الكاتب: محمد عصام الدين الحريري
الدولة: مصر
أسم الشهرة: محمد الحريري
للتواصل: هاتف 01116868881
https://www.facebook.com/mohamed.elhariry
فئة القصة القصيرة
إسم القصة: أخر الشهر
لم أكن أتصور أن شهادة وفاة صاحب الشركة التي عملت بها طوال الثلاثون عاما الماضية هي شهادة وفاتي أنا أيضا.
فبعد أن تولى ابنه هيثم مقاليد إدارة الشركة كان أول قراراته التخلص مني وطردي إلى الشارع، فهو لم ينس ذلك الموقف القديم حين أكتشفت تحويله أموالا من حسابات الشركة إلى حسابه الخاص دون علم أبيه وطلب مني عدم اخباره، وأنا أصررت على إطلاع أبيه من باب الأمانه، وها أنا أدفع الثمن، ثمن الأمانة.
ماذا أفعل بعد أن كان جل مشكلتي في شح المال اواخر الشهر، لأعيش باقي حياتي فجأة آخر الشهر، ولدي الكبير طالب في كلية الطب يحتاج إلى مراجع باهظة الثمن ووعدته في أول الشهر بأني سوف أكمل له حاجاته، وأبنتي أرادت ملابس جديده للشتاء وقد أصبحت عروساً ووعدتها على أول الشهر، ولدي الصغير في الثانوية العامة ودروسه الخاصة دائماً ما تدفع أول الشهر، وفاتورة الماء والكهرباء والبقال وغيرهم…
يا إلهي، الصيدليه دوائي ودواء زوجتي لقد أصبحت بلا تأمين صحي وقد أمتلأ بدنونا بأمراض الزمن من ضغط وسكري، وماذا إذا مرض أحد الأبناء كيف أداويهم، أهذا ثمن خدمة السنين بأمانة وأخلاص، بعد أن شاب الرأس وخارت القوة أعود لنقطة الصفر خالي الوفاض.
لم أشعر إلا وأنا واقف أمام البنك، ذلك البنك الذي وضع صاحب الشركة فيه أكثر من مائة الف جنيه بإسمي خارج حسابات الشركة لأصرف منها على بعض أموره الخاصة في غيابه.
هذا ثمن الغدر، هذا المال حقي وحق أولادي، حق خدمة السنين، فإذا أراد القدر ذلك فلتكن مشيئته.
لم تمضي إلا دقائق قليلة إلا وكنت قد صرفت المال وانصرفت من البنك، أتجول بحقيبة مال هي تذكرة الأمان لأسرتي، ولكني برغم ذلك أصبحت اتعس من مجرد عاطل لقد أصبحت خائنا لصا، رأسي محني من الخزي والعار،شعرت بأن عمرى تقدم عشرات السنين فجأة، لأتوقف للحظات ترفلض قدماي أن أتقدم خطوة ورأسي تصرخ
(لا أنا لم ولن أكون ذلك الرجل الملوث في آخر أيامه، بعد عزتي بشرفي أكل الخبز الجاف من كد عملي إلى ما لذ وطاب من إثم وسوء عملي).
انهيت كلماتي وأنا أقف أمام باب الشركة لأدخل بسرعة أخاف أن تخور اردتي مرة أخرى واتجه رأساً إلى من ظلمني وأقتحم عليه مكتبه دون استأذن لأجده جالس وهو ممسك بورقة في يده علمت بعد ذلك إنها خطاب من والده له.ليصاب بالدهشة حين رأني أمامه.
وضعت المال في هدوء أمامه وحكيت له القصة والدهشة تزداد على وجهه وعينيه حائرتين بين المال والورقه في يده دون رد أو مقاطعة حتى أنتهيت وهممت بالخروج وأنا في قمة الفخر وشدة الحزن واطياف ابنائي وهم في انتظاري عند أول الشهر يمدون أيديهم لي تمزقني، ليوقفني نداء هيثم بصوت هادئ.
“إنتظر يا عم صلاح”
ألتفت أليه لأ تفاجئ بوجه بشوش مبتسم ويمد يده بالورقه لأتناولها وأقرأ ما بها.
“ولدي العزيز أعرف أن أول قراراتك هي طرد عمك صلاح من العمل فأنت تكرهه منذ أن أفشى سرك لي وكان الأجدر أن تحترمه لأمانته، أعلم يا بني أنك الخاسر إن لم يعد صلاح إليك مرة أخرى، ولكن إن عاد وهذا ظني به فسوف يكون ليعطيك درسا قاسيا، حينها أعطيه الشيك المرفق بالخطاب وإعلم إنه كان رفيق دربي وكفاحي لنصنع لك تلك الشركة الكبيرة وكان نعم الرفيق”
اجهشت في البكاء مع آخر كلمات الخطاب واقبل هيثم يحتضنني بقوة وهو يردد
“أنا أسف يا عم صلاح”
و أعطاني الشيك الذي وجدته اضعاف ما كنت سوف اختلسه، مالا أستطيع به أن أكمل باقي عمري في عزة وكرامه
وأودع أيام أخر الشهر للأبد.