ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : غرفة الفندق رقم 13 .. مسابقة القصة القصيرة بقلم / منة العراقي ..مصر

الاسم: منة العراقي

اسم الدولة: مصر
رابط الصفحة: https://www.facebook.com/profile.php?id=100046022016356
اسم القصة: غرفة الفندق رقم 13
التصنيف: غموض، أثارة، تشويق

ليل هادئ في فندق قديم ذو طبع كلاسيكي، حيث كانت تضيء في صالة الاستقبال مصابيح باللون الأصفر من أعلى الحائط على الجانبين حتى أخر الصالة، وكانت الجدران مغطاه بورق حائط يعكس طابع كلاسيكي باللون الأخضر الداكن، وأسفل الصالة يوجد سجادة حمراء، كان الهواء يحمل برودة خفيفة ورائحة مزيج من الخشب العتيق والعطر القديم، وفي الحائط المقابل، هناك ساعة حائط كبيرة تأخذ الإطار الذهبي المزخرف، وصوت عقارب الساعة يكسر الصمت بين الحين والآخر.
دلف شاب إلى صالة استقبال الفندق، يحمل حقيبة ظهر سوداء، ويرتدي بنطال أسود وقميص أبيض وأعلى القميص جاكيت أسود، ويرتدي حذاء بنفس اللون، كان الشاب اسمه “عمر” مهندس برمجيات ويعمل في إحدى الشركات البرمجيات، ويحب السفر واكتشاف الأماكن جديدة، وفي رحلته الأخيرة قرر الإقامة في فندق قديم في بلدة نائية.
بعد إن جاء إلى الفندق؛ اتجه إلى موظف الاستقبال، وقال له: مساء الخير، أرغب في حجز غرفة في الفندق هنا.
قال الموظف باهتمام وهو يعمل في الحاسوب: مساء النور، امنحني ثوانٍ لأطلعك على الغرف المتاحة.
أومأ له “عمر” بالإيجاب، ثم قال الموظف وقد ظهر عليه بعض التوتر: يوجد غرفة واحدة فقط في الطابق الثالث وهي غرفة رقم 13.
قال “عمر” بتأكيد: حسنًا، سوف أحجزها ثلاث ليالي.
أكد الحجز ودفع المبلغ المطلوب وأخذ الكارت والحقيبة واتجه إلى غرفته، فتح باب الغرفة ودخل إليها، ثم أغلق الباب خلفه واتجه نحو الداخل، وشعر بشعور غريب تجاه الغرفة، وضع حقيبته على الأرض، ووضع البطاقة والمفتاح والمحفظة والهاتف على الطاولة، ثم جلس على الفراش ليستريح قليلًا.
ألقى نظرة سريعة على الغرفة، بدا كل شيء عاديًا للغاية: أثاث قديم، نافذة تطل على الشارع، وصور بالأبيض والأسود لبعض الفنانين المعروفين من التسعينات معلقة على الجدران، لكن شيئًا ما لفت انتباهه، إحدى الصور كانت لرجل يجلس في نفس المكان الذي كان يجلس فيه “عمر” الآن، على الفراش، وهناك ساعة حائط معلقة أعلى الفراش، نظر إلى أعلى ليتأكد مما إذا كانت الساعة نفسها موجودة في الغرفة، فوجدها بالفعل، كانت الساعة هي نفسها، وكل شيء في الغرفة مطابق تمامًا لما في الصورة.
نهض من على الفراش وأقترب من الصورة أكثر، ليلاحظ أن الرجل في الصورة يشبهه بشكل مذهل، كان الشبه كبيرًا جدًا، وكأن الصورة التُقطت له شخصيًا، شعر ببعض الارتباك، لكنه حاول إقناع نفسه أن ذلك مجرد صدفة، لكنه بدأ يلاحظ تفاصيل أخرى، الساعة في الغرفة كانت متوقفة عند 2:13 تمامًا، نظر إلى الصورة مجددًا فلاحظ أن الساعة في الصورة متوقفة عند نفس الوقت بالضبط، دب فيه الشك، كيف لكل هذه الأشياء أن تكون مجرد صدفة؟ قرر أن يبدل ملابسه إلى ملابس مريحة وبدأ في تفتيش الغرفة، وبينما هو يبحث، وجد تحت السرير صندوقًا خشبيًا صغيرًا، وعندما فتحه؛ اكتشف مجموعة من الوثائق والصور، كانت الوثائق تتحدث عن رجل يُدعى “عمر” يحمل نفس اسمه الكامل، وعاش قبل أكثر من 70 عامًا.
المثير للدهشة أن الصور كانت تظهر الرجل في مراحل مختلفة من حياته، لكنها كانت صور قديمة جدًا، قبل ظهور التكنولوجيا الحديثة في كل صورة، كانت هناك تفاصيل مألوفة: ساعد يد مثل الذي كان يرتديها “عمر” من قليل، حقيبة ظهر مماثلة لتلك التي جاء بها للتو.
بدأ “عمر” يشعر وكأن هناك خيطًا غير مرئي يربطه بهذا المكان، إحساس غريب لا يجد له تفسيرًا، بينما كان يتفقد الصور القديمة المعلقة على جدران الفندق، لفت انتباهه واحدة منها، يظهر في خلفيتها اسم الفندق مكتوبًا بوضوح، مع تاريخ يعود إلى عام 1950م.
لم يستطع تجاهل شعوره الغريب الذي سيطر عليه، فقرر زيارة أرشيف البلدة بحثًا عن أي معلومات قد تفسر ما يحدث، بين صفحات الجرائد القديمة، وقعت عيناه على عنوان صادم: “اختفاء شاب يدعى عمر في ظروف غامضة بفندق البلدة”.
تجمدت أنفاسه عندما قرأ التفاصيل: الشاب المذكور يحمل ملامح مطابقة له تمامًا، حتى في وصف الملابس التي يرتديها، الأغرب من ذلك، التواريخ تشير إلى أن الاختفاء وقع في الليلة التي قضاها بنفسه في الغرفة رقم 13.
شعر وكأن الجدران من حوله تضيق، وكأن الزمن يلتف حول عنقه، يجبره على مواجهة لغزٍ لا يفهمه.. كيف يكون هو من اختفى قبل عقود؟ وما الذي يربط بينه وبين هذا المكان الملعون؟ ولماذا هو بالتحديد؟ ولماذا وقع اختياره على هذه الغرفة؟.. هل لو كان حجز غرفة أخرى كان حدث معه الذي حدث؟
تساؤلات كثيرة كانت تدور في ذهن “عمر” دون أن يجد لها أي إجابة، شعر بالدوار والارتباك يتسللان إلى روحه، فقرر العودة إلى الغرفة ليلتقط أنفاسه، لكنه حين دخلها؛ أصيب بصدمة شديدة، كل شيء تغير، الصور القديمة التي كانت تملأ الجدران اختفت، وظهرت مكانها صور حديثة له، صور تُظهره جالسًا في أماكن مختلفة داخل الفندق، وأخرى له في الغرفة نفسها، وكأن الغرفة كانت توثق وجوده منذ اللحظة التي وطأت قدماه فيها المكان.
جلس على حافة السرير، يحاول استيعاب ما يحدث، لكن شعورًا ثقيلًا بالخطر تسلل إليه، الليل مر بطيئًا ومليئًا بالقلق، ومع أول خيوط الصباح، توجه موظف الفندق إلى الغرفة؛ ليقدم وجبة الإفطار، طرق الباب عدة مرات، لكن لم يسمع أي رد، انتظر قليلاً ثم قرر الدخول.
كانت الغرفة مرتبة ونظيفة، وكأن أحدًا لم يقم بها مطلقًا، لكن شيئًا على الحائط لفت انتباهه: صورة معلقة تظهر “عمر” جالسًا مبتسمًا على الكرسي بجانب النافذة، تمامًا كما كان الرجل في الصورة القديمة التي رآها في أرشيف البلدة.
على الفراش، وجد ورقة مطوية بعناية، فتحها ببطء وقرأ العبارة الوحيدة المكتوبة عليها: “لم تكن الغرفة كما تبدو”.
شعر الموظف بقشعريرة تسري في جسده، ونظر حوله في حيرة، بينما بقيت الغرفة صامتة، وكأنها تحرس سرًا لن يُكشف أبدًا.

ک/ منة العراقي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x