مسابقة همسة الدولية للآداب والفنون، فرع القصة القصيرة، بعنوان (سمفونية الحب تعزف ألحان الخلود). هاله شعبان جاد، مصر. ~~~~~~~~~ {سِمْفُونِيَةُ الحُبِّ تَعْزِفُ أَلْحَانَ الخُلُودِ}... سِمْفُونِيَةُ الحُبِّ تَعْزِفُ أَلْحَانَ الخُلُودِ؛ نَتَقَلَّبُ بَيْنَ جَمَرَاتِ الحَنِينِ إِلَى الذِّكْرَيَاتِ وَدُمُوعِ الكِبْرِيَاءِ.. البُكَاءِ بِصَمْتٍ مَعَ الاحْتِفَاظِ بِحَقِّ العَوْدَةِ فِي شُمُوخٍ وَبَهَاءِ.. مَا أَوْجَعَ أَنِينَ جَنَاحٍ مَكْسُورٍ!؛ مَطْوِيٍّ عَلَى الجِرَاحِ يَرْتَجِي طِيبَ الشِّفَاءِ.. ذَاكَ الوَجَعُ الخَافِي عَنِ العُيُونِ، الغَافِي بَيْنَ الجُفُونِ، يَسْتَعِيدُ بِدَمْعِ الحَنَانِ ذِكْرَيَاتِ الصَّفَاءِ.. وَهُنَا فِي حُجْرَةِ مَكْتَبِي الرَّمَادِيِّ، أَجْلِسُ عَلَى مَقْعَدِي الدَّوَّارِ، أُوَاصِلُ اللَّيْلَ بِالنَّهَارِ، عَلَّهَا تَنْجَلِي تِلْكَ اللَّيَالِي البَارِدَةَ المَقِيتَةَ؛ فَأَرْتَاحَ، أَوْ يَنْقَشِعَ ذَاكَ الضَّبَابُ الأَسْوَدُ الجَاثِمُ عَلَى صَدْرِي، وَالَّذِي يُوشِكُ أَنْ يَفْتِكَ بِي.. فَهَلْ أَسْتَحِقُّ أَنْ أَنَالَ مُرَادِي؟!.. يَذْبَحُنِي النَّدَمُ، وَيُدْمِينِي الشُّعُورُ بِالذَّنْبِ؛ وَكَيْفَ لَا أَفْعَلُ وَمَنْ بِيَدِهَا سَعَادَتِي وَرَاحَةُ بَالِي.. طَرَدْتُهَا؟!.. نَعَمْ طَرَدْتُهَا مِنْ مَنْزِلِي، مَنْزِلُهَا!، وَأَخْرَجْتُهَا مِنْ حَيَاتِي بِأَسْوَأِ طَرِيقَةٍ، بَلْ وَأَقْسَى طَرَائِقِ الأَلَمِ.. اليَوْمَ مَوْعِدُنَا؛ فَمُنْذُ ثَلَاثِمَائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا، وَعِشْرِينَ سَاعَةً، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ دَقِيقَةً، وَسَبْعَ ثَوَانٍ لَعِينَةٍ.. قَاسِيَةٍ أَلِيمَةٍ.. ثَقِيلَةٍ طَوِيلَةٍ لَا تَكَادُ تَنْقَضِي، قَضَيْتُهُمْ وَحْدِي أُصَارِعُ الأَلَمَ؛ فَأَحْتَرِقُ اشْتِيَاقًا، وَأَتَجَرَّعُ مَرَارَةَ النَّدَمِ نِيَابَةً عَنَّا.. تَصَادُمَاتٌ وَاعْتِرَاضَاتٌ، فُرُوقَاتٌ كَثِيرَةٌ، عَقَبَاتٌ وَتَحَدِّيَاتٌ تَوَقَّعْنَاهَا، صُمُودٌ وَتَحَدِّي وَعُهُودٌ قَطَعْنَاهَا؛ فَخَذَلْتُهَا وَفَقَدْتُ ثِقَتَهَا عِنْدَ أَوَّلِ هَبَّةِ رِيحٍ عَلَى حَيَاتِنَا الوَلِيدَةِ، وَالفَرِيدَةِ مَعَ كُلِّ الامْتِيَازَاتِ.. كَانَ تَفَاهُمًا، تَكَامُلًا، اِحْتِوَاءً وَاهْتِمَامًا، مُتَبَادَلَيْنِ مِنْ أَوَّلِ نَظْرَةٍ!.. نَعَمْ مِنْ أَوَّلِ نَظْرَةٍ، بَلْ مِنْ أَوَّلِ نَبْضَةِ قَلْبٍ!.. يَبْدُو أَنَّنِي لَمْ يَكُنْ لِي قَلْبٌ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلِي حَيَاتِي!.. لَمْ أُخْبِرْكِ يَا حَبِيبَتِي كَيْفَ سَرَقْتِ أَنْفَاسِي؟!.. لَمْ أُخْبِرْكِ يَا حَبِيبَتِي كَيْفَ ارْتَعَشَ ذَلِكَ الكَامِنُ بَيْنَ الضُّلُوعِ بِقُوَّةٍ، وَيَكْأَنَّهُ يَعُودُ لِلْحَيَاةِ بَعْدَ سُبَاتٍ طَوِيلٍ؟!.. لَمْ يَلْفِتِ انْتِبَاهِي تَنَاسُقُ قَوَامِكِ بِاعْتِدَالٍ، وَلَا تَنَاظُرُ عَيْنَيْكِ اللَّوْزِيَّتَيْنِ فِي اكْتِحَالٍ، وَلَا أَنَاقَةُ شَعْرِكِ اللَّيْلَكِيِّ بِاكْتِمَالٍ، بَلَى؛ وَقَدْ فَعَلْتِ وَقَدْ مَلَكْتِ إِحْسَاسِي.. بَلَى قَدْ فَعَلْتِ؛ وَفَعَلْتِ.. حَيْثُ انْجَذَبْتُ إِلَى قُوَّةِ شَخْصِيَّتِكِ، وَهَالَةِ وُقُوفِكِ الثَّابِتَةِ، عَلَى هَيْئَتِكِ الشَّامِخَةِ، وَأَنْتِ تَسْأَلِينَ عَنِّي، وَأَنَا مَنْ أَنَا؟!.. وَأَنْتِ مُحَامِيَةٌ وَنَاشِطَةٌ حُقُوقِيَّةٌ وَكَاتِبَةٌ رِوَائِيَّةٌ، مُتَخَصِّصَةٌ فِي القَانُونِ الدَّوْلِيِّ وَحُقُوقِ الإِنْسَانِ، وَمِنْ هُنَا كَانَتْ أَوَّلُ الاخْتِلَافَاتِ.. كَانُوا هُمُ السَّبَبَ الأَوَّلَ وَالأَخِيرَ؛ عَائِلَتِي ذَاتَ الحَسَبِ وَالنَّسَبِ، عَائِلَتِي ذَاتَ الأُصُولِ العَرِيقَةِ، وَالمَكَانَةِ الأَرِسْتُقْرَاطِيَّةِ الرَّفِيعَةِ، وَالوَجَاهَةِ وَالنُّفُوذِ الغَيْرِ مَحْدُودٍ، يَا لِلأَمْرِ المُثِيرِ!!.. أَدْخَلُوهَا دَوَائِرَهُمُ المُلَوَّنَةَ بِالتَّمَلُّقِ وَالمُزَيَّفَةَ بِالنِّفَاقِ، وَحَاصَرُوهَا بِالابْتِسَامَاتِ الصَّفْرَاءِ، وَلَاحَقُوهَا بِالعِبَارَاتِ الَّتِي تَحْمِلُ الكَثِيرَ مِنَ المَعَانِي، وَالتَّلْمِيحَاتِ الَّتِي تُغَذِّي نَوَايَاهُمُ الخَبِيثَةَ؛ فَأَهَانُوهَا وَقَلَّلُوا مِنْ شَأْنِهَا وَأُصُولَ عَائِلَتِهَا الْمُتَوَسِّطَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ، وَاحْتَقَرُوا مِنْهَا كُلَّ تَصَرُّفٍ وَمَقَالٍ، فِي غِيَابِي.. أَمَّا فِي حُضُورِي فَيَكُونُ الإِشْرَاقُ وَالْاِحْتِفَاءُ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ!.. كَانتْ تُحَاوِلُ جَاهِدَةً المُثَابَرَةَ وَالتَّمَاسُكَ مِنْ أَجْلِنَا؛ وَلَمْ تَسْمَعْنِي شَكْوَى وَلَا تَذَمُّرٌ عَنْهُمْ، بَلِ الصَّبْرُ وَالابْتِسَامُ؛ حَتَّى قَادُونَا لِفَخِّهِمْ الأَنِيقِ بِذَكَاءٍ، فَذَهَبْنَا مُبْتَسِمَيْنِ وَعُيُونُنَا مَفْتُوحَةٌ، فَسَقَطْنَا فِي الفَخِّ مَعًا.. فَتَهَاوَتْ هِيَ بَعِيدًا عَنِّي، وَتَرَكْتَنِي أَصَابِعُهَا الرَّقِيقَةُ الْضَّعِيفَةُ، وَعِنْدَمَا اسْتَعَدْتُ تَوَازُنَ رُؤْيَتِي كَانَتْ تَحْتَ أَقْدَامِي كَأَوْرَاقِ الخَرِيفِ، وَإِذْ بِي أُتَابِعُ المَسِيرَ وَأَتْرُكُهَا دُونَ اهْتِمَامٍ.. يَا لِوَقَاحَتِي!!.. أَلُومُهَا، أُعَاتِبُهَا، وَأَقْسُو عَلَيْهَا بِالِاتِّهَامَاتِ، وَشَيْطَانُ الشَّكِّ وَالغَيْرَةِ يَتَرَاقَصُ أَمَامَ عَيْنَيَّ، وَشَبَحُ الخِيَانَةِ يَجْلِدُنِي!.. فَظَلَلْتُ أَكِيلُ إِلَيْهَا الإِهَانَاتِ؛ فَأَذْبَحُنِي بِهَا!.. حَتَّى طَرَدْتُهَا مِنْ بَيْتِي؛ وَهَجَرَتْنِي!.. فَمَزَّقْتُ رُوحَهَا؛ وَقَتَلْتُنِي!.. فَغَدَوْتُ أَسِيرًا عَلَى قَيْدِ المَمَاتِ، أَسْكُنُ قَبْرًا جَمِيلًا، لَيْتَنِي كُنْتُ فِدَاءً لَهَا!.. حَبِيبَتِي؛ هَذَا أَفْضَلُ مَا اسْتَطَعْتُ وَصْفَ حَالَتِي بِهِ دُونَكِ، فَأَنَا لَسْتُ بَارِعًا مِثْلَكِ فِي الرَّسْمِ بِالكَلِمَاتِ، وَقَلِيلٌ عَلَيَّ تَعْذِيبِي وَبُكَائِي وَجَلْدُ الذَّاتِ!.. وَيَقُودُنِي لِلْجُنُونِ كَيْفَ تَغَافَلْتُ عَنْ أَلَاعِيبِهِمُ الخَبِيثَةِ، وَمُخَطَّطَاتِهِمُ المَقِيتَةِ؟، كَيْفَ شَكَكْتُ بِكِ لَحْظَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ كُنْتِ لِي وَحْدِي قَلْبًا وَعَقْلًا وَرُوحًا؟، حَتَّى الْمَمَاتِ!.. كَيْفَ لَمْ أَرَ دُمُوعَكِ وَلَمْ أَسْمَعْ بِكَاءَكِ وَنِدَاءَكِ؟!.. يَا إِلَهِي؛ كَيْفَ فَعَلْتُ هَذَا؟، لَا لَمْ أَكُنْ أَنَا، بَلْ كَانَ شَبَحًا، كَانَ شَيْطَانًا يَتَلَبَّسُنِي!.. وَعِنْدَمَا عَلِمْتُ حَقِيقَتَهُمْ، وَانْكَشَفَتْ غَيَامَاتُ غَبَائِي؛ خَجِلْتُ مِنْ نَفْسِي، وَفَضَّلْتُ جَحِيمَ النَّدَمِ وَعَذَابَ بُعْدِكِ، وَالِاكْتِوَاءَ بِنِيرَانِ الشَّوْقِ إِلَيْكِ؛ عَلَى رَفْضِكِ إِيَّايَ بِلَا رَجْعَةٍ!.. سَأَدْخُلُ الجَحِيمَ سَعِيدًا كَيْ تَعُودِي إِلَيَّ حَبِيبَتِي.. حَبِيبَتِي وَأَلْفُ أَلْفِ حَبِيبَتِي؛ لَمْ يَنْقَطِعْ عَهْدُنَا، وَلَنْ تَنْتَهِي صِلَتُنَا، وَبِكُلِّ وَسِيلَةٍ سَأَسْتَعِيدُكِ، وَأَنَالُ ثِقَتَكِ وَحُبَّكِ، يَمْلَأُنِي الأَمَلُ وَحُسْنُ ظَنِّي!.. حَبِيبَتِي؛ أَحْتَاجُكِ لِأَتَنَفَّسَ، أُرِيدُكِ لِيَنْبِضَ قَلْبِي مِنْ جَدِيدٍ!.. أَتَعْلَمِينِ حَبِيبَتِي كَيْفَ تَشْتَعِلِينَ بِالاشْتِيَاقِ؟، وَكَيْفَ تَتَذَوَّقِينَ اللهْفَةَ؟، وَكَيْفَ تَنَامِينَ بَيْنَ الوَجْدِ وَالِاحْتِرَاقِ؟!.. فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ أَرَاكِ وَأَسْمَعُكِ، وَعِنْدَمَا أَمُدُّ يَدِي لِأَلْمَسَكِ؛ تَتَلَاشَيْنَ وَتَذُوبِينَ فِي لَيْلِي الطَّوِيلِ الَّذِي لَا يَنْجَلِي، حَتَّى يَنْشَقَّ النَّهَارُ أَمَامَ نَاظِرَيَّ، وَتَصْرُخُ الشَّمْسُ فِي وَجْهِي بِالْلَّعَنَاتِ وَالاِحْتِرِاقِ!.. سَوْفَ أُصَابَ بِالجُنُونِ!.. قَسَمًا لَمْ تُفَارِقْنِي نَظَرَاتُكِ المُتَوَسِّلَةُ، وَلَا دُمُوعُكِ الغَالِيَةُ عَقْلِي وَوِجْدَانِي، وَقَدْ كَانَتْ آخِرُ مَا ضَمَّتْهُ عَيْنَايَ مِنْكِ.. كَمْ تَمَنَّيْتُ أَنْ أَتَجَاهَلَ مَسَافَاتِ الجَفَاءِ وَمَدَارِجَ العِتَابِ لِأَكُونَ مَعَكِ، وَكَمْ تَفَاوَضْتُ مَعَ جُنُونِي وَكِبْرِيَائِي الغَبِيِّ لِأَمْزِقَ كُلَّ الحَوَاجِزِ حَوْلَكِ؟!.. كَيْفَ أَصِفُ لَكِ مِقْدَارَ اشْتِيَاقِي لِأَنْ أَعُودَ إِلَى الحَيَاةِ، كَيْفَ أَزِنُ لَكِ مِقْدَارَ نَدَمِي وَشُعُورِي بِالذَّنْبِ؟!.. ظَنَنْتُنِي أَقْوَى مِنَ الهَجْرِ وَالقَطِيعَةِ، وَأَنَّ اضْطِرَابَاتِ نَبْضِي وَاخْتِلَافَ جَرَيَانِ الدَّمِ فِي عُرُوقِي، مَا هُوَ إِلَّا حُمَّى تُلَازِمُ المُتَشَبِّثِينَ بِالْعِنَادِ، وَالمُتَمَسِّكِينَ بِجَمَرَاتِ البِعَادِ!.. وَعِنْدَمَا انْتَفَضْتُ عَلَى ثَوْرَةِ قَلْبِي وَعَقْلِي مِنْ أَجْلِكِ، وَتَأَلَّمْتُ لِعِصْيَانِ جَوَارِحِي طَلَبًا لِلْمَسْكِ، وَتَوَاطَأَ النَّوْمُ وَالنِّسْيَانُ عَلَى هَجْرَانِي؛ فَأَيْقَنْتُ أَنَّنِي أَسِيرُ عَلَى طَرِيقِ الِانْتِحَارِ بِامْتِيَازٍ.. وَتَذَكَّرْتُ كَيْفَ كَانَ قَلْبُكِ مَنِيعًا، وَكَيْفَ سَمَحْتِ لِي بِاخْتِرَاقِ حُصُونِكِ؟؛ فَكَشَفْتِ لِي بَوَاطِنَكِ الثَّمِينَةَ، وَأَسْقَطْتِ أَمَامِي دِفَاعَاتِكِ الدَّفِينَةَ!.. عَلَّمْتِنِي قَوَانِينَكِ وَفَهَّمْتِنِي دَسَاتِيرَكِ؛ وَأَنَّ مَدِينَتَكِ الحَنُونَةَ مَسْحُورٌ مَنْ يَدْخُلُهَا، مَعْشُوقٌ مَنْ يَعِيشُ فِيهَا، مَوْعُودٌ بِالسَّعَادَةِ الأَبَدِيَّةِ مَنْ يَخْتَلِطُ دِمَاؤُهُ بِدِمَائِهَا، وَتُسَافِرُ رُوحُهُ إِلَى أَعْمَاقِ رُوحِهَا، حَيْثُ سِحْرُ الحُبِّ، وَصِدْقُ المَحَبَّةِ، وَتَفَانِي الأَحِبَّةِ.. فَوَشَمْتُكِ بِالنَّارِ عَلَى جُدْرَانِ قَلْبِي لِأَتَذَكَّرَكِ كُلَّمَا تَأَلَّمْتُ!.. فَيَا حَبِيبَتِي وَأَمِيرَتِي وَوَجَعِي الكَبِيرِ؛ هَلْ تُوَقِّفِينَ زَمَانَ التَّرْحَالِ هَذَا؟، هَلْ تُلَمْلِمِينَ مَعِي بَقَايَا ذِكْرَيَاتِنَا، وَتَمْسَحِينَ عَلَى شَغَافِ قَلْبِي الوَحِيدِ بِدُونِكِ، لِيَسْتَكِينَ وَجِيفُهُ وَيَرْتَاحَ؟!.. سَأُقَاطِعُ كُلَّ جِهَاتِ الدُّنْيَا وَأُقْبِلُ عَلَى جِهَتِكِ؛ وَأَكُونُ كُلَّ إِطْلَالاتِ نَوَافِذِكِ، وَأَقْطَعُ كُلَّ حَوَاجِزِ الفِرَاقِ بَيْنَنَا.. سَأُمَارِسُ كُلَّ فُنُونِ الحَرْبِ فِي الحُبِّ، وَقَوَانِينَ الحُبِّ فِي الحَرْبِ، فَفِي الحُبِّ وَالحَرْبِ كُلُّ شَيْءٍ مَشْرُوعٌ!.. حَبِيبَتِي؛ فَلْتَعْلَمِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صُدْفَةً لِقَاؤُنَا؛ بَلْ كَانَ تَطْبِيقًا لِمَا كُتِبَ فِي كِتَابِ الدَّهْرِ، فَمَا بَيْنَنَا لَنْ يَقْطَعُهُ بَشَرٌ!.. ثُمَّ كَانَ لِجَسَدِي ثَوْرَةٌ ثَانِيَةٌ عِنْدَمَا سَاقَتْنِي قَدَمَيَّ أَمَامَ بَابِكِ؛ فَكُنْتِ هُنَاكَ خَلْفَ الزُّجَاجِ تُوَاجِهِينَنِي، وَلَمْ أُصَدِّقْ نَفْسِي وَأَنَا أَلْتَهِمُ خَيَالَاتِ جَسَدِكِ بِعُيُونٍ جَائِعَةٍ، وَأَنْفَاسٍ لَاهِثَةٍ، وَنَبَضَاتٍ بِالقَلْبِ مُدَوِّيَةٍ.. هَلْ كُنْتِ فِي انْتِظَارِي، هَلْ شَعَرْتِ بِمَا مَرَرْتُ بِهِ، هَلْ سَرَقَ اللَّيْلُ رَاحَةَ بَالِكِ مِثْلِي، أَمْ مَاذَا؟!.. وَلَيْتَكِ تَفْعَلِينَ!.. لَا أَعْلَمُ كَيْفَ وَصَلْتُ عَتَبَتَهَا، وَلَا مَتَى انْفَتَحَ البَاب؟، غَيْرَ أَنَّنِي أَخِيرًا كُنْتُ أَتَنَفَّسُ!.. أَتَنَفَّسُ؛ حِينَ ضَمَمْتُهَا، وَلَثَمْتُهَا، وَعَمِيقًا عَمِيقًا بَيْنَ الضُّلُوعِ خَبَّأْتُهَا، وَبَيْنَ شَغَافِ الفُؤَادِ ضَغَطْتُهَا، وَلِسَانِي يُخْبِرُهَا بِكُلِّ مَا مَرَرْتُ بِهِ، وَمَسَامِعِي تَشْرَبُ أَصْوَاتَ تَنَهُّدَاتِهَا وَبُكَائِهَا المَكْتُومِ عَلَى صَدْرِي.. طَوِيلًا.. كَثِيرًا.. يَخْتَلِطُ أَنِينُ بُكَائِهَا بِصَوْتِ شُجُونِي، وَعِنْدَمَا يَخْرُجُ زَفِيرُهَا البَاكِي؛ فَيِلْتَقِطُهُ فَوْرَاً شَهِيقِي الشَّاجِي.. وَوَجَدْتُنِي عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ!..