ط
مسابقة الخاطرة

فكيفَ من حُبّكَ يا (صَفيُّ) أنفطمُ ؟ مسابقة الخاطرة بقلم/مصطفى زياتين من الجزائر

الإسم: مصطفى زياتين
البلد : الجزائر
نوع المشاركة : خاطرة
رقم الهاتف : 213.778.194.904 +

خاطرة بعنوان ” فكيفَ من حُبّكَ يا (صَفيُّ) أنفطمُ ؟ “بقلم ” مصطفى زياتين ”

(فكما يحنّ الابن لأبيه يحنّ كذلك الأب لابنه، هي قصّة حقيقية لصديق لي أخذته الغُربةُ عن ابنه (صفيُّ الرحمن) عندما كان عمره ستّة أشهر، ليعود له بعد عامين بكلّ معاني الحرقة و الاشتياق، (صفيٌّ) انفطم عن الرضاعة ، و الأب لم ينفطم عن حبّه ).
_
جئتُكَ اليومَ يا ولدي
و في يدي قلبٌ يتألّمُ
البُعدُ ينخرُ جسدي
و الشوقُ يَشوي و يؤلمُ

ما تظنّني تركتكَ في راحة !
ما تحسَبُني لا أتألّمُ !
ذكراكَ تكوي و إن اكتويتُ !
ينحرني النّدمُ

بالأمس تركتكَ ذا ستّة أشهر
لا تتكلّمُ !
و اليومَ زدتَ عامينِ
صرتَ تمشي، صرتَ تتكلّمُ

(صفيُّ الرحمن) هكذا سمّيتكَ
ثم بكيتكَ
أنهكني البُكا و السّقمُ
لا ألومكَ ولدي !
فأنا الفاعلُ و أنا المجرمُ

مُذْ هجرتكَ عادَيتُ حُنجرتي
سكنتُ دمعةً لا تبتسمُ !
الصمتُ زادي و السّقفُ فؤادي
و غطائي ! قمرٌ و أنجمُ

يحدّثني أصدقائي لا عليكَ !
ستنسى و ستتفهّمُ
نسيتُ النّسيان و لم أنس
عذرا ! فكيف سأتفهّم ؟

عددتُ الثواني كم عِشتُ و أنا مُبهمُ ؟
جاوزتُ الاثنتي و عشرينَ مليارًا
كلّها مرّت كما العلقمُ

كلّما رأيتُ طفلا
خِفتُ، نحِلتُ ، كأنّي سأُعدمُ
أعاتبُ نظراتي إن طالتْ
يُقالُ ! طولُ النظر يَفرِمُ

فأعودُ خائبَا
أتشهّى طبقَ نظراتٍ
تطبُخها لي عيناكَ فأُتْخمُ
أحاربُ جوعَ شَوقي بوجنتيكَ
تبّا ! كم سأنتقمُ

و حين أنتهي !
أرتشفُ مِن ريقكَ البريء قُبلةً
من يعلمُ ؟! هل سأرتوي ؟
أم أرتشفُ أخرى
حقّا، لا أعلمُ !

آتيكَ لن أنتظر أكثر !
سأصفعُ البُعد ورائي و سأتقدّمُ !
آتيكَ سأنغمسُ فيكَ
سأنحَرُ حَرّ اللّقا و أتجمّمُ

سأجعلُ لكَ على مرافئ عينكَ ملكًا يحكمُ
تُطيعهُ بواخرُ مآقيكَ
تخرُّ له الأحزانُ و تنقسمُ

و سأدندنُ أذنيكَ كلّ ليلة
سيحلُمُ بنا الحلُمُ !
سيغِيرُ مّما نعزفُ مُناديا:
دعوني أتْقنُ نغمتكمْ، دعوني أتعلّمُ

و الشّفاهُ
سأدسّ في جيوبها فرحا و ألثُمُ
أقيمُ بين اللّسان و الأسنان مباراة حُبّ !
و الشّفاهُ هي الحَكَمُ

أمّا وجنتيكَ
ستُشهّدُ مِن قُبلاتي و تُسلّمُ
و ستُنبتُ وردًا أحمرَ
سيقانه ثرثارةٌ تجفُّ و لا تسأمُ

سأحضنكَ من اليد لِلكتف
سأقتحمُ قلعةَ صدركَ
و لن يمنعني ! لا الحرّاس و لا الحكَمُ

حُبّك يا ( صفيُّ ) يجذبني، يفتنني
أفلا أغتنمُ ؟
لن أقاومهُ !
سأسلّمهُ مفاتيحَ قلبي و أستسلمُ

أسامحتَ بعدُ غيابي ؟
أسامحتَ أبًا يتألّمُ ؟
باللهِ عليكَ لا تقسو !
فالجرحُ إن عَفوتَ سيلتئمُ

أتوقُ لثغركَ يردّد: أبي .. أبي
أتوقُ لهُ يتكلّمُ
تناديني صباحَ مساءْ
لا تكلُّ إن ناديتني و لا تندمُ

فإنِ انفطمتَ يا ولدي عن الرضاعة
و صرتَ تتأقلمُ
فلا أنا عن حبّكَ !
و لا أنا عن شوقكَ !
و لا أنا عن كلّ ما فيكَ أنفطمُ

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى