ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : دخان أسود .. مسابقة القصة القصيرة بقلم / إيناس سيد جعيتم ..مصر

مشاركة في مسابقة المهرجان

الاسم: إيناس سيد إبراهيم

اسم الشهرة: إيناس سيد جعيت

نوع المشاركة: قصة قصيرة

رابط الصفحة: https://www.facebook.com/profile.php?id=100064010294252…

عنوان القصة: دخان أسود

دخانٌ أسود

كمهرٍ صغيرٍ يتقافزُ فرحًا كان يجري وسط الحقولِ الخضراءِ، متعلقةً عيناه بزوجتِه التي تسبقه بأمتارٍ يتبعها صوتُ ضحكاتِها، تلتفت له فتلتفُ ضفيرتاها في الهواءِ لتحتضناها وتعاودان الطيرانَ خلفها، يرقص قلبُه طربًا مع ضحكاتِ صغيرتِه التي تجلس في حجرِ والدتِه أمام بيتِه الريفي البسيط، يجري بسعادةٍ وراء زوجتِه مبتعدًا عنهما فتبتعد عنه لتغيب عن ناظريه، تختفي ابتسامتُه ويبدأ القلقُ يداهمه، يسرع ليلحقَ بها فتخونُه قدمُه ليسقط في هوةٍ سحيقةٍ وكأن الأرضَ انتهت فجأة، يسقط ملوحًا بساقيه وذراعيه في الهواءِ وقد ازدادت نبضاتُه سرعةً حتى كاد قلبُه أن ينفجر، تلاحقت أنفاسُه وشعر بانقباضٍ في صدرهِ وهو يهوي ناظرًا للشمسِ وهي تبتعدُ فيدخل في ظلامٍ دامس.

فتح عينيه فجأةً وانتفض جالسًا ممسكًا بصدرهِ في ألم ، كاد كتابُ (درويش) الذي وضعه تحت رأسهِ أن يسقط فأمسكه بلهفةٍ ووضعه على حافةِ السور، دوار رأسهِ يجعلُها تميل تحت ثقلِ الخوذة، يحاول بلعَ ريقهِ فيستعصى عليه إلا من لزوجةٍ مرةٍ تغلف حلقَه.

يرفع زجاجةَ المياهِ الفارغةَ ويرجُها، تأبى شفتاه المتشققتان الابتسام، يلقيها أرضًا باستسلام، خمسةُ أيامٍ مذ تركوه فوق هذا البرجِ ليقضي مناوبتَه في الحراسةِ التي عادةً ما تستمر لاثنتي عشرة ساعة، عقلهُ المشوشُ يخلط الأحداثَ في سيرياليةٍ مبهرجة، تمزج صوتَ أمهِ بآخر ما سمع من جهازِ اللاسلكي قبل أن تنفدَ بطارياته:

شششش..موقعك..خطوطنا….تعود لي..ششششش.العدو….حبيبي..لازم… شششششش…

وكلمات درويش.

تلعق الهلاوسُ عقلَه على مهلِ، يخيلُ إليه أنه يرى أحدهَم قادمًا، يعتدل في جلستِه ويمسك بمنظارهِ المكبرِ بيدين مرتعشتين وينظر فيه، إنها صغيرتُه تجري فوق الرمالِ هناك، يمد يدَه ليمسكها فيسقط المنظارُ منهما، يخشى أن يغمضَ عينيه فيسقط في الهوةِ السحيقةِ التي تلازمت والنوم ِ لديه، شارفت الشمسُ على المغيبِ، تعجب من لهفتِه لحلولِ الظلامِ وما يرافقُه من إحاطةِ قطيعٌ من الذئابِ للبرج، في الليلةِ السابقةِ شاركهم العواءَ وبكاهم وهم ينصرفون، لا يقوى ذراعاه اللذان اعتادا حمل الفأسَ على حمل البندقية، ماعاد يهمه أيأتيه عدوٌ أم صديق، تكالب عليه العطشُ والجوعُ و… الوحشة، أمسك الكتابَ ووضعه خلف رأسه، أغمض عينيه وهاجرت روحُه إليهم، الحقلُ الأخضر.. زوجتُه الضاحكةُ تسبقه.. ضحكاتُ صغيرتِه ووالدته.. وتنقطع الأرض.. ويسقط…

يهوي في طمأنينةٍ وراحةٍ مودعًا الشمس، يهذي بكلماتٍ لا يعرف من أين أتته:

«ستنتهي الحربُ..

ويتصافح القادةُ..

وتتبقى تلك العجوزُ تنتظر ولدهَا الشهيدَ

وتلك الفتاةُ تنتظر زوجَها الحبيبَ

وأولئك الأولادُ ينتظرون والدَهم البطلَ

لا أعلم من باع الوطن

ولكنني رأيت من دفع الثمن».

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x