قصة قصيرة بعنوان ” أنثروبولوجي ”
محمد حلمى عطيه
مصر
01001377404
……………
انا سيف ابو زيد
دكتور بيولوجي فى كلية الطب جامعة القاهرة
ابلغ من العمر أربعين عاماً … فقط
اعيش فى نفس المنزل الكبير فى مدينة السادس من اكتوبر مع أمى وأختي واخى الصغير بعد وفاة أبى
نعيش فى سعادة ووفاق ، ربما اضيف جزء بسيط
كل ذلك كان ” فى الماضي ” اى ماضي ؟
ماضى ذلك اليوم ماقبل ذلك اليوم هو الماضي ومابعد ذلك اليوم هو الحاضر بدأت قصتي من ميل اُرسل لى على هاتفي من منظمة اسمها
” أنثروبولوجي un “
دكتور سيف ، مرحباً بك
لقد تم اختيارك بالإجماع .
لذلك تدعوك منظمة أنثروبولوجي un لمقابلة عمل يوم الأحد ٧/٥/٢٠٢٣
فى العنوان الاتى ” العنوان ”
شكراً لك ..
قررت الذهاب
فى الموعد المحدد ، خرجت من الجامعة الساعة الثالثة عصراً وذهبت إلى العنوان الخاص بالمنظمة …
ڤيلا ضخمة فى أحد افضل الاماكن الراقية
لا توجد يافطة ولا اى دليل على وجود أى منظمات طبيه أو دوليه فى ذلك المكان
وليكن !!
الحزر ليس من شيمتي على كل حال !
سرعان ما وجدت نفسي فى اجتماع مع مجموعة من الشباب والفتيات فى سنى وأصغر تقريباً..
وقف رجل يبدوا انه مسئول مهم فى تلك المنظمة الغريبة !
قال بلهجة عربية غير سليمه إطلاقاً
مرحباً بكم
لقد تم اختياركم بعناية شديدة لمشروع بحث عالمي اسمه ” تطوير القدرة العقلية الإدراكية والمناعيه للأطفال ”
المشروع تابع لمنظمة الأمم المتحدة بالاشتراك مع وزارة الصحة المصرية
وجودكم فى تلك المنظمة سوف يكون لمدة خمس ساعات يوميا فقط بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية الخاصة بكل منكم ، حتى لا يتعارض عمل المنظمة مع عملكم ..
وجودكم فى هذا المكان سوف يكون بشكل سرى جدا
وبعد موافقتكم على التواجد سوف توقعون على عقود العمل بمرتبات مجزيه جدل وسوف تنال اعجابكم
بالإضافة لتوقيعكم على عقد عدم الإفصاح ، للحفاظ على سرية الأمر
هل توجد أسئلة ؟
وقفت قائلاً :
لماذا نحن ؟
وماذا سوف نفعل بالتحديد !!
ولماذا الأمر سري ؟
وما هى مادة البحث الذي سوف نعمل عليها لتطوير الفدرة العقلية الإدراكية والمناعية للأطفال !!!
نظر لى الجميع فى دهشة
وكأنني انا الغبي الوحيد بينهم الذى لا افهم شيئاً !
نظر لى ذلك الرجل وقال
انتم هنا لأنكم الافضل فى مجال
Biology فى مصر
وتستحقون توفير فرصة أفضل تليق بكم
سنخبركم بما نريد منكم وقتما يحين الأمر
لماذا الأمر سري !
لأنه بكل بساطة ياسادة ” غير قانونى ”
هذا يذهب بنا لإجابة سؤالك
ما هى مادة البحث ؟
” جثث الاطفال ”
كانت إجابته صادمة بعض الشيء
ولكن مهلاً
جثث الاطفال !!
ومن اين سوف يأتون بجثث الاطفال
لماذا لا يسأل أحد !!
أرى الخوف والارتباك على وجوه الجميع
تكلم الرجل الغامض مرة اخرى قائلاً :
جثث الاطفال سوف توفرها لنا وزارة الصحة من خلال الجثث مجهولة الهوية فى المستشفيات وجهات الطب الشرعى
بشكل سرى بالطبع حتى لا نثير الغضب العام ، الهدف سامى ومقدس
ولا بد أن نتفهم ذلك
نحن رجال علم
وليس كل الناس على نفس مستوى التفكير !
ماذلت اشاهد الموقف بعدم فهم كامل ولكن إن كان الأمر غير قانونى ولكن المسؤولين هم أهل القانون نفسهم فلا ضير فى ذلك
وقعت العقود
بعدما نظرت للمقابل المادي الذي يتعدى ال خمسين ألف دولار فى الشهر
نعم أنا لست بالشخص المادي ولكنى لست صغيراً فى السن حتى تكون الخيارات متوفرة أمامي بين الرفض والقبول
بدأت العمل معهم بالفعل
وكان العمل جاد ومثمر
على الرغم من الالم النفسي من رؤية كل هذا الكم من جثث الاطفال التى تمتلئ ثلاجات المختبر ببقايا أجسادهم
كيف ماتوا ؟
لماذا قُتل من قُتل منهم ؟
لماذا يُقتل طفل فى هذا العالم ؟
كنت اظن ان هذا العمل سوف يتسبب فى عدم وجود أمراض كثيرة مثل التوحد والمتلازمات المتعددة والأمراض المناعية والعقلية التى تصيب الأطفال
وكانت الأبحاث كلها تشير إلى ذلك
ومر عام كامل على وجودى فى تلك المنظمة
كنت فخور جداً بوجودي بينهم وبالعمل الذي أقدمه للعالم بأكمله
حتى أتى ذلك اليوم !
كنت اراجع على بعض الابحاث المناعية التى يعمل عليها احد الزملاء
وتفاجئت أن تلك الأبحاث مبنية على معلومات موجودة مسبقاً لإحدى الجثث
جثة الطفل لها ملف كامل عن حالته الصحية قبل وفاته ومتابعة حالته المرضية بالتدريج !!!
جاء فى رأسي فكرة مجنونة ومرعبة !!
ولكنني اتبعتها
ذهبت لرقم تلك الجثة فى الثلاجة المسجلة فى البحث
وأخذت من الجثة عينة من حمضها النووي ، وغادرت المكان
ذهبت لصديقي الذي يعمل فى إحدى الجهات القضائية
أخبرته أن يساعدني على تحديد هوية صاحب تلك العينة ، دون أن أخبره بأى تفاصيل اخرى ” مازالت فكرتي مجرد ” شك ” !
بالفعل ذهبنا فى نفس الليلة إلى أحد المعامل الجنائية
وخلال عدة ساعات
ظهرت نتيجة الحمض النووى
الذى تخص طفل اسمه ذياد احمد عبدالسلام
وبعد بعض الاتصالات للمباحث العامة من قبل صديقي
تبين أنه يوجد عدة محاضر عن اختفاء هذا الطفل من شهر واحد فقط !!
يكاد عقلى أن ينفجر من تلك الصدمة !!
ذهبت إلى هناك مباشرة فى نفس الليلة
دخلت
حاولت أن أجمع عينات من كل الجثث الموجودة فى الثلاجات على قدر الإمكان واضعها فى شنطتى
وحصلت على نسخه رقميه من كل نتائج الأبحاث المسجلة
كنت أعلم أن كاميرات المراقبه قد سجلت كل ذلك
ولكنى كنت لا اهتم كثيراً ليس من شيمتي الحزر كما اخبرتكم سابقاً
غادرت المكان
دون أن يعترضني أحد
لا اظن أنهم يتوقعون أننى اكتشفت الأمر
يظن الذكي أن جميع الناس اغبى منه
حتى النهاية
ذهبت إلى صديقي
أخبرته بكل شئ اعرفه عن تلك المنظمة وعن طبيعة عملي
أعطيته جميع نسخ نتائج الأبحاث والعينات التى حصلت عليهم
مر يوم كامل على وجودى مابين قسم المباحث وسرايا النيابة والمعامل الجنائية
حتى تبين أن كل العينات لأطفال تم الإبلاغ عن اختفاؤهم
وتبين أن لا علاقة لوزارة الصحة أو الأمم المتحدة بتلك المنظمة !!