ط
مسابقات همسهمسابقة القصة

غزلان..مسابقة القصة القصيرة بقلم / زهرة بالعروسى من الجزائر

غزلان
حينما عم السواد تلك الطبيعة العذراء، و امتص جمالها و بهجتها فباتت كالغريبة في الديار البعيدة تلك الأشجار والورود و الأزهار …حتى القمر ذلك الأمل الجميل الذي يجدد تلك الأرواح ما يلبث على الثبات لان السحب القاتمة كانت ترسم الحواجز الوهمية لتمنع و لو بصيصا من نوره يعبر بسلام.. و في لحظة الغفوة يسطع و ينير البسيطة فيتراءى خيال امرأة ترتدي فستانا امتزج بالليل لونه يخيل للوهلة الأولى للرائي كأنها بدون جسد. اقتربت بخطى بطيئة نحو ذلك الكوخ القديم الذي عهد لحظات حبها و التي عاشتها مع زوجها و طفليها. جلست تداعب مكانه الذي آلف الجلوس به و كأنها تعيد ترتيب ما تركه اثر تقلبه عليه، ثم التفتت للمائدة فوجدت إغراضه كما هي و كأنه خرج للتو. فأخذت خرقة بالية وطفقت تزيل غبار السنين فتوهمت في لحظة عودة حياتها. فدب الروح في ذلك الكوخ و هاهما طفلاها يلعبان و مرة أخرى يأتي الصغير المدلل ليعلق بفستان أمه ثم يجرها من ذيله. حمام الكوخ. فتبتسم وترسم على جبينه احن قبلة ثم تعود لأشغالها المعتادة و ماهي إلا لحظات و هي تصول و تجول في أطرافه محاولة الإسراع قبل مجيء الزوج العزيز ..(. حياة بسيطة تنم عن البراءة و النعومة و الرضا) … دخل الزوج محملا بأكياس الفواكه .. عم صخب الأطفال ليكسر حواجز الصمت …بابا جاء… بابا جاء.. و أخذوا منه الأكياس في عجلة و تبعثر كل ما فيها متدحرجا على الأرض و راحت الأم تجمع.. و هي تهدد إن تكرّر هذا مرة أخرى.. وهكذا كانت غزلان بسيطة… إلى أن جاء ذلك اليوم المشئوم عندما خرج مع طفليه و كانت هذه أول مرة يخرجهما و هذا بعد إلحاحهما و بكائهما… وذهبا مع أبيهما … انتظرت في ذلك اليوم كعادتها فطال انتظارها و تسارعت نبضات قلبها و اشرأبت عيناها نحو الأفق البعيد علها تلمح خيالهم لكن دون جدوى و كثر غدوها و رواحها و أسدل الليل ستائره و عمت الوحشة الكوخ ولم تيأس …هاهي تلمح من بعيد مشاعل من النار و هي تقترب نحوها فازدادت ضربات قلبها و ارتعش جسمها… جمعت قواها و راحت تعدو نحو ذك الجمع لتجد جثثا هامدة بين أيادي الأهالي فنظرت لأحدهم و كأنها تقول له هل هاته المصيبة التي تحملونها على أكتافكم تخصني؟ هل إني فقدت استقراري؟ فحاول إفهامها بطأطأة رأسه أن نعم.. و بكل أحزان الدنيا اتجهت لزوجها سعيد وكان تقول له قم لا تمزح أنت طبعا لم تغادرني للأبد قم يا سعيد فأبعدوها فصمتت برهة ثم اتجهت نحو طفليها تلامسهما و تحادثهما فلم تستطيع الصبر.و صرخت صرخة أبكت كل الحضور لتتلعثم بكلمات تتمزق لها كل الأفئدة رحلت يا سعيد و لم تف بوعودك قلت لي ذات يوم انك لن تغادرني و سنبني أحلامنا سويا … هاأنت ترحل…. و أغمى عليها وحملت إلى الداخل و انتهى كل شي…. مرت الأيام تليها أخر و غادرت عشها تهيم في البحث عنهم. و لما يسدل الظلام تجدها تعدو نحو الكوخ عله عادت إليه الحياة من جديد وعندما تشعر بأنها واهمة تصرخ حتى يغمى عليها وهكذا وهي على هاته الحالة إلا أن وجدت جثة هامدة أمام كوخها فحملوها لتدفن بجنب أسرتها و هاهي تنتهي قصة غزلان تاركة ومضة حزن في قلوب كل من يعرفها

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى