اسم الشهرة / عبير كيلاني
الدولة / جمهورية مصر العربية
*رابط صفحتي على الفيسبوك/
https://www.facebook.com/abir.kilani.50?mibextid=ZbWKwL
قصة قصيرة
شهادة صحية
لم يكن يعلم حين غادر بلاده أن عودته إليها سوف تكون على هذا النحو، أسرع على عجالة في البحث عن حقيبته الصغيرة التي تحوي أوراقه الخاصة والتي هجرها منذ أن وطأت قدماه أرض تلك البلدة، تأخذه الذاكرة إلى اليوم الذي سافر فيه إلى تلك البلاد البعيدة بحثا عن فرصة عمل لم تتح له في بلده الحبيب ذات الحضارة، تذكر حين قست عليه الحياة فيها وأخذ اليأس يبعثره في دروبها، وقتها قرر الرحيل إلى تلك البلاد (الحلم ) الذي رافقه في نومه ويقظته، وما الضير في الوقوف على عتبات بلد وليد لكنه يحقق له ما يصبو إليه بديلا عن التشرد على أرصفة بلاده؟ تذكر حين جاء موعد السفر لملم أشياءه الصغيرة _كانت حينها كل ما يمتلك_ لملم معها أحلامه الكبيرة حملهما معا هناك، لم ينفصل عن شريانها كليا، فخيط رفيع لا يزال يمنح القلب فرصة العيش حتى إن آلمه النبض، تذكر ذلك كله أثناء بحثه عن تلك الحقيبة الصغيرة حين رأى ذلك الوباء يتفشى بالشكل الموجع؛ يلقي بضحاياه على أرصفة ذلك البلد الحلم، الآن حلم وحيد يراوده؛ العودة إلى بلاده، بعد عناء؛ عثر على الحقيبة، فتحها لأول مرة منذ سنوات، راح يخرج ما بها من أوراق؛ تلك شهاداته الدراسية، وهذه شهادات مدرسية موقع عليها بخط يد والده الذي توفاه الله، تحمل حروفها نبض قلبه وروحه، وتلك شهادات التطعيم الخاصة به منذ طفولته، تلك التي طالما سخر منها، اليوم يتوقف متأملا إياها، وها هو جواز سفره، (جواز نجاته) كما كان يصفه، تلك الحقيبة الصغيرة بما تحويه هي كل ما يلزمه الآن حين أعلنت بلاده عن استعادة أبناءها الراغبين في العودة من كل مكان، لتحتضن أبناءها في محاولة منها لحمايتهم تحت ظلال أجنحتها الضعيفة، أمسك جواز سفره ( جواز نجاته ) وضعه داخل حقيبته التي طالما تجاهلها، تشبث بها؛ هي فقط الآن الحلم.