ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : أوراق ثبوتية . مسابقة القصة القصيرة بقلم / هدى الوليلي . مصر

الاسم: هدى محمود مصطفى سعد الوليلي
اسم الشهرة:هدى الوليلي
البلد:مصر- الإسكندرية

“أوراق ثبوتية”

حينما غادرت الحافلة في الصباح، وبينما كنت أعيد ترتيب هندامي وبينما كنت اسحب معطفي لأعيده لمكانه حيث ارتفع قليلاً لأعلى بسبب الازدحام بداخل الحافلة، والتي بدورها كانت قد تحركت بالفعل لتكمل الطريق لنهاية رحلتها.

 فاكتشفت أن حافظتي التي أضع بها نقودي وأوراقي الثبوتية ليست في مكانها في جيبي الخلفي ففزعت كثيراً وانطلقت بسرعة الصاروخ، مدفوعاً بهلعي وراء الحافلة؛ لعلي ألحق بها وابحث عن هويتي بين مقاعدها ربما تكون هنا أو هناك قد سقطت سهواً من مكانها بجيبي.

 فرُحت اجري واجري وازيد من سرعتي قدر استطاعتي وكلما ازدادت سرعتي، كانت تزداد معها ضربات قلبي حتى كدت اسمعها بوضوح؛ وكأنها طبول تقرع من قبل جنود شداد إعلاناً لبدء حرب ضروس!

وأصيح بكل ما اوتيت من قوة: انتظر.. انتظر.

 وكلما صحت أعلى كانت تنطلق الحافلة أسرع وأسرع، وتصم أذانها عن سماع ندائي المستميت وكأنها تعاقبني على إهمالي لعدم تفقد أشيائي قبل مغادرتها!

تعبت قدماي ولم أعد أستطيع مجاراة الحافلة التي بدا لي وكأنها في سباق مع الزمان للذهاب للجنة، ورُحت أتبعها بعيني بحسرة وألم، وقد انحنيت واضعاً يداي على ركبتي وأنا ألتقط أنفاسي بصعوبة، حتى تلاشت في الأفق البعيد!

 فهمست لنفسي لأهون عليها قليلاً، حسناً ربما خسرت هويتي، ولكني على الأقل لم أفقد حياتي!

فاستسلمت أخيراً رغماً عني فلم يعد جسدي يستطيع التحمل أكثر من ذلك. ولو استمريت بالركض خلف الحافلة، كنت سأخسر حياتي أيضاً مع هويتي وحافطة نقودي!

وتلفت حولي فلم أجد إلا رصيف بالاتجاه الأيمن، فجلست عليه وبدأت ابكي، بكيت بحرقة كما لو إني لم أبكِ من قبل، واختبرت طاقة من العجز لم أعهدها في حياتي، بكيت وبكيت، ولا أدري هل رأني أحد من المارة بالطريق الذي كنت اجلس على رصيفه أم ربما لم يتمكن أحد من التعرف على بعدما ضاعت هويتي!

ولعبت الهواجس بي، وصارت الأسئلة تتقافز بعقلي كسمكات صغيرة مذعورة؛ تحاول الهرب من شبكة صياد ماهر! من أنا؟ هل حقاً ضاعت هويتي؟ هل سيكون بمقدور أي أحد أن يتعرف علي بهذا البلد الغريب؟! وبينما أنا هكذا غارق بيأسي، بدأت أردد “لاحول ولا قوة إلا بالله” حيث تذكرت قول أمي “أنها تفتح أبواب الجنة، فما بالك بأبواب الدنيا؟!

وبينما كنت جالساً على هذه الحالة، مر بي طفل صغير يسألني بلغة تلك البلد “هل معي منديلاً؟” فضحكت ساخرًا متعجباً فهو لم يسألني نقوداُ وكأنه يعلم ما حدث..

 فهمست له: نعم فهذا الشيء الوحيد الذي معي الآن، بعدما ضاعت حافظتي!

 فمددت يدي بالجيب الداخلي لمعطفي، لأجلبه له حيث أضع المناديل بذلك الجيب دائماً، فإذا بأصابعي تصطدم بحافظة نقودي وأوراقي الثبوتية بداخله!

وفجأة تبدل حالي على الفور، فروحت أركض وأصرخ وأرقص كمن أصابه مس من الجنون، حتى فزع الطفل طالب المنديل، وراح يجري بعيداً عني.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى