مسابقة القصة القصيرة
قصة : عافر بن رياح . مسابقة القصة القصيرة بقلم / مصطفى محمد أحمد أحمد البطل ..مصر
عافر بن رياح
البيت ساكن، بعد أن اطمأن لنوم عمته سُعاد فور تناولها درزينة من الأقراص لأمراضها، وإمعانا في تأكده من أنها لن تتدخل فيما انتوى فعله؛ أغلق باب غرفتها من الخارج بالمفتاح ثم باب غرفته عليه هو الآخر، ضغط قابس الإضاءة فعم لون ابيض باهت، أخرج من دولابه كيسا أسودا كان قد اشترى محتوياته بعد عودته من آخر دروسه، فض الكيس وأخرج كيسا شفافا به بعض الانواع التي حفظ أسمائها بصعوبة، الجاوى والمستكى والحنظل وبعض الاضافات الأخرى التي خلطها مسبقا عند العطار، مبخرة صغيرة مربعة، وقطع دائرية من فحم سريع الاشتعال سُرعان ما أشعل بعض قطعه ووضعها في المبخرة، بأطراف اصابعه التقط شيئا يسيرا من البخور ووضعه على الفحم المشتعل، ليسمع طقطقة أضافة ايقاعا مرعبا مع ايقاع ضربات قلبه المتتالية في عنف، أخرج ورقة مطوية من جيبه بحرص أملاها عليه الشيخ ” مندور” ، جرت عينه على السطور سريعا ثم أغمض عينيه وأخذ يعب الهواء عبا في صدره ليقلل توتره، وضع يده اليمنى أمامه وبدأ يردد بصوت مرتعش وهو ينظر لسقف الغرفة :
” يَلْغَمُوشٍ مَرْغَمُوشٍ مَرْشٍ مَرْيٌوشٍ، جل الجليل صاحب الاسم الكبير الارض بكم ترجف والرياح بكم تعصف والأودية بكم تخفق والجبال بكم تتزلزل والشهب بكم تقصف واسماء الله محيطه بكم يا عمار هذا المكان، والا فتنزل عليكم ملائكة من السماء بشهب من نار فتقطع امعائكم وتترككم مطرودين ملقين مصروعين الله الله الله، الكلام كلام الله والعبد عبد الله والامر امر الله ولا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ايها الْمَلِكْ طَارِشْ، ليس لكم راحة الان حتى ترحلوا من هذا المكان، واعزم عليكم يا معشر الارواح الروحانية والاعوان ان تنزلوا علي عمار هذا المكان بالسلاسل والاغلال في الاعناق، بالهيبة والوقار على ساكن الديار، ومن يزغ منهم عن امرنا نزقه من عذاب السعير، هيا انص..
ارتعش المصباح فانتصب شعر جسده وشعر بريح خفيفة هبت من اللا مكان رغم عدم وجود نوافذ في غرفته، انها العلامة بالضبط كما قال الشيخ، نعم، هبوب رياح خفيفة او سماع وقع أقدام لرحيل مجموعة، ثبتت اضاءة المصباح أخيرا وعاد الهدوء للغرفة فالتقط وليد روحه من حنجرته وعاد للتنفس بشكل متسارع، عندما هدأ نوعا ما قلب الورقة على جانبها الآخر وقرأ الكلمات بعناية شديدة مؤكدا على التشكيل ومتذكرا النبرة التي يجب ان تُنطق بها كلمات قسم الاستحضار، وضع حفنة من البخور في المجمرة فازدادت كثافة خيط الدخان المتصاعد، ترك الورقة وراح يفكر في شيء آخر لبعض الوقت ثم قرر النهوض مسرعا ورفع مرتبة سريره وأخرج كتيبا صغيرا من تحتها أخذه وعاد لجلسته، فتحه على صفحة بعينها مطوية من أعلاها عنوانها مكتوب بخط يد رديء ” استحضار عافر ابن رياح العفريت ”
وبدأ يتلوا ببطء ضاغطا بأسنانه على الكلمات وقلبه يستغيث :
” بحق آه آه هو الله الاله، وبمقام نيبوخ وسمرداد ولاقيس، أجب يا أبو رياح بحق من طير الجناح، وسير السحب والرياح، بمن أضاء ( نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجه الزجاجة كأنها كوكب دري ) وبحق سمسائيل الملك والملاك، اخوج نموح ،و خلخاج او خلخاثلا ابيشل وبحق العهود والمواثيق، العهد بيننا ما رضيت، بحق آهيا شراهايا أدوناي أصباؤوت آل شداي، وبحق الغالب عليك أمره ” لاقيس الإبليسي ” العفريت وعهده المدون بيد كاتب وكاتم سر الملك سليمان عن عهده معكم عند باب الهيكل الكبير سل..
انفجر المصباح وغرق ” وليد ” في الظلام وأحس باهتزاز الغرفة للحظات، ثم تبدل الظلام الى لون أحمر كالدم، وصوت حوافر خيل يتنامى الى مسامعه، هب من جلسته واقفا يتلفت كمروحة سقف خربة في أنحاء الغرفة، ثم شعر بدفعة تأتيه في ضلوعه ليصدم بدولاب غرفته ويسقط متألما متكوما على أرضية غرفته، صوت حاد كالرعد يحدثه من داخل أذنه جعلته يتجاهل ألم الاصطدام
” سنين طويله لم أعد أحصها ولم يتجرأ إنسّي على استدعائنا، ثم يفعلها صبي ؟ ”
تسّمر ” وليد في مكانه محاولا استيعاب هول ما فعله، لم يتوقع نجاحه خاصة وأن شيخه قد قال له بيأس أن قبيلة العفاريت اختفوا بعد وفاة نبي الله ” سليمان بن داوود “، وكاتبه ونائبه وأمين سره ” آصف بن برخيا”، ومن قوتهم وقدرتهم على هزيمة آلاف القبائل مجتمعة؛ تحاشتهم قبائل الجن وخاف أعتى السحرة من حتى التفكير في استدعاء واحدا منهم، ومكانهم مجهول منذ قرون
– أنا مبعرفش أتكلم بالفصحى وأتمنى ده ميزدودش من سوء موقفي، أنا اسمي وليد شاكر وعاوز عهدا بيننا
– عهد ؟
أتاه الصوت الحاد مرة اخره بنبرة أشد من سابقتها، لقد غضب العفريت،
تابع الصوت قائلا ” لا نتدخل في عالم البشر من عهد الملك سليمان حفاظا على ميثاقنا معه بذلك ”
ثم قهقه الصوت كثيرا في عنف لدرجة شعر ان رأسه سينجر ألما، ثم تابع :
– ولكن القبيلة سرى عليها ما يسري على كل جنسي الخلق، افترقت واختلفت واتفقت لسنوات، ومنهم من انشق حتى عن ملة آباءه … مثلي انا ” عافر ” .. ماذا تريد ايها الولد ؟
– خدمه من خدامك من الجن يساعدوني في اللي عايز أعمله
– ” وماذا تريد أن تفعل ؟ ”
فكر لثواني محاولا التقاط جملة معبره عن كل ما يريده، ثم أجابه
– كل حاجه
– كم تريد؟
– أكبر عدد
– ستحصل على ما تريد ولكن لدي شروط
– انا مستعد أعمل اي حاجه
– ستُجبر من الآن، سبعة أيام هي مهلتك أنت ومن سأعطيه لك من خدامي، إن لم تضع علامتي على روح فسيجلب لي الخدام روحك أنت.
كان يعلم أنه تجاوز كل الحدود مذ قرر ان يتجاهل العزيمة التي كتبها له شيخه بخط يده وبدلا من ذلك قرأ استحضارا ملعون لمارد انشق عن قبيلته .
– موافق
لم يسمع ردا لمدة طالت ثم فجأة ارتجت الغرفة به وظهر امامه كائن بطول متر ونصف ذو وجه مرعب، عينان تحتلان ثلثي مساحة وجهه بارزتان ومشقوقة بالطول بخط أسود لعيون لا سواد فيهما، فقط بياض مخيف، وشعر يغطي سائر الجسد الا قطعة من جلد منقوش مدبوغ على منتصف جسد الكائن، وبيده خنجر ذهبي ذو نصل ملتهب، رجلا الكائن بحوافر كالخيل، في ثانية اصبح وجه الكائن على بعد مليمترات من ” وليد ” وأطلق صراخا فخارت قوى الأخير وأغشي عليه .
الاسم : مصطفى محمد أحمد أحمد البطل
تاريخ الميلاد والسن : ٢٩/٨/١٩٩٨، ٢٥ عام
محل الميلاد والإقامة : جمهورية مصر العربية، مركز أجا، محافظة الدقهلية
رقم واتس آب التواصل : 01030940554