ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة . المحطة . مسابقة القصة القصيرة بقلم / أميرة النبراوى

 

الاسم د اميره النبراوي القصه مسابقه القصه القصيره مصر
٠١٠٩٥٨٦١٨٦٥

المحطة
استيقظتُ صباحًا علي تليفون ابنتي تخبرني بأنها مريضة وبحاجة لأكون بجوارها.قفزتُ من الفراش للسفر للقاهره، بدأت إعداد حقيبة السفر ووضعت فيها هدايا أبنتي كنت  أعددتها سابقاً..توضأتُ وصليت و ارتديت ملابسي  ، أغلقت منزلي واستقليتُ تاكسي إلى محطة القطار، أخبرني الموظف على شباك التذاكر بأن اليوم نهاية أسبوع ومن المستحيل الحصول علي تذكرة من الشباك!
دخلَ القطار المحطة، صعدتُ السلالم…الشنطة ثقيلة والزحام شديد، الباعة تصرخ مناديةً علي البضائع، والمسافرون يهرولون في كل اتجاه، استقرَّ القطار على الرصيف وأنا أجرّ حقيبتي بصعوبة، أنظر يمينًا ويساراً باحثه عن شيّال، ولكن مُحال! وإذ برجل  أنيق..وسيم.. شهم.. شقّ الزحام رافعًا حقيبتي بقوة وصعد إلى الدرجة الأولى ممسكًا بيدي..وجدتُ مقعدًا فارغًا فشكرته وجلستُ، رفع الشنطه بخفّة على الرّف؛ فشكرته ثانيةً بشدة.
قطعَ الجرسون الصمت بعربة المشروباتِ مناديًا: “شاي، قهوة، سندوتشات، ميّه..”وفي نفس اللحظة التي طلبت بها الشاي، وجدته يسبقني ويمدّ يده بالنقود طالبًا كوبين! شكرته بحرارة هذه المرة. بدأ كلٌّ منا في ارتشاف الشاي وَسْطَ نظرات خاطفة بيننا يتخللها بعض الكلمات الرقيقة، نظرات تملؤها الآهات والتنهدات! وكأننا تواعدنا علي اللقاء..بدأ يقصّ عليّ بعض المواقف الطريفة التي حدثت معه، ويحكي ويحكي زي النهار ده، وكان وكان… وبدأتُ أقصُّ عليه حكاية سفري وهو ينظر إليّ بكل حب وحنان! وكأنه يريد أن يقول آلاف الكلمات، إلي أن دخل القطار المحطة فجاءة شعرت بقلبي يُختطف من صدري! هل حان وقت الفراق؟ حمل الحقيبة وأنزلها وأنا أسير بجواره، ووجدتني أطلب منه  أن أردّ له عزومة الشاي بعصير في كافتيريا المحطة، ربما لن نتواعد ثانيةً، كنتُ أشعر  بشيءٍ يولد داخل قلبي! برجفةٍ في يدي ولمعةٍ في عيني أخالهُ يراها، وأنا أشعر بتنهيدةٍ يحاول هو كتمانها ونفسٍ متقطعٍ  وهو يحادثني! وضحكاتٍ مثل الأطفال لدرجة أنه نسي إلى أي إتجاهٍ وجهته، وأنا أقصُّ له أبسط وأجمل حوارات، وهو سعيد بسماع صوتي وكأنه تغريد بلبل أو صوت ملاك. شربنا العصير وفي نفس اللحظة فتحتُ شنطتي الأنيقة لكي أدفع الحساب وهو يمدّ يده ليمنع يدي! وإذ بي تتحجّر مقلتيّ في الأجفان وتكاد الأنفاس أن تتوقّف! فقد لمحت شيء على يده اليمنى! توقف بي الزمن لثوانٍ مرّت كأنها أزمنة. وكأنه نسي من هو ونسيتُ من أنا، لحظةٌ فاصلة، تذكرني أنه محال ومحال. و فجأة وجد دموعًا تتسلل من جفنيّ كحبات اللؤلؤ على وجنتيّ.
قمنا نسير في صمتٍ ، طلبتُ منه أن يوصلني إلى محطة مترو الأنفاق وهو يقسم عليّ بأن يوصلني بنفسه وأنا أرفض وأصمم علي الفراق وأنزل عند المحطة.
لا أقوى على السير أجرّ قدميّ بصعوبة بالغه بعد أن حلّقت في السماء كفراشةٍ، وبعد أن أخبرني بعينيه أنني أساوي آلاف النجمات، صعدتُ إلى المترو بعد أن سلمتُ عليه السلام الأخير، ورفع لي الحقيبة، تنساب الدموع  مع  إغلاق الأبواب وهو يلوح بيده آلاف السلامات وكلٌ في قلبه ألم وغصّة. وذهبت كل الاحلام مع وقوع عيني علي الصليب….

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى