ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة .بدون وجهة . مسابقة القصة القصيرة بقلم / عبدالرحيم طالبة صقلي . المغرب

الاسم: عبدالرحيم طالبة صقلي

البلد : المغرب

نوع المسابقة : القصة القصيرة

الواتساب 00212662210262

الايمايل:

[email protected]

الفيسبوك:

talba Abderrahim skalli

 

 

قصة قصيرة

 

* بدون وجهة **”

 

بالمحطة ينتظر القطار، ليأخده الى مكان بعيد، متجاهلا مصيره وقدره، وحتى وجهته، ماسكا في يده حقيبة أمتعة صغيرة، تظهر عليه عواقب حياة فاشلة، يحاول أن يحارب التعب الذي انهك روحه وجسده، لم يعد قادرا على الوقوف، وضع حقيبته على الأرض، وتركن في زاوية غير بعيدة عن الرصيف، وحرصا منه على تذكرة السفر خوفا من ضياعها ، وبعد أن تأكد من وجودها قبلها وأعادها الى جيبه.

شعر أن النوم بدأ يأخد من جسده ببطئ، رغم مقاومته له لحظة تذكر الحي، الببت، الاصدقاء العمل، كما لو أن قوة الاهية تشده للبقاء. وهو في غفوته سمع مكبر الصوت، ايها السادة المسافرون نخبركم أن القطار يدخل المحطة بعد قليل، بالنسبة للمسافرين بدون وجهة أن يركبوا العربات ذات اللون الأسود حتى يكونوا في مأمن عن عيون الناس.

نهض، وهو يمسح عيناه الدامعتين، دخل القطار المحطة، هرول المسافرون الى المقطورات، تحرك هو الآخر، حمل حقيبته وإتجه الى إحدى العربات السوداء، تسلق الدرج ببطئ ودخل احدى المقصورات، وضع حقيبته بالمكان المخصص للأمتعة، ووقف بممر العربة بالقرب من نافذة، ليلقي نظرته الأخيرة على المكان، حينها إمتلكه شعور غريب، تسارع نبض قلبه مثل ايقاع المسافرين المتأخرين إختفت عليه الرؤيا مع الغسق بالكاد كان يرى مصابيح المحطة الباهتة.

أغلقت ابواب المقطورات ، رفعت اصوات الصفارات معلنة أن القطار على وشك الأنطلاق ، وعند انطلاقه كان الناس يلوحون بأياديهم مودعين أهاليهم، بإستتناء مسافري المقطورات السوداء المتواجدة في مؤخرة القطار حيث الرصيف خالٍ من الناس سوى بعض الكلاب الضالة تجوب المكان.

عاد الى مكانه بعد أن غادر القطار المحطة، ليفاجأ بإمرأة جالسة في نفس المقصورة التي وضع فيها حقيبته، فكر للحظة أنه شبح يطارده، وأن الماضي سيلاحقه مهما ابتعد، نظرت اليه بلطف، وبعد التحية سألته، من فضلك انت كذلك مسافر بدون وجهة ودون رجوع لأني لارغبة لي في العودة إلى هذا المكان مرة أخرى اريد أن أغادر دون رجعة مدى الحياة والى الأبد. ليس له رغبة في الكلام مع أي كان ، وحتى لايكون مخالفا للصواب رد عليها بأدب، وبصوت خافت، نعم انه هو القطار بدون عودة.

أخد يوميته التي اشتراها قبل وصوله إلى المحطة، وهو يتصفحها، شمّ رائحة عطر، ذكرته بشخص أحبه في يوم من الأيام، رفع رأسه في اتجاه العطر، المنبعت من كتاب تحمله السيدة بين يديها بحلق فيه ليقرأ عنوانه المكتوب بخط واضح وعريض ((عطر وردة ذابلة)) .

بدت له السيدة حزينة، متعبة، ومنهكة هي الاخرى، من خلال ملامحها بعيون ذابلة ووجه شاحب، ولإشباع فضوله سألها ما بك سيدتي ؟ فكانت ردة فعلها تائرة، لاشيئ عاد يشدني إلى هذا المكان، اريد أن أغادره بعيدا وأعيش وحيدة حتى أموت وبداخلي حزني. قاطعها بمرارة، إسمحي لي سيدتي ما الذي يؤلم إمرأة جميلة مثلك، وهذا القطار ليس هو الحل الصحيح لألامك، إنه يؤدي إلى وجهة مجهولة يمكن ان تكون جهنمية، صحيح ان هناك لاخبث، ولا نفاق، ولا ذئاب مصعورة لكن العيش ليس بالساهل كما تتصورين.

ألقت كتابها وتنهدت تنهيدة طويلة ، آه لو عرفت ما فعلت بي الحياة، لقلت لي أني متوجهة للفردوس، لدي يا سيدي الف سبب لترك كل شيئ، والذهاب بعيدا. اراد أن يخبرها أنه ليس بالجميل نسيان كل شيئ وأن الحياة ليست بالمثالية ولا العادلة. لكن تذكر هو الآخر أنه هارب من نفس المكان.

صمت وعاد ينظر من النافذة ، لاشيئ في الأفق، الكل كان يخفيه ظلام الليل الموحش الا بصيص اضواء مصابيح جد بعيدة لا تسمح برؤية اي شيئ.

كلما كان القطار يبتعد ويطوي المسافات، كان قلبه ينشرح أكثر ويشعر بالإرتياح لإبتعاده عن عالم أعطى فيه كل شيئ، ولم يأخد منه أي شيئ . من كثرة تعبه، اخدته غفوة ، وسرح في حلم جميل… بإمراة جميلة جمالا لم تقع عينه على شبيهة لها في أي مكان، معتدلة القوام، لا نقص ولا زيادة، انفها دقيق صغير كأنها اميرة، شعرها اسود ينسدل فوق كتفيها، رشيقة كأنها فراشة تمرح في حديقة من زهرة الى وردة، عينان بنيتان، صوت عذب سجي، ابتسامة جميلة. شعُر وكأنهما يحلقان في السماء مع النجوم . لكن توقف القطار المفاجئ بخر حلمه. فتح عيناه واذا بالسيدة وقفت وقالت له، الا تريد أن تنزل في هذه المحطة لنبدأ حياة جديدة؟ أجابها ما أبحث عنه أكثر هو النسيان لذى سأنزل في المحطة الاخيرة، ودعته قائلة، آمل أن تتاح لنا فرصة لقاء آخر. نزلت وهي تنظر اليه النظرة الأخيرة، ثم إختفت عن عينيه.

أغلقت ابواب المقطورات ، تحرك القطار، فشعر بروحه المفقودة مثل غريق في محيط، فقد احساس وشعور جميل عند نزول هذه السيدة.

استأنف القطار رحلته الى المجهول، الى ابعد محطة ، رحلة دامت ساعات وأيام وأشهر وسنوات، وأخيرا توقف القطار عند سكة واحدة هي نهاية السير، محطة مهجورة صحراوية ليس فيها سوى سهم يشير إلى باب الخروج من المحطة ، وعلامة مكتوب عليها هنا تبدأ حياتك الجديدة.

عبد الرحيم طالبة

المملكة المغربية

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى