ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة .دستة شمع . مسابقة القصة القصيرة بقلم / محمد ابراهيم عبده سيداحمد-مصر

مسابقة القصة القصيرة
بقلم: محمد ابراهيم عبده سيداحمد-مصر
اسم الشهرة:محمد المراكبي
التواصل: ٠١٠١٢٥٦٢٥٠٦
الواتس :٠١٥٥٨٨٨٣٥٤٦
الفيس ب https://www.facebook.com/mohammad.almarakby

‎(دستة شمع )
‎لم ير الفتى أبدا إلا بملابسه الرثة
‎وأقدامه الحافية
‎و شعره المنكوش
‎وجبهتِه الناتئةِ
‎وعيونِه الحائره
‎ووجناتِه المنهكة
‎و لحيتِه الخشنة غيرِ المهذبة
‎ولعابِه الذى يسيلُ بغزارةٍ من شِدقيْه كأنه يتدفق من صنبور أصابه العطب
‎فيبللُ تلك اللحيةَ الهائجة فيزيد من خشونتها فتصير كألياف من مسد.
‎كان يمشى بخطوات مسرعة، لكنها قصيرة و متقاربة ، تكاد تتلامس أطراف أصابع إحدى قدميه بكاحل القدم الأخرى،
‎يمشي غيرَ مكترثٍ بمن حولَه
‎.يظهر للرائي من بعيد كأن لم يجهده المسير
‎فإذا اقترب منه سمع حشرجات صدره المكلوم.
‎يحمل فى احدى يديه قطعةَ خشبٍ اجتثها له وهذبها أحدهم .
‎لا أحد يعلمُ لها من مآرب الا تلك المآرب المستوحاه من عصا موسى الكليم ،
‎فكان مما أُشيع عنها أنها عصا مبروكة ،
‎وأنه إذا رفعها مشيرا إلى شىءٍ تحقق المرادُ إمَّا بمسخٍ أو مرضٍ أو ربما ببركةٍ وعافية.
‎كانوا يحكون حكايات كلها معنعنة يبروزن فيها كراماته أو معجزاته.
‎فلقد زعموا أنه أشار مرة الى أحد الرجال وكان رجلا وسيما فتيا
‎أشار إليه بعصاه وهمهم همهمات لم ينتبه إليها أحد إلا وهم يشيعون هذا الرجل فى اليوم التالى.
‎لم يكن يحنو عليه غيرُ ذلك العجوز ُالطيب ،ُ
‎كان يحنو عليه حنو أب أو أخ أكبر ،
‎لقد ألف كل منهما الآخر ،
‎وكانا من فَرْ طِ ما بينهما من ألفةٍ يبدُوَان كأنما بينهما سر ٌعتيق .
‎لم يسمع للدرويشِ صوت أبدا
‎وإنما هي همهمات كأنها حجاب من ورائه مستودع فيه أسرار حكايته ،
‎همهمات لا يفهمها الا من يألفه
‎.كان البعضُ يحسبه مجذوبا ذَا كرامات .
‎فكان يخشى إغضابَه
‎وربما تحاشى لقاءَه فى الدروبِ أو الخلوات ِمظنةَ نظرةٍ مُخٍتلَسةٍ الى مظهرِه الرث ِقد لا تعجبُه فيغضب عليه ويمسخه
‎وكان البعضُ يظنه عبيطا او مريضا فكانوا يشفقون عليه ويتحاشَوْن الخوضَ فى سيرتِه
‎ان أمره فعلا ملغز
‎لا يعلم أحد لماذا أتى؟ ولماذا إختفى؟
‎لقد أتى عليهم كأنه آت من السماء و تركهم بهدوء كأنما قد اتحد مع ذرات الهواء.
‎لايعلم أحد إن كان قد مات أو انتقل إلى قرية أخرى.
‎إنهم يؤثمون من يترحم عليه
‎فهو لا يحتاج ترحم أحد من العامة فهو يكاد يكون متصلا بالسماء،
‎وما أذهب عقله إلا اتصاله المفاجىء بالأسباب ،
‎فأسقطت عنه من يومها التكاليف.
‎البعض يدعى السير فى جنازته بأحد القرى
‎ويحكى كيف كانت جنازته كبيرة،
‎وكيف كان مشتاقا لدخول القبر فكان يدفع الناس على السير دفعا ،
‎فلما عجزوا طار بهم من فرط شوقه وثقته فى حساب ربه.
‎لقد اقترح أحدهم على الرجل العجوز أن يشيدوا له مقاما يظل مخلدا له مدى الحياة.
‎لقد ظهر الدرويشُ بدون مقدمات و اختفى ايضا بدون مقدمات.
‎طالما تتبع العجوز أخباره بعدما اختفى
‎فكان كلما ذهب الى قرية إصطنع حديثا عن الدروشة والدروايش فقد يذكره أحدهم فيستدل عليه .
‎الناس لا يصدقون أن الرجل العجوز لا يعلم مصير الدرويش
‎إنه فعلا لا يعلم مصيره فقد تركه وذهب مثلما فعل عشرات المرات من قبل لقد ظل أمره ملغزا إلى الأبد
‎مثله مثل الشيخ العراقى والسابقى وابو الكمال وجدى الشيخ حسن وسيدى عبد الهادى
‎غير انهم كانوا أكثر حظا فقد أقيم لكل منهم مقام،
‎واضرحتهم محمية لا يستطيع أحد أن يلمح بهدمها أو الطعن فى أصحابها
‎بل إن لعب الأطفال قريبا منها يعتبره البعض من سوء الأخلاق
‎إن أمر هؤلاء أشد إلغازا من ذلك الفتى الدرويش
‎فلا احد من الأحياء يعلم عنهم شيئا سوى أسمائهم

‎و مع ذلك فهم يبالغون فى احترامهم
‎فهما كنت من هؤلاء الشباب المتحمس المتدين والمعارض لتقديسهم فلا يمكنك ان تنطق باسمهم مجردا من الألقاب فلابد من لقب سيدى أو جدى او الشيخ
‎لقد اصبح الإيمان بهؤلاء لازما من لوازم إيمان من يعتقد بكراماتهم
‎إنهم يحكون عنهم حكايات فيها إعجاز لم يؤته بعض الأنبياء والمرسلين.
‎لقد حكى بعضهم كيف أن أحدهم لما يئست بنت له من إظهاره كرامة تفخر و ترفع بها رأسها لما يئست من ذلك تسللت وسط الزحام
‎تريد ان تسر له بحديث
‎بعدها بوقت يسير نهض الأب الميت من مرقده الخشبى ، رافعا يده إلى السماء، مستئذنا بالدخول كاشفا عن هويته مسترضيا بنته قائلا:
‎دستور دستور ياهل القبور دستور
‎جالكم مداح الرسول
‎قالها ثم عاد الى مرقده بعد ان سأل بنته:
‎رضيتى يا بنتى؟
‎وبنته تزغرد مسرورة بما أبداه أبوها لها من كرامة
‎أناس مغيبون لا يؤمنون بأنفسهم وقدراتهم
‎اناس دائما فى انتظار شيء ما أو شخص ما يخلصهم أو يخفف عنهم
‎فإن لم يجدوه اخترعوه
‎لقد اصبح إنتظارهم للمخلص مما يورثه الآباء لأبنائهم تماما مثل توريثهم لون العيون
‎فأصبح كالوباء
‎لقد أدمنوا التواكل
‎فما أسهل أن تذهب إلى أحد ألأضرحة بدستة شموع ثمنا لقضاء حاجتك
‎لذلك تبدو القرية كما لو كان كلها أموات ، يخدعون أنفسهم بهمهمات ، ويوهمونها أنها ذكر وصلوات
‎و رغم ما لاح فى الأفق من ضياء إلا أن الدروايش كما هم يظهرون و يختفون ، لكن فقط فى كل مولد و فى كل عيد

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى