن بالتقدم لأهلها لخطبتها .
وضعت الرسالة على صدرها و إستلقت على سريرها تحلم بغد أفضل
و أخيرا إبتسمت لها الأقدار بعيدا عن عوالم الفايس بوك.