الاسم :محمد ابراهيم محمد .
الشهره محمد الصغير
https://www.facebook.com/mohamed.elsaghir.940
فرع القصه القصيره..
قصه بعنوان زهايمر …………..
عصا عكاز قديم تملؤه التجاعيد ورجل عجوز يجاهد الطريق عبورا إلي وجهته الحائره ،حفيده الصغير يمسك بيده لا يعرف عن الدنيا إلا ذلك الحكاء العجوز حيث يحرص كل ليلة علي الإختفاء داخل أحضانه آملا في المزيد من الحكايا الرائعة ،وطريق مزدحم بالسيارات الغاضبة التي لم ولن تراعي يوما ذلك الكهل العجوز أوحتي ذلك الطفل البرئ .
نعم لا مفر من الإنتظار حتي تهدأكل تلك العبرات عفوا”العربات”،وعلي الوجهه المقابله للطريق لفتت إنتباهه تلك الأصوات الصاخبة لإمراة عجوز تصارع في محاولات عبثية يائسه العبور ،فكلما وضعت قدم علي الطريق تراجعت الأخري ،ظل ذلك الرجل العجوز يستمع بإنصات إلي غضبها ويراقبها من بعيد فصوتها ليس بالصوت الغريب وملامحها التي يكسوها الضباب هي ايضا ليست بالغريبة عليه ،ثم يعود وتعاوده الذكريات ،إنها تذكرني بحلمي الاول وطفولتي البريئة …أيعقل ؟؟!بالطبع لا فهي قد رحلت عن البلاد منذ أيام طفولتنا ،كذلك إنقطعت كل إتصالاتنا ورسائلنا منذ زمن بعيد ،منذ أن أخبرتني في آخر رسالة لنا بأنها ستتزوج أحد الأثرياء في بلاد الغرب ،يومها أهدتني قلادة علي شكل نصف قلب وأعلنت حبها لي في صراحة لم أعهدها منها من قبل ،ثم إنقطعت كل الرسائل والأخبار .
ظل العجوز يشاطر نفسه الأحزان وهويتذكرها وجمالها وخفة دمها وروحها المرحة ،ثم يعاود ويسأل نفسه ما الذي حدث ؟لماذا هي وحيده هكذا؟هل دارت عليها رحي الأيام ؟؟!!.
هدأت العربات ،هم صاحبنا بالمرور وكاد أن يسقط أرضا جراء ذلك المتعجرف الذي إرتطم بكتفه وهو يعبر مسرعا إلي المرأة العجوز ليأخذ بيدها منحيا آسف سيدتي إنه الطريق وهي تصرخ فيه ماذا دهاك ؟؟!لقد كدت أن تصرع ذلك الرجل ،وهمت لتعتذر منه عما بدر من سائقها الأهوج ،أمسكت بيده لتساعده علي النهوض وظلت تربت علي كتف الولد الصغير لتهدئته ،ولكن عندما تلاقت الأعين هدأت كل حروب الدنيا وأشرقت كل شموس العالمين وكأن مجرتنا بأكملها تهمس في أذنيها …نعم هو ..
ظلت تتأمل وجهه وهو يحاول دون جدوي البحث عن نظارته الطبيه التي وقعت علي الارض ،إلتقطتها سريعا ووضعتها علي وجهه النحيل …إلا أن تلامست اليدين قدرا ليصمت العالم مرة أخري وتشتعل كل الحروب وتنتهي كل العوالم عالم تلو الآخر داخله ،وهو يغالب ذلك بإبتسامة رجل كهل حكيم مازحا أهلا طفلتي “هكذا إعتاد منادتها قديما” كيف حالك ؟لم تتغيري كثيرا ،كما انتي نجمة تولد كل يوم من جديد ،إبتسمت في خجل بعدما نجحت أخيرا في ان تخبئ تلك الدمعة التي برقت في عينيها .
إحتضنت الطفل الصغير ،أهذا ولدك ؟فابتسم جدا ،ولدي !!هذا حفيدي يا طفلتي ،والولد الصغير ينظر إليهم في دهشه وهويصرخ ويلح علي جده ليخبره أن قلادته القديمه وقعت علي الأرض ،فأسرع العجوز ليخفيها عن ناظرها لكنه فشل وإبتسمت هي في خجل وفرحة .
1
عرضت عليه أن توصله بسيارتها إلي حيث يريد ،وافق علي مضض،ركب معها في الخلف ،تلك السياره الفارهة جدا ،ظل الولد الصغير يتأمل السياره ويلعب بداخلها وجده يحاول محاولات فاشله تهدئته وهي تمازحه اتركه فربما كان في عالم آخر حفيدنا ،تنهد الرجل العجوز ،تلك التنهيده التي تنم عن الحزن والسعاده معا .
تبادلا الأحاديث والذكريات ثم أعربت عن اسفها لما حدث لنظارته وقالت له في الطريق سوف نعرج علي أحد المحال ونصلحها…..فإبتسم إبتسامة رضا وقال هي اشياء لا يمكن إصلاحها أبدا ،فليس كل كسر يجبر .
هدأالصوت في السيارة ،كف الجميع عن الكلام ،أدار السائق بعض المقطوعات الموسيقية ،فعاود الاثنان الإبتسام ،ونظر كل منهم إلي ألآخر مازحين كيف علم السائق أن تلك معزوفتنا المفضلة ….صرخ الطفل فجأه جدي جدي أنظر فجدتي ترتدي نفس قلادتك ،لماذا تخفيها هكذا يا جدتي ؟؟!…..قالت حتي لا تسقط مني مثلما حدث مع جدك الذي أخبرته مرارا أن لا يخرج وحيدا دون أن أكون معه ..
يمد السائق يده الي السيده في الخلف بعلبة الدواء ،الدواء جاهز يا افندم ،نظر إليهم ذلك العجوز متعجبا دواء !!اي دواء ؟؟فقالت هي في حب دوائك يا طفلي الكبير ،الدواء الذي يعيد إليك باقي الاحداث والأشخاص ،لكني يا طفلي الكبير لم اتوقع يوما أن مرضا ثقيلا كالزهايمر يفشل أخيرا في محو ذكرياتنا الرائعة ،أنا احبك جدا.
أخذ الدواء ،إبتسم ،نظر عبر النافذه حيث النيل أمامه وحفيده يجلس علي قدميه ،وطفلته الأخري قد غالبها النعاس من التعب حيث ظلت تبحث عنه كثيرا ،ظل يتأملها وهي نائمه ،وهي تحلم أحد الاحلام الخفيفه بين النوم واليقظه ،وظل يهمس في أذنيها احبك يا طفلتي الاميره …آه لو كنت تزوجتي ذلك الثري لكنت الآن وحيدا أطارد ألأحلام في غياهب النسيان.