ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة :الوحيُ الأخيرُ لشيطان أناملي .مسابقة القصة القصيرة بقلم / علي سلمان الموسوي . العراق

قصةٌ قصيرةٌ

“الوحيُ الأخيرُ لشيطان أناملي”

علي سلمان الموسوي

 العراق.

 تقدّمَ أوّلاً الذي كان في نهاية الطابور ، ينتظر دورهُ في الانتخابات العامة للوطن، وهو يتوعّدُ إصبعَهُ المبتورَ مرّاتٍ عدّة ، لم يبقَ منه إلاّ عقدةٌ واحدةٌ ، وقبل أن يغمسها في الحبر الأزرق ، سمع صوتاً يرنُّ في أذنيه أكملتَ دورة الشيطان في رغبتك ، كلّهم يؤمنون بانقلاب الحقيقة إلى براهين التكرار ، المهرّجون يصبغون السلام ويضعون على آذانهم وسائدَ قماشٍ من بقايا الموتى،حتى لا يسمعون أصواتَ نياحهم في الحارات يعودون للحرب يهرّجون أيضاً ويحملون النعوش على أكتافهم ،

 نحلمُ جميعاً بالربيع

 نحلمُ بالمطر .. ونحلمُ بالسماء

وحين نستيقظ صباحاً

نحلمُ أن نجد زهرةً بيضاءَ تغطّي السرير نبحثُ عن كفوفِ نهرٍ حكيم خبرَ أوجاعنا عن كثب واعتاد أن يضمّدَ جراحاتنا بصمت ويمحو من قلوبنا آثار الهزائم والخيبات …

حلمَ  أحدهم ذات ليلة بالحرّيّة لم يعلم أنّها من قائمة الممنوعات في الربيع العربي ,

 وعلى الجدار المائل للمدرسة القريبة من حقول القمح ، تقفُ نحلةٌ صغيرةٌ كأنّها التوتُ البرّي ، عصرتْ فردوسَ روحها ، وكلّما اشتعلتِ الشمسُ يأتي الضوءُ المعاقُ من بعيد يحملُ النيرانَ في قلبِ الجمهور الواقف في ساحة التحرير ، ومن فوّهة الوحدة يأتي هذا الطفلُ الماثلُ في قامتي كالدّخان المنحني ، يحملُ أملاً ومواساة ..

يذكّرُ الطيورَ الراقدة على أعشاشها بأنّها تستعدُّ لرحلةِ صباحٍ جديد مفعمٍ بالأمنيات ..

ولكنَّ المعدمين لا يفكرون في وجبة الصباح أبداً

وحين تقرعُ أصابعُ الزمن أبوابَ التساؤلات في منتصف الليل ، يمتدُّ الفراغُ كئيباً ليتأملَ وجه ذلك المدمن ، ذلك الوجه العازم على الرحيل بعد أن حرقَ الحرثَ في عقرِ الديار وهو في البئر المصنوع من دسائس إخوته ، التي تعدُّ كألف عام من الصمت ، لم ينقذه أحدُ ، وشمُ الماء الرّاكد تحت قدميه ، اقتفى أثرَ دلائلٍ بعيدةِ المنال ، جاء المنقذُ الغريب كسلّمٍ مترنّحٍ يحملُ حبلاً من مسد ، على جيدٍ أطلقته الأرضُ إلى معابد الكهنة بعد أن رأى برهانَ ربه…

 الهشاشة المطلقة لكلِّ البيوت العربية ، تستيقظُ كأحلامِ الأبواب كلّما حاول اللصوص أن يدلوا برغبتهم في السطو ، يعترضُ مسمارٌ صغيرٌ قد لفظه البابُ الخشبيُّ العجوز ذات مرة من أثر الخشية المفرطة من الزمن ، أحرقوا الباب ..

وعاد المسمارُ ببطٍء يستمرُّ بتسويق العذابِ المتحرّكِ بين الخوف والحروب ، تشابكتِ المعالمُ المتنازعة حول حفنة ترابٍ توزّعت على الجهات الأربع ، عندها كان الوطنُ أولَ من جاء في معرض المزاد العلني للبيع بصحبة سدنة معابد الحقد و بائعي الأوهام الباحثين عن مشترٍ لكرامة وطن

.. وخيرات نهر

 ترجّلَ..وراح يقتفي آثارَ الريحِ التي جاءت بقميصه المخزّق بعد أن هرب من الجحيم ، لا يدري بأنَّ المسافاتِ لعبةٌ تدور حول المخبأ الذي صنعه خائن الليل ..

خارج المألوف صفعَ شسعَ نعله إلى المقبرة المغايرة تحت أقدام الغزاة وفي المكان الملائم للأقنعة تباهى البائعون في المهرجان السّرّيّ ، الخداع هو الانقلاب الرسمي على مائدة الضيوف القادمين من خارج الحدود ، يأتي الرجل العجوز بعد أن أعاد صناعةَ الموروث في دمه البدوي ، أدار رأسه ، واختار قناعاً يعود لألف عام وهو يقول قد جئتُ بالجنة ، وجئتُ بالرغيف الموشوم بوجه الحقول , وجئتُ بالبقرة الفاقع لونها وجئتُ بالخمر والحناء وحور العين ، راوده الشكّ وانتظر خيانةَ الدروب

 وأملُ النهرِ الصغير كان فاضلاً ، لم يسمع أسئلةَ العرّافاتِ ولا الشجن القادم من نداء المقهورين , يحملُ صرّةَ الصبر في أنين المعدمين ، قرر أن يكون بحراً ليس من أجل الحيتان القابعة تحت قبّة البرلمان

 بل حتى يتّسعَ للحقائب المحشوّة بالألم ويستوعبُ أغاني العتاب على ضفاف الرافدين وهو يتفقّدُ نهايات الحزن ، ذلك الشاعرُ الذي يرثي عمرَهُ المباحُ شرعاً للتجاعيد المحرجة على مداخل قصائده , عاد يسخرُ من الاشتهاء الذي يروادُ خلوته بين الفاتنات ، وعاد بسلّةِ الأسى الموزّع على طول الطريق بين قلبهِ ومدينة الظلام ..

وعادت ضحكةٌ طفوليّةٌ فيها الطوق اللامعُ الذي يبدو ذهباً ، لم يكن كذلك إنما كان من زفرات النفط المباع في صناديق الاقتراع,

ضحكت فاطمة الطفلة البريئة المعاقة ، كانت صمّاء ، بعد أن سلب المؤمنون لسانها وهي أوّلُ من ارتدت وشاحَ الحروب ، وعمّها الأستاذ الجامعي في حارتي ، تغيّرت أدواته ، استبدلَ القلمَ بالبندقية واستعار الرصاصاتِ بدلاً من البلاغة ، وارتدى اللون الزيتوني

هكذا صحوتُ على صراخِ أمي حين جاءني محتفلاً بحضور أبي المعارض لصوت الموت ..

  في قريتي_

الأولادُ الصغار يلعبون في الشارع الترابي المحيط بالقرية ، يتخاصمون من أجل هدفٍ تسللَ بالخطأ في مرمى الخصم ، انتقلتِ العدوى إلى العرب يتقاتلون من أجل هدف (مسّي) في مرمى( ريال مدريد)

 ويستمرُّ الجدال حول الغيمة الملبّدة بشواء القلوب ، استوعبت كلَّ أعقاب السكائر في بلادي ، للحظة واحدة ، ملأت ضوضاء عنقها بالدّخان ، كي يرسمَ غيمةً مخيفةً في سماء بيروت ، انهمرت بلا خجل ، حتى ودّعَ العشاقُ حبّات الرملِ الهادئ على كورنيش الروشة والجمع المبارك بلا وضوح الاحتفاءُ بمهارة الصّيادين في عيون الأسماك الهائجة في البحر ، هو ذات السّمة المجهولة والمقايضة لهجرةِ الطيورِ في فضاءاتِ الماء لحزنِ الرافدين،

عجبا كيف استطاعت حمامةُ الهور الجنوبي العراقي أن تنجب العطشَ والهروب نحو طلاسم الهزيمة ..؟

 والأطفالّ المولعون برسم عيونهم الصغيرة على الورق الأسمرِ المدوّرِ من بقايا الحافلات

تمزّقها الريحُ التي لا تحمل لهم قوالب الحلوى ، مصيرهم كالحبر الأسود حين يرسمُ المداخن في مدخل المدينة ,

 والدموع الفاضلة تقدّمت للمرتبة الأولى في مضمار الأحزان ، حصدت أعوامها عرفاً حين فارقت السلام ، أتى يحمل سبيلَ العرّافة البدوية ، لم يجد شيئاً غيرَ حبّات المطر التي سقطت قبل عام الفيل ، هي ذاتها أدمنتِ الهروبَ خارج قوانين الحنّاء الذي تضعهُ النساءُ عند مواسم العيد ، حاولت أن لا تبحث عن السقطات البريئة للوطن ، حين يهاجر العظماءُ

إلى قارعة المنفى ..

والقلبُ المشظّى بثقلِ المواقيت يبلغ دورةَ الندم ، حين تراكمت عليه الحجب في الدوائر المغلقة ،

 قطفُ الثمارِ ليس سهلاً ، حين يعودُ الوطنُ بلا بصر

.. ولا بصيرة

 وحين جاء حمورابي يعتصرُ الزمنَ بين كفّيه ،

 الكفوفُ التي كانت تحتضرُ فيها ألفُ نجمة ،

 وتلهو بين تفرّدها طفلةٌ تعودُ إلى انتماء القمر ،

 ندم حمورابي ..

 اعتصرَ عافيةَ الكوارث ، مزّقَ الشريعة،

حين بابل سقطت أسيرةً بين فكّيّ الغزاة .

 

 

009647705551747 واتس.

https://www.facebook.com/profile.php?id=100005665333438

علي سلمان الموسوي.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى