ط
مسابقة الخاطرة

عيد ميلاد.مسابقة الخاطرة بقلم / رنده دردوخ.الجزائر


عيد ميلاد

عزيزي رضــا..
إقتربت ذكرى ميلادينا…
 
كانون يلتحف شاله الرمادي ؛وكنزته الخمرية مع الكفوف التي حاكتها له بهجات الربيع ؛
محتميا من عواصف الشتاء و أمطاره الغزيرة…
كانون الأول..
ينصب لأمانينا أفخاخا لما هو آت منها…
لكنها في كل مرة تخذله ؛
فتمر غير آبهة بـه؛
 
كم هو مؤلم أن أجلس إلى طاولـة بورجوازية؛
أحتفل بذكرى ميلادي الثانية و العشرين دونك ؛
و أحيي ذكرى ميلادك الثالث و العشرين بعدها بأيام قليلة؛
أطفئ شمعتك بزفير نفسٍ تتحسر على فراقك؛
وتنهيدة عانقت عنان السماء..
 
ولدت في الثاني من كانون الأول..
و كنت قد سبقتني للحياة بحوالي أحد عشرة شهرا ..
كنت قد شرفت الدنيا في الخامس من كانون الثاني لذات السنة…
الخامس والتسعين بعد التسعمئة و ألف …
كان الفرق بين ميلادي و ميلادك شهر و يومان…
ذات المشيمة؛
ذات الحبل السري ؛
ذات الرحم ؛
تكونا وتغذينا وبلغنا عدة الحمل لنزهر في عز الشتاء ونُسمع صرختنا الأولى في ذات البيت ..
 
رضـا…
لم تهبني المدينة سكونا يداري حجم الفجوة التي تركتها بداخلي ..
لم ترتدي لوناً للحداد..
لم يغلق بقال الحي دكانه ليواسيني…
لم تتوقف جارتي عن سماع أغانيها المزعجة..
بقيت الطيور تطيرُ في السماء..
ولا أرى سوى الغربان تحلق بغباء كل مساء..
ظلت السياراتُ تجوب الطرقات؛ بعد أن عادت من موكب جنازتك…لقد نسيتك و ما نسيتك أنا يوما..
ظلت الأرض كروية؛
لكن فؤادي بات أجوفا فارغا ؛
وروحي أصابها عطب غير قابل للتصليح؛
لم تتعطل عقارب الساعة …
لا تزال ترقص كالمجنونة على أجندة الزمن …
 
تسأل عن حالي الأن ؟!!
بدوونك….أنا لا شيئ
بدونك أنا طريق تؤدي إلى كوخ مهجور لا حياة فيه…
سحابة شتاءٍ تأبَى أن تُمطر..
مقطعُ من مشهد لمسرحية سيئة فصولها مملة للغاية..
كتاب بعناوين حزينة ينام على رف مكتبة لا يزورها أحد…
بدونك..ِ.
أنا كعجوز مهمل يجلس على كرسي خشبي لدار العجزه ،يأكل الذباب وجهه ..
طفل يلتحف يُتمـهُ…
بدونك..
أنا ميتة بدون شهادة وفاة!!
 
آه يا عزيزي ..
وجعي صار بعطر المقبـرة؛؛
تفوح منه رائحه الأموات؛؛.
أنا من حنيني متعبة….
حيرى أفتش عنك في وجوه القادمين؛ علك قد نسيت شيئا و عدتَّ، وأراقب الدرب الذي منه قد رحت…
لكن..ما كان طيفك يتفقدني يوما ؛
فنلتقي في وهم الأمنيات..
 
كان عليك أن تتمهل في رحيلك..ِ
كان عليك أن تضمني بكل حب قبل أن تخذلني و تكسر رؤاي..
كان عليك أن تختار لي قبرًا قصيًا خلف قلبكَ؛
ففي صدري مذبحة،و لا صبر لي لأرد أشواقي المجنونة عنك….
لم يكن لك أن تتركني أصيحُ بحنجرة مثقوبـة ؛
ولا أحد يُجيبني عدا صدى الجدران الصاخب…
لم يكن لك أن تتركني في قماطتي و تُلَف بقطعة قماش بيضاء و يضعوك في جوف الترااب…
و لم يُثَبتوا عليها شاهدا ؛فأزورك و أرش ترابك بماء طاهر …
 
لقد رحلت في ذات الشهر ..
كانون الأول؛؛
 
الغياب يا عزيزي محظ حقيقة توشحت برداء الزيف؛
و الحنين آفة القلب المفطور على الوجد ..
أتحسس قامتي المنكسرة على نافذة الوجع عندما اخترقها رصاصة موتك؛
أبحث عن نفسي المبعثرة في جيوب الليل
وصوتي مزمار ناي لراع؛
يتسلل من ثقوبه نحيبي و بكائي..
ليداري وجنة رسمت عليها الدموع أخاديدا لوجع جاوز عمره العشرة أعوام و سبع؛؛
 
هل أحتفى بميلادينا ؛؛
و أعلق البوالين الأرجوانية و الزهرية…؟؟
أم أفقع تلك العين التي كانت تؤويك..؟؟
أتدري…
البوالين المحشوة بالهواء تحلق من الفرح…
و البوالين المحشوة بالتراب تسقط من ثقل الهم …
انا ابن آدم..
و آدم من تراب..
 
خاطرة
رنده دردوخ
البريد الالكتروني [email protected]
البلد :الجزائــــر

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى