ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة ..تلّون . مسابقة القصة القصيرة بقلم / منى عزالدين/سوريا

https://www.facebook.com/profile.php?id=100009043078489

منى عزالدين/سوريا
لمسابقة القصة القصيرة
بعنوان (تلوّن)

.- تبا لكم؛ أنتم من أججتم الحرب في بلادنا وأتيتم بنا إلى هنا.
لاتفغر فاك هكذا كالأبله أيها الغر المعتوه.
هيا انظر إلي ، أتراك لا تملك الشجاعة؟ أم أنك محرج لأنك لم ترد على سؤالي البسيط؟
لعن الله الحروب التي شطرت دروبنا وقبح الله أرضكم التي ابتلعتنا ذات زلزال.لو كنت في بلد عربي لتسابق الناس لإرشادي، أنتم عنصريون

تمتمتُ بالكلمات، وانا أقذفها في وجهه لتصطدم بصفحة خده الباردة البيضاء، فتتكاثف وتتساقط قطرات لامبالاة عند قدميه.
لم يكلف نفسه حتى النظر إلي، بعدما أشاح بوجهه عندما هممت بسؤاله عن المحطات التي يمر بها القطار.
تنحنحت في جلستي، رفعت رأسي إلى خريطة مرسومة فوق الكرسي الذي يقابلني،
حسنا إنها توضح المسار، لكنني لا أفهم شيئا، خطوط متداخلة مع كلمات ألمانية صغيرة جدا،
استغليت وقوف القطار في محطة ووقفت قبالة اللوحة محاولة تتبع الخطوط

– أتسمحين لي بالمرور؟

التفت ناحية الصوت، شابة شقراء أفرجت ابتسامتها اللطيفة عن أسنان كاللؤلؤ
وانسدل الشعر الذهبي على الكتفين العاريتين.
أفسحت لها وعندما أوشكت على السقوط أرضا أمسكتني وسألتني إن كنت بحاجة لمساعدة.
أخيرا جاء الفرج، فبعد ذلك الشاب العشريني الذي أشاح بوجهه عني لم أجرؤ على سؤال أحد.

– يبدو أنني ركبت في القطار الخطأ
أريد الذهاب إلى “كالك بوست”

أجهدت نفسي كثيرا ، اعتصرت ذاكرتي حتى كونت هاتين الجملتين بقواعد صحيحة، إذ من المعيب وأنا بهذا السن أن أتفوه بجمل ركيكة كالأطفال ، أو هكذا كان يخيل إلي.

-حسنا عليك تبديل القطار ، بعد محطتين نصل “نوي ماركت”
انزلي فيها واركبي القطار رقم “9” لكن من جهة اليمين

أصغيت جيدا وأنا أحاول مقابلة كلماتها بصور خزنتها في رأسي، وبجهد جهيد وصل دماغي في ترجمة الكلمات إلى جهة اليمين.
فغرت فاهي آه كم مرة حاولت التفريق بين “links” و “richt”
وأعود لنسيان أيهما اليمين، حركت يدي بحركة لا إرادية كي أتذكر حركات المدرسة وهي تحفظنا الكلمتين.
مع حركتي سقطت محفظتي وتناثر مافيها.
شاركتني يد أخرى في لملمتها وإعادتها للحقيبة.
نظرت إليه لأشكره لكنه التفت بسرعة ومضى إلى حيث كان يجلس قبالة مقعدي
لا أعلم لم ينظر إلي هكذا!؟
أمره غريب حتى ملامحه محيرة لاتستطيع أن تجزم إن كان عربيا أم غربيا من جهة، ولا تميز نظرته إن كانت ودية ام عدائية من جهة أخرى.
وجه بلا ملامح تعبير
-حسنا ياهذا إن كنت غربيا فليس من عادتكم التحديق في الوجوه، لابد أنك عربي إذن

ابتسمت لا إراديا لملمس اسم العربي على أديم نفسي، لكنه ظل على جموده.
حسنا؛ لابد أنه عربي بالغ في الاندماج

استغرقت معي عملية التفكير زمن وصول القطار إلى المحطة، وعندما لاحظت تلك الفتاة الألمانية شرودي اقتربت مني وقالت أنها ستنزل معي لتوصلني بنفسها

-كم أنتم شعب لطيف، لقد احتضنتمونا في حين لفظنا الأخ والشقيق، هذا هو الغرب الرحيم الذي تفاضل على العرب بنقطة في الكتابة ونقاط في الأخلاق.

طربت لكلماتي ومسحت على رأسي بحنان كما يمسحون على رأس حيوان أليف، وفي لحظة الامتنان تلك التقطت لي معها صورة تذكارية قبل أن تودعني.

في اللحظة التي تلتها، ومع التفافي لركوب القطار غافلني جامد الملامح ذاك وسرق حقيبتي. انكفأت على وجهي من قوة السحب.
كيف هذا وما العمل الآن ؟ على من أصب جام غضبي وأكيل الشتائم؟

تقدمت يد لترفعني عن الأرض، أشحت بوجهي مع شكر، وقررت أن أنهض وحدي هذه المرة

في اليوم التالي صوري تملأ الشاشات
وكيل عبارات مديح للشعب الإنساني الذي احتواني رغم جهلي وقلة حيلتي.
تسمرت أمام الشاشة، انتظرت الخبر التالي هيا وجهوا الكاميرا إلى ذلك الذي سرقني.

أغنية تتحدث عن السلام تنهي الخبر، أعقبها إعلان ممول لشركة أسلحة.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى