ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : غزال الصحارى . مسابقة القصة القصيرة بقلم / محمد أحمد محمد عسكرى . مصر

خاص بمسابقة القصة القصيرة لمهرجان همسة للأدب والفنون الدورة العاشرة ٢٠٢٢ بجمهورية مصر العربية
الاسم محمد احمد محمد عسكرى
الشهرة محمد عسكر
رقم الوتس اب ٠١٠٦١٤٩٧٨٤٦
البلد جمهورية مصر العربية
رابط الصفحة الشخصية

عنوان القصة

غزال الصحارى

كانت أشعة الشمس ساطعة أرسلت إليَّ حرارتها الشديدة سريعًا، تشبه أيامي المعتادة في بؤسها. وأخذت رمال تلك الصحراء التي أسكنها بعض من اللون الأصفر الداكن قليلًا أثر أشعة الشمس فكان يشبه شحوب وجهي.

في عالم الممكن تستطيع روحك التعايش مع البيئة الموحشة ولكن من المؤكد أن هذه البيئة ستسبغ عليك شيء من قسوتها، وسيحتل فزع ليلها الموحش قلبك النقي ليصبح مثله.

الأيام هنا تمر مثل غيمة فوق رأسك راحت السماء ترسلها دون إذن منك وشِئت أم أبيت ستعبر تلك الغيمة ولكن لا بأس هي أفضل من جلوسي خمسة وعشرين عامًا في السجن، ولولا هروبي من السجن لكنت حصلت على القليل من تلك الأشعة.

سيجارة ماركة سوبر تتدلى من شفاه غليظة ووجه راح يرسم ملامح الوحدة البائسة، وقفت أراقب تلك الغزال الشارد في مرور له لأول مرة في تلك البقعة الفارغة في صحرائي الموحشة والفارغة من أي طعام جيد مثله، كم هو رائع طعمها داخل فمي، راح يتخيل عقلي وهو يبرر احصل عليها طالما أحل القدير صيدها وأكل لحومها. مددت يدي داخل الجاكت الزيتي اللون خاصتي لقد استعرته من جثة أحد المتسللين من خلف السياج على الحدود أخرجت مزماري في بطيء شديد وعزفت للغزالة لحنًا أعتقد أنه راق لها. كان هذا اللحن هو أول الفخاخ التي أنصبه لها، أظن أن الغزالة راقت لها معزوفتي ولكن على سبيل الإثارة راحت تتخفى بميوعة خلف الكثبان الرملية العالية. شعرت بي أراقبها وبعيون الغزال المكحلة أكاد أجزم أنها نظرت لي نظرة رحمة أخيرًا، ورأت عينها الجميلة هزال جسدي الجائع الذي اعتاد على أكل الفئران الجبلية، السحالي والثعابين، ولقد آن الأوان لجدران أحشائي تغير ما اعتادت عليه من بشاعة طعام مقزز. سرعان ما بدأ عقلي يدبر كيفية وضع الفخ لصيدها خلف الكثبان فبندقيتي ليس بها غير طلقة واحدة واحتفظ أنا بها؛ من أجل أي هجوم وحشي لنهش روحي الهزيلة قبل لحمى. في الليل وضعت الفخ هناك عند الكثبان الرملية العالية ثم رجعت كهفي ليلًا. لم أشعل ناري تلك الليلة، شغفي وأحلامي بالتهام لحمها صباحًا إن وقعت في الفخ جعل جسدي الهزيل يحصل على بعض الدفء لم أهتم أيضًا لصيد السحالي التي ترقد بجواري اليوم لقد اشمأزت أحشائي منها، سرق النهار من الكون الليل سريعًا فصارت صحرائي نهارًا، فتحت عيني، أفقت، تمخطت، بصقت، عدلت ذلك الذي اعتاد الوقف دون اذن مني وضعت كراك الشاي ذات اللون الأسود الذي اكتسب لونه من الحطب الملتهب، فار الشاي فأشعلت سيجارتي وارتشفت رشفة شاي، ثم أخذت طريقي لمكان الفخ وقبل أن أصل كانت سيارة ماركة جيب ذات الدفع الرباعي تعبر بالقرب من مكان الفخ وبها بعض الصيادين أرى بنادقهم معلقة على أكتافهم، السيارة السوداء أراها أنا من بعيد، أرى أيضًا أحد الصيادين مالك السيارة قد فك أوصال الغزال خاصتي من الفخ ويضعها في سياراته الآن، ما زال الطريق بعيد ما عدت أدري إن كان الطريق بعيدًا أم سيارتهم هي الأسرع، بهت عقلي أليس لي حظ في بعض الطعام الحلال؟ وهل سيفرق مع هزال جسدي حلال من حرام أنا حقا لا أدرك ما تلك الأشياء التي تسارعت تتعارك داخل عقلي وما تلك التداخلات الغريبة التي تضرب روحي هل كتب عليَّ أكل السحالي وإن كرهت ذلك، وإن كرهته أو أحببته غصبًا هل سيفرق في حله وحرامه أيضًا.

ما أصعب ما نحب وما أسهل ما نكره وما أقذر من الوقوف أمام أحلامك تسرق أمام عينك حتى ولو كانت حلال وما أجمل من تحقيق أحلامك حتى ولو حرام ولكن هذا الوقت حقًا ليس وقت حرام وحلال.

. إنهم الآن يسرقون ما حلمت به بالأمس ولا فرق معهم حلال من حرام. أسرعت نحوهما ولكن لم ألحق بهم. لم ينوبني من أحلامي غير الغبار الناتج من إطار السيارة الـ 4B4 السوداء وأنا أهرول خلفها مسرعًا. توقفت بعد أن ابتعدت السيارة سرت واقف مكاني أخذت آخر نفس في سيجارتي ونظري شاخصًا على الحلم الذي حلمته وهو يبتعد قذفت بالسيجارة فسقطت معها أحلامي. كل ما يجول بخاطري هو شيئان الأول رجوعي إلى أكل السحالي المقيتة التي لا أعرف أكلها إن كان حرام أم حلال أو استخدام آخر طلقه لترحم جسدي الهزيل من الجوع. لم يدم التفكير كثيرًا، سريعًا ما هامت روحي طوافة على جسدي ملقى في الصحراء يرى طيفي أيضًا شخص آخر قادم من بعيد رأى جثتي وبجوارها دمائي حوله تكتب على الرمال الصفراء بالون الأحمر، لم يرق لي أكل السحالي يومًا حتى ولو حلال.

أراه لم يفهم النص جيدًا عرفت ذلك حين مدد يده في الجاكيت الزيتي خاصتي أخرج مزماري وراح يعزف لغزال جديد يعتقد عن خطأ في أحلامه أنه سيتذوق يومًا جمال لحوم غزلان الصحاري الحلال.

محمد عسكر

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى