ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة :بكاء تليفزيوني . مسابقة القصة القصيرة بقلم / محمود خالد عبد الجواد .مصر

الاسم: محمود خالد عبد الجواد
الدولة: مصر
اسم الشهرة: محمود خالد
وسيلة الاتصال: 01004907933
رابط حساب فيسبوك: https://www.facebook.com/mahmoud.qudsy

عنوان القصة: بكاء تليفزيوني
===================
“هيا يا أساتذة.. الفاصل ينتهي بعد قليل”
جلس أمامها، طاولة كبيرة تفصل بينهما، تتظاهر بالنظر إلى الورق، تختلس النظرات إليه، دقائق لا تكفي لحديث طويل في النفس، ويأبى الخروج.
“جاهزة يا أستاذة؟ جاهز يا فنان؟ لحظات ونكون على الهواء، 5…4…3…2…1”
تلاقت النظرات؛ وجهان جامدان، يناضلان من أجل رسم ابتسامة هادئة، وعينان ثابتتان، كانتا تفيضان بالمشاعر في آخر لقاء بينهما.
أضاء مصباح الكاميرا الأحمر..
– أعزائي المشاهدين، رجعنا إلى حضراتكم، ومعنا الفنان الكبير محمود مطاوع… أهلًا وسهلًا بحضرتك!
– أهلًا بحضرتك، وجميع السادة المشاهدين.
– شرفت برنامجنا.
“أشك”، قالها في نفسه.
– الشرف لي.
– في البداية، حدثنا عن آخر أعمالك في الفترة القادمة!

دار حديث اعتيادي، وضحكات مصطنعة تستر السأم الذي يتسلل إلى نفسها، تبحث عن جذوة تشعل الحلقة.
– ما رأيك في الشائعات التي تتردد في الآونة الأخيرة حول علاقتك بالفنانة…؟
– مجرد شائعات ليست صحيحة، علاقتي بالوسط الفني كله مبنية على الاحترام.
وجهها الجامد يخفي صراعًا داخلها، بين غبطة فطرية وغيظ من هدوئه الذي يفسد الحلقة.
– نخرج إلى فاصل، ونعود لحضراتكم. ابقوا معنا!

– رجعنا إلى حضراتكم أعزائي المشاهدين، ونواصل حلقتنا مع الفنان الكبير محمود مطاوع. أستاذ محمود، الكثيرون يتساءلون عن حياتك الأسرية، وما أسباب عزوفك عن الزواج حتى الآن؟
– (ضحكة قصيرة)، هذا سؤال جريء جدًا. الحقيقة أني تزوجت مرة منذ 20 عامًا، ولكن الزواج لم يدم طويلًا.
– وهل أنجبتما أطفالًا؟
تعجب من جرأتها الزائدة، وخلفها رئيس القناة يتابع من غرفة الإخراج، ينظر إلى مؤشرات متابعي الحلقة تأخذ في الارتفاع.
– نعم، كانت بنتًا.
– كانت؟
نظر إلى الأرض، ورد “توفيت صغيرة”. لم يلحظ أساريرها التي تهللت خلسة من عدسة الكاميرا، ثم تصنعت الجدية وبصوت منكسر قالت “آسفة”.
المؤشرات تواصل الارتفاع..
– ولِمَ انفصلتما؟
سكت برهة، واكتفى بنظرات معاتبة إليها. لم ترد، واكتفت بانتظار رده.
– لم تتحمل وفاة ابنتها.
عدسة الكاميرا تقترب من وجه الفنان، تتصيد عينيه، دمعة تفر من مقلتيه، المؤشرات ترتفع بقوة.
– كيف توفيت ابنتك؟
سكت، هذه المرة سكت طويلًا، أخفى وجهه ونظر إلى الأرض مطولًا، اكتفى بنشيج وبركان يغلي في صدره.
– كانت تعاني من مشاكل في القلب. (ويبدو أنها ليست وحدها)، قالها في نفسه.
لحظات من الصمت، ويا ليتها كانت القاضية..
– ماذا تريد أن تقول لابنتك؟
– افتقدتـ…. وأجهش بالبكاء. نظر إليها من بين عبراته، لم يصدق هذا الجمود الذي يرسم ملامحها.
المؤشرات تسجل رقمًا جديدًا. المخرج يتحدث إليها عبر السماعة: “هل نخرج إلى فاصل؟”، نظرت إليه وأشارت بإصبعها يمنة ويسرة، ثم لوحت له – من خلف الكاميرا – بأن يواصل التصوير.
– ألا تتمنى أن تراها؟
انفجر بركانه؛ صاح وهاج بأعلى صوته، تفوه بكلمات كثيرة، لم تسمع منها سوى “… ألم تكن ابنتك أيضًا؟ لن أكمل تلك الحلقة”، ضرب طاولة الزجاج براحة يده ورحل.
صمتت لحظات، نظرت إلى الكاميرا، وقالت بدموع مقيدة “نلقاكم في الحلقة القادمة… إلى اللقاء”.
انطفأ المصباح الأحمر، انفجرت باكية، التف حولها طاقم العمل، بنظرات محاصرة بين اللوم والشفقة، رئيس القناة يتقدمهم، اقترب منها وهمس في أذنها “قدمتِ حلقة رائعة”.
اعتدل في وقفته، صاح في طاقم العمل: “لنتركها قليلًا كي تهدأ!”، خرج الجميع وتركوها وحيدة.
بكت… هدأت. أمسكت بهاتفها المحمول، نظرت إلى الشاشة، وابتسمت.
صار اسمها الأكثر تداولًا في مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى