.…ويسْألونَكِ عمَّنْ خلفَهُ مَرُّوا
فلا تقولي لهم “أزرى بِهِ الدَّهْرُ”
وعن فؤادٍ شقيٍّ هَامَ فيكِ ولم
يكن بريئاً ولكن عيبهُ الطُّهْرُ
وعن صديقٍ قديمٍ كنتِ طِفلَتَهُ
وكان طفلاً ولكن خانَهُ العُمْرُ
ويسألونكِ عنهُ ، عن ملامِحِهِ
فلا تقولي نبياً ” مَسَّهُ الضُّرُّ “
تَذَكَّريهِ بسيطاً ليسَ في دَمِهِ
إلا رُؤَاهُ التي يَغتَالُها الشعرُ
تَذَكَّريهِ أسيراً ليسَ في يَدِهِ
معنى القيودِ ، ولكنَّ الهوى أسْرُ
تَذَكَّريهِ ربيعاً مَرَّ فيكِ سدى
وحين غادَرَ لم يلحق بهِ العطرُ
قولي لهم كان إنساناً بلا هدفٍ
ولا بلادٍ سوى ال..يجتاحُهَا الفقرُ
أتى غريباً كشيخٍ ضَلَّ وُجْهَتَهُ
واعشوشبَ الحزنُ في عينيهِ والقهرُ
أتى سريعاً كحُلمٍ رائعٍ ومضى
كما يمُرُّ ويمضي الرائعُ البدرُ
هُنا _ ومُدِّي ﻷقصى الصدرِ منكِ يداً _
مَرَّتْ خُطاهُ فكانَ القمحُ والزَّهرُ
ويسألونَكِ عن سرّ ابتسامَتِهِ
فلا تقولي لهم “في قلبِهِ السرُّ “
تذَكّريهِ شقياً خلفَ ضِحكتِهِ
حزنٌ _ به شبقٌ _، يمتدُّ ، يَخضَرُّ
مسافراً تستحلُّ الريحَ قارِبَهُ
ويرقصُ الموجُ في عينيهِ ، والبحرُ
وطائشاً نرجسيَّ الدمعِ ، ما تعبت
عيناهُ من دمعةٍ إلا نما نهرُ
وشاعراً فوضويَّ العزفِ ، ترسمُهُ
قصيدةٌ، ثم تمحو وجهَهُ عشرُ
وحسبُهُ في زحامِ الدربِ أن له
روحاً يرافِقُها اﻹيمانُ والصبرُ
قد يضحكُ البطلُ المهزومُ حين يرى
أن الخسارةَ _ أحياناً _ هي النصرُ
لا يأسَ يُقلقُ ناياً ، لحنُ فطرَتِهِ
” ما بين كافٍ ونونٍ يولدُ الفجرُ “
_
اليمن