ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة (جنون حكيم) مسابقة القصة القصيرة بقلم / خالد أخازي. المغرب

قصة قصيرة :خالد أخازي. المغرب.

جنونٌ حكيمٌ

 

استيقظت كالعادة على الساعة السادسة صباحا، خنقت المنبه بأصابع خاملة، تمطيت فأحسست أن شيئا ما تسرب إلى دماغي كهواء بارد لكنه مريح ساحر ، بحثت عن

حذائي تحت سريري، ثم علبة وفرشاة التلميع، فجأة تغير مزاجي وتبدد هوسي، فقررت لأول مرة منذ عشرين سنة ألا ألمع الحذاء “لم َكنت ألمع حذائي كل صباح ؟” لم يسبق لي أن طرحت على نفسي هذا السؤال…نظرت إلى وجه أمينة زوجتي وقد انبطحت على السرير مدلية قدميها المخضبتين بالحناء القاتمة اللون…لم أنتبه قبل هذا اليوم أن أمينة تصدر صفيرا عند النوم وتنام على ظهرها …نزعت حذائي…وقررت ألا أنتعله بعد الآن .

في الطريق نحو مكتبي بمصنع الأدوية، توقفت لأول مرة عند عربة العم مبارك …طلبت حساء وجلست على كرسي بارد… سنوات وأنا ألج بوابة المصنع بالسيارة، أوزع نظرة خاطفة على الرجل ، يلوح لي بيده وينحني قليلا، تصلني رائحة حساء الفول المعطر بزيت الزيتون، ألج المكتب أجد قهوتي السوداء وجريدة وكاتبة لا تتوقف عن الابتسام وتغيير العطور…هذا الصباح مشيت حافيا ومترجلا، نظرات مختلفة تبحث عن جواب ” أأنت فعلا…حافيا…..وبدون ربطة عنق….وتشرب الحساء في هذا الصباح البارد ؟ “

توقف بعض الزملاء….نوافذ السيارات تفتح في انسياب…نظرات مختلفة….أعناق تشرئب….نوافذ المكاتب تفتح همهمات….

تحضر أمينة رفقة صهري بائع خردة السيارات، تشدني من يدي، أرمي نفسي في المقعد الخلفي لسيارة صهري المتجهم ، تسألني وهي تلطم خديها ” ماذا وقع؟ أجننت ؟” أردت فقط أن أقول لها إنني لن أنتعل بعد اليوم حذائي، وجدت ألا جدوى في القول… صمت وأحسست بلذة غامرة في بحر الصمت

امتلأ البيت بالناس، غُصْتُ في صمتي الجميل، حزن ما انتشر في أركان الغرف، لا أعرف لماذا أتى كل هؤلاء الناس، لِم يتحدثون طويلا مع أمينة.؟ جاءتني رغبة في التغوط…نزعت سروالي وملابسي الداخلية وقصدت بصمت المرحاض….مررت أمام غرفة الضيوف….صرخت أمينة، غطاني جاري بائع الدجاج بإزار ، ماذا وقع ؟ أردت فقط التغوط، عاريا شعرت بمتعة غريبة.. سعادة غريبة، فقررت أن أظل بعد اليوم عاريا…..

أردت أن أحدث أمينة عن سعادتي…لكنها لا تتوقف عن البكاء واللطم….سأصمت….لن أحدث أحدا عن رغباتي ….عن سعادتي ..كيف كنت أحمق منذ سنوات، أخنق قدمي في حذاء أضطر لتلمعيه كل صباح ؟ولِمَ جسدي كان حبيس معاطف وسراويل وعنقي مطوقا بأربطة لا معنى لها..؟ ما الفائدة من ربطة عنق تضيق لها الأنفاس ؟ كم كنت أحمق… ! مساكين هؤلاء الحمقى المحيطون بي……يتعذبون في أحذيتهم وملابسهم وحليهم …لن أشرح لهم….سألتزم الصمت…وهل ينفع الحوار مع الحمقى؟

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى