_الاسم: آمال أحمد سالم
_اسم الشهرة: آمال سالم
_الجنسية: مصرية
_لينك الصفحة الشخصية على الفيسبوك:
_مجال المشاركة: القصة القصيرة
_اسم العمل: سياج مخترق
سياج مخترق
تقف منى بالفصل تشرح الدرس لتلاميذها الصغار، هي معلمة مجتهدة محبوبة من جميع طلابها، فتاة مدللة من والديها فهي ابنتهما الوحيدة، يخافان عليها من الهواء منذ صغرها، حتى بعدما كبرت، لم ينته الأمر بل كبرت معها القيود التي تقيدها أكثر مما مضى، رأت أن والدها ازداد قسوة معها، وضيق الخناق عليها أكثر بأسئلته:
_ أين كنتِ؟ أين تذهبين؟ متى ستعودين؟ لم تأخرتِ؟
وعلامات استفهام لا متناهية في أحاديثه، كل تلك العلامات زادت من نفورها من طريقته، لكنه أب وبدوره يخاف عليها، بالفترة الأخيرة لاحظ والدها إجابتها المقتضبة، وتحاشيها الحديث معه، ولأول مرة جلس معها جلسة أبوية شرح لها فيها ما يعتلي فكره ويملأ قلبه من القلق والخوف عليها من هذا المجتمع وما يحدث به، قال لها:
_أنا لم أخنقك كما تعتقدين يا منى، أنا أخاف عليك من وحوش البشر وهذه طريقتي في التعبير.
لمست مشاعره وعاطفته بأناملها الرقيقة وفطنت أنه يريد وضعها بين جفنيه ويغلق عليها حتى لا يمسها الهواء، بموقفه هذا وبحديثه معها ردم على واقعة مر عليها سنوات أحدثت بداخلها ثقبًا عميق بدرك قلبها وظلت عالقة بأحبال ذاكرتها، لكن اليوم وصلت لتفسير آخر بعيد كل البعد عن منظور رؤيتها بالماضي وما ظنته، عادت وهي جالسة معه إلى وقتما فتحت له باب الشقة، بعدما لحق بها لتوه، فقد كانت تبتاع بعض الخضروات لوالدتها من أول الشارع الذي يقطنون به، قال لها والدها معنفا وهي بالتاسعة من عمرها:
_لا ترتدي هذا الفستان مرة أخرى.
لم يبد لها أسبابًا تشرح موقفه العنيف، لكنها أمام عينيه التي كانت تطق شرارًا، اكتفت بإيماءة من رأسها وهي مرتعدة بين يديه وهو ممسك بها من ذراعيها يرجها، خلصتها أمها من بين يديه، انطلقت منى إلى غرفتها هاربة من بطشه، وباح للأم بسبب غضبه، حيث رأى الشباب على ناصية الشارع يتغزلون بابنتهما، حاولت تهدئته بقولها:
_البنت صغيرة لم تكمل العشر سنوات بعد، ما ذنبها المسكينة فيما فعلوا؟
لم تفطن منى وقتها عن سبب غضبه العارم؛ لصغر سنها، ولا ماذا فعلت؛ لتنال منه كل هذا التعنيف؟، كبرت منى وصارت صبية حسناء مكتملة الأنوثة، ولهذا يوم عن الأخر كانت تتعرض لمضايقات عدة، وهي التي كانت تظن أنها حينما ستكبر وتكون راشدة ستتمكن من صد بطش المتطفلين حولها، لكنها باتت تنكمش أكثر، تخشى أن يصل الأمر لوالدها ويستشيط غيظًا ويفعل ما لا يحمد عقباه، جلست تفكر بحل لما يحدث لها، متمنية أن تصل لحل يريحها من عناء ما تلاقيه يومياً، لمعت في رأسها فكرة، أحكمت قبضتها عليها، ونامت ليلتها قريرة العين.
في الصباح الباكر ذهبت لعملها وبعد انتهاء الدوام، اتجهت لتنفيذ ما عزمت أمرها عليه، عادت للبيت، كان والدها جالسًا بانتظارها على أريكته بالصالة، وقبل أن ينهال عليها بأسئلته وضعت قبلة على جبينه بحنان وصاحت قائلة:
_وجدت الحل الذي سيريح قلبك تجاهي، ويسمو بروحي، ويطمئن نفسي.
ظل جالسًا مشدوهًا من حديثها هو ووالدتها، أشارت إليه أن ينتظر ثانية، ولجت لغرفتها وخرجت بعد ثوانٍ معدودة، وهي تقول:
_سأرتدي النقاب.
كانت ترتديه بالفعل، ووسط ذهول والديها من ردة فعلها، واستفساراتهما عن مدى اقتناعها به، أجابتهما بهدوء وروية، وأمام ردودها انصاعا لرغبتها، خرجت للشارع بأول يوم وهي منتقبة وكأنها محاطة بسياجٍ منيع لكنها أيضا لم تسلم…