لحمداوي لحبيب. المملكة المغربية
الهاتف. 212655147196
الواتساب: نفس رقم الهاتف أعلاه
قصة قصيرة للمسابقة
في المقهى.
كعادتي بعد صلاة العشاءكنت في مقهى المحطةالغربية، أكثر زوارها غرباء ممن ينتظرون لحظة السفر، جلست في ركن يحرس ظلمته وميض اضواء ملونة ،أرى من خلاله الداخل الى المحطة و الخارج منها.كل شيئ كان عاديا إلى أن ظهر على مقربة مني شخص ، لست ادري كيف وقع بصري عليه و كيف وجدتني أرقبه وأتتبع حركاته. كان جالسا يرتشف شايا ،مظهره يشي انه قضى وقتا ليس بالقليل ليعتني بهندامه وبتسريحة شعره.ينزع الى النحافة، ليس بفارع الطول، يبدو مرتبكا وكأن بداخله بركانا قد ينفجر في كل لحظة، ذلك ما توحي به حركاته الانفعالية تارة بيديه و اخرى بتقاسيم وجهه كأنه يؤدي دورا على خشبة مسرح أشبه ما يكون بدور “رأفت الهجان “.
خشيت ان يشعر باهتمامي به ؛ فوضعت نظاراتي القاتمة اللون لأختلس النظرات اليه من خلالها….
اشعل سيجارة وابتلع نفسا عميقا أعقبه بزفير دخان شكل غيمة فوقه تتصاعد ،تحكي أجيجا يستعر بداخله ،اطرق برأسه برهة، رفعه واستدار يمينا ويسارا يستطلع المكان ثم رمى اللفافة أرضا وسحقها بقدمه. توجه بخطى حائرة خارج المحطة تاركا خلفة قصة حلقاتها مفقودة لم تكتمل و أسئلة مستفزة…
عقارب الساعة الكبيرة المثبتة في المحطة و هدوء المكان نبهني الى ان الوقت متأخر .قررت العودة إلى البيت لكنني عدلت عن الفكرة لما رجع صاحبنا يحمل جريدة يتصفحها كأنه يبحث عن شيء مفقود، أمسك برأسه بكلتا يديه كمن يشعر بألم، ارتفع قليلا واقفاً، ضم الجريدة الى صدره، قبلها ثم جلس و قد انفرجت بعض أساريره…
إزداد شوقي لمعرفة سبب هذا التوتر والإنشراح المفاجئ.
استدارت عيناه تمشط أرجاء المقهى ليكتشف انه لم يبق سواي فيها، اتجه نحوي ثم استنكف ،قصدني بعد تردد قائلا في أدب منقطع النظير وقد غمرني برائحة عطره الفواح:” سيدي هل يمكنني استعمال هاتفك،فقد نفد رصيد هاتفي؛ لإجراء مكالمة مهمة”
ناولته الهاتف و تظاهرت انني منشغل بملء شبكة للكلمات المتقاطعة،حينما كان يركب أرقامه ،لكن في الحقيقة كنت استرق السمع إليه و هو يقول :”الو حسن، لقد تمت العملية بنجاح”
بقي ثابتا في مكانه على بعد خطوات مني، إلى أن سمع لدراجة حسن النارية هدير ملأ الأرجاء بباب المحطة، فأسرع إليه صاحبنا و ركب معه ملوحا الي بيده كمن يشكرني على سذاجتي ؛كنت له اليوم صيدا ثمينا.
تجرعت مرارة السرقة، عدت الى البيت بدون هاتف و صدى “ألو حسن لقد تمت العملية بنجاح” لازال يرن في اذني.
الحمداوي لحبيب. المملكة المغربية