د.محمد فتحي عبد العال
مصري ومقيم بالمملكة العربية السعودية
رقم التواصل واتس 00966583609502
رابط الصفحة الرسمية على الفيس
https://www.facebook.com/profile.php?id=100063922154848
رابط الصفحة الشخصية على الفيس
https://www.facebook.com/drmohammed.aal
فرع القصة القصيرة
حكاية أم اكرام
-لقد فقدت كل شىء اللمسات الحانية والحضن الدافيء السند والعائلة ..ماذا تبقى لي حتى أبقى ؟
قالتها خديجة وهي تودع جيرانها وحطام بيتها المحروق وما تبقى من ذكريات وسط ركامه
حرب ضروس لا تبقي ولا تذر أكلت الأخضر واليابس ووباء مخيف اجتاح العالم وحط رحاله في الجسد السوري الهزيل فصار المرض والفاقة عنوانا لهذا البلد الذي شهد ربيع الحضارة الأسلامية يوما مما اضطر الكثيرون الى ترك وطنهم بحثا عن ظروف حياتية أقضل ومنهم الست خديجة وابنتها اكرام .
فقدت خديجة زوجها وأسرتها المكونة من خمس أولاد واكرام في غمضة عين مع قذائف الجماعات المسلحة على ادلب ونجت باكرام الطفلة التي لم تتجاوز السابعة من عمرها .
رحلة من الشجن منظر الدماء لا يفارقها ورائحة الدمار والخراب في كل شبر لا ترحل عنها لم يقطع شرودها سوى كلمات العم مجدي :
-مرحبا بك ست خديجة أنت في وطنك الثاني مصر .
عم مجدي رجل طاعن في السن رافق والد خديجة في فترة الوحدة بين مصر وسوريا حيث جمعتهما أواصر الصداقة والأخوة في معسكرات الجيش السوري في القامشلي وبالرغم من الأنفصال بقيت جسور الوحدة تربط بين قلبي الصديقين ولم تنقطع بينهما الرسائل حتى وفاة والد خديجة في التسعينات من القرن المنصرم .
كانت وصية والد خديجة لها بالالتجاء اليه في حالة حدوث أي مكروه لا سمح الله وكأن قلبه كان يشعره بتقلبات القدر .وفر عم مجدي لخديجه وابنتها مسكنا صغيرا وتولى دفع ايجاره عنها .
-أنت في مقام ابنتي يا ست خديجة ولولا تواجدها مع زوجها بالخليج لأمرتها أن تكون بالقرب منك وملازمة لك ولا تحملي هم المال أدبر كافة مصاريف اقامتك بمشيئة الله .
-شكرا يا عم مجدي لقد قمت بالواجب وأكثر .أملك مدخرات تكفي لعمل مشروع صغير .
فكرت خديجة في استثمار موهبتها في عمل الحلويات الشامية اضافة لدراستها للتغذية العلاجية وساعدها عم مجدي في توفير دكانا صغيرا بالحي وألح في اهدائها المتطلبات الأساسية للدكان من زيت وسكر وخلافه فوافقت على مضض بشرط أن يكون ذلك دينا عليها تسدده حينما تتسع تجارتها فوافق الرجل .
الا أن عم مجدي خشي عليها من منافسة محال الحلويات حولها وستكون منافسة غير متكافئة لكن اكرام اعملت ذهنها في فكرة غير تقليدية .
-لا تقلق يا عم مجدي لدي فكرة جديدة …أننا في فترة جائحة وأكثر المعرضون لها مرضى السكر والسمنة فماذا لو صنعنا لهم حلوى صحية بمكونات غير تقليدية مثل العسل ودبس التمر وجوز الهند كبدائل للسكر وبأشكال غير تقليدية مثل الكريب وكوكيز الكيتو..
-ما شاء عليك يا أم أكرام وفقك الله
بالرغم من صغر سن اكرام الا أنها كانت تعي معاناة أمها وما شهدته من أهوال فكانت تساعدها وتقوم بتغليف الحلوى التي تصنعها الأم وتجلس بها في مقدمة الدكان وبصوت صغير ودافيء تنادي علي المارة :
-حلوى صحية يا عمو.. حلوى صحية يا خالة
كان نداء الطفلة غريبا فما معنى الحلوى الصحية ؟!!! مما ولد الفضول لدى أهل الحي للتجربة وصار المذاق الفريد لهذه الحلوى مع مناسبتها للامراض المختلفة دعاية قوية لدكانها الصغير .
كانت فرحة الأم عظيمة حينما التحقت اكرام بالمدرسة لقد أحست أن كل ما مضى يهون أمام هذه اللحظة فالمستقبل الأجمل قادم بها ومعها .
وبين مساعدة أمها والدراسة بجد نجحت اكرام في الفصل الدراسي الأول وكانت الأولى على المنطقة التعليمية وتحقق حلم الأم ومع العطلة الدراسية ثم تحول الفصل الدراسي الثاني ليكون اختياريا بين الانتظام الدراسي أو التعليم عن بعد اختارت الطفلة التعليم عن بعد لتساعد أمها بشكل أكبر وبدأ الأقبال يكثر على حلوى الست خديجة من كل حدب وصوب ولم يعد مقتصرا على أهل المنطقة فاختارت محلا أكبر وأوسع واختارت له اسم حلويات الصحة مصرية وسورية ..
: