ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة: الثقوب لا تكسر أشعة الشمس . مسابقة القصة القصيرة . بقلم / دريد محمد احمد . العراق

الاسم:دريد محمد احمد
الشهرة: دريد
الجنسية: عراقي
رقم الموبايل:009647905497742
صفحة الفيسبوك: د.دريد محمد احمد
رابط صفحة الفيسبوك:
https://www.facebook.com/duraid.mohammed.96?mibextid=LQQJ4d
مجال المشاركة: القصة القصيرة
عنوان القصة: الثقوب لا تكسر اشعة الشمس

الثقوب لا تكسر ضياء الشمس
على ما يبدو من أولِ وهلةٍ إنّ رائحة الجلود العفنة المنبعثة من كلب قريتنا الأشعث هي الصفة التي يتميز بها ، لكن للتفرد أبواب ومن باب الفضيلة كان ذلك الكلب يتفرد عن ما حوله من الحيوانات بحكمته التي لا يستهان بها ، يعاقرها كمدمنٍ ينتشي العقل بها ،ووفائه تلك العملة النادرة التي يرفض المقامرة بها .
في وجاره المنعزل المفترشة أرضيته بنشارة الخشب و الممتزجة ببعض حبات المطر المتسللة من ثقوب ذلك السقف المتهرىء ، نظر الكلب الى صورته المنعكسة في قطرات الماء المتجمعة في وعاءه الصديء محدثا نفسه بتمتمة تصحبها زفرة:
-أيها الأشعث ، لماذا تكدر سطح الماء بصورتك .
دارت في مخيلته أفكار تنسج له أفق مضطرم بالمشاعر المضطربة عما يجب أن يكون عليه ذلك المستقبل المجهول، ليطرد شبح الملل الذي خيم على حياته ووسمها بطابع الرتابة والسكون.
-لقد ضقت ذرعاً بكل ما يحيط بي … أشعر كأني ذلك العفن الرطب الذي تسلل إلي من كل مكان، ويطوقني كتلك السلسلة المعدنية الصدئة الملتفة حول عنقي ، في هذا المكان كل شيء يذكرني بدونيتي الحيوانية وما أنا إلا كلب دائم اللهاث ربما تنتهي حياتي يوما بموت يكون لي شفيع من حكة الجرب…
في بواطن أفكاره صوت صار يدوي ويستحثه على ضرورة الرحيل، تلك الفكرة صارت تؤرقه ليلا وتستنزف وقته نهارا ، فبذل في سبيلها كل جهد ممكن، واجتاز اختبارات عدة، للحصول على هوية الإرتقاء تيسر له سبل السير بين الناس والتمتع بما للإنسان من حقوق متعارف عليها.
كل ما يفصله عن هذه المنة الإنسانية هو توقيع بسيط يمنحه هذه السمة كما كان يعتقد ، لكنه أدرك بعد حين إن الأمر بحاجة للدخول في مساومات بانت بوادرها مع ذلك الرجل البريدي بلا طابع انساني الذي أوكلت له مهمة ذلك التوقيع حيث علامات المكر المشوبة بنصف ابتسامة جوفاء تعلو وجه ذلك الرجل الأنيق ذي النظارة السوداء المعتمة مفصحة عن نية مخبئة في سريرته المنطوية على الغدر في ما يبدو، أفصحت عنها تلك الكلمات الوقحة الصادرة همساً فلم ينفع معها التزويق المتقصد من لدنه، كي لا يبدو مكشوفاً في مبتغاه المستتر لإيقاع الكلب بذلك الإغراء مما جعل الأشعث يستشيط غضباً وهو يسمعها تردد عليه همساً لكنه شعر بها كدوي رعد هادر يصم الآذان ، فاستنهضت فيه طبيعته الحيوانية الكامنة – كما نصفها أو توصف – فراح منقضاً عليه لولا تدخل الناس الذين هموا بضرب الكلب المفترس والكل تنادي بصراخ
– أشعث ، نتن ، كلب.
ففر هارباً لاهثا لا يلوي على شيء سوى التواري عن مديات أفكار ذلك المجتمع ، يحمل أوراقه المتطايرة يميناً ويساراً فحانت منه التفاتة عجلى وكأنه يودع تلك الأوراق إلى الأبد عائداً إلى وجاره يتوسد الرطوبة والعفن الذي اعتاده ، يحملق بعينيه نحو السقف محدثا ثقوبه …
– لا بأس بك أيتها الثقوب ما دمتي تسمحي بين الفينة والأخرى بتدفق أشعة الشمس الدافئة ..
مدركاً بشكلٍ قاطع ولا يقبل الشك إن البقاء في ذلك الوجار على ما هو عليه أفضل بكثير من أن يبيع وطنه بطلب الخيانة من متأنق مستتر.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى