ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : كابوس مرافق .مسابقة القصة القصيرة بقلم / رنا السيد أحمد ( الزيات ) مصر

خاص بمسابقة القصص

الاسم: رنا أحمد السيد ( رنا الزيات )

الدولة: مصر

واتساب: 01030786950

لينك صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/profile.php?id=100036258463645

قصة ( كابوس مرافق )

أصوات رصاص عالية التردد تكاد تمزق طبلة أذني و انفجارات بكل مكان تثير الرعب وصراخ يشتد و أعضاء بشرية ممزقة هنا وهناك وأطفال تحترق حية ونساء تثور باكية ومجموعة رجال يطلقون علينا الرصاص بعشوائية والجو ملئ بالدخان الأسود المتصاعد المعكر للسماء، أرمش بعيني لأدرك واستوعب ما يحدث، فلا الأرض ولا السماء كما كانت فقد غادرت كل الطيور السماء وأختفى غناء البلابل.

أركض وأركض حتى خرت ركبتي تعباً ليظهر وجه زوجتي العزيزة وابتسامتها المرتسمة على وجهها المقطوع، أشحت ودققت بنظري لأتاكد هل هذا حقيقي ؟! ومازلت أرى وجه زوجتي الرقيقة تقترب مني مسرعة لتلمس وجهي بيديها الناعمتين فتحدثني بصوت خفيض مرتبك: هيا انهض إنهم وراءك

وبينما هي تحذرني إذا بأحد يدفعني بعنف لأسقط على الأرض فتلاحقت أنفاسي مسرعة درت برأسي لأرى من خلفي فرأيت مجموعة من الرجال مخيفي المظهر، يتخفون بأقنعة وأردية سوداء مطلسمة بالتراب والدم، فسيطر الخوف والهلع على ملامح وجهي حاولت الفرار بسرعة ولكن أحدهم أطلق رصاصة على قدم رجلي فتناثرت دمائي كشلال من النبيذ الأحمر، فتوقفت خطواتي مكبلة بالأصفاد مقيدة بالموت أتلفت حولي بخوف كأي أسير مصيره مجهول لا يعرف مصيره إن كان سيعيش ذليلاً أم سيموت وإن كان سيقطع جسده لأشلاء أم سيبقى جثة هامدة متصلة ببعضها .

وبينما أفكر في مصيري المجهول إذ بسيارة كبيرة تأتي و عدو يقترب مني ليأخذني ويحشرني في تلك السيارة، كنا ملتصقين ببعضنا نكاد نتنفس من ضيق السيارة وكثرة الأعداد، نساء ورجال وأطفال وشيوخ مسجونة في تلك السيارة وعويل النساء وصراخ الأطفال مستمر و دماء متساقطة من كل فرد، و هنا سيارة الموت توقفت ليخرجنا الرجال المطلسمين بالدماء لنقف أمام بوابة حمراء ومن لحظة وصولنا وصراخ وشتائم تصدر بأقذر الكلمات .

ألبسونا رداءاً كل رداء يحمل رقماً، فلبست رداءاً يحمل رقم خمسين، كأنهم ألبسوني رداءاً يحمل عدد سنوات عمري التي قضيتها لا أعلم ما الرابط بيني وبين هذا الرقم ولكنى كل ما أعلمه أننى أكرهه جداً فهذا الرقم لا يرتبط بي أكيد بل يرتبط بذاك الاستعمار المتوحش .

وها هم احتجزونا بغرفة ضيقة بها نافذة واحدة صغيرة جداً لا تكاد تدخل هواءاً أو ضوءاً لأتنفس، وأرى ما حولي و كأنني في تابوت خانق رائحتة فتاكة أشعر بدخولها وأختراقها لجهازي التنفسي، حاولت تجاهل الرائحة قدر المستطاع وسبحت في فضاء خيالي بين المجرات لأغادر هذا العالم البشع، و لكن هيهات تسابقت الشهب بسرعة لتحرقني خوفاً وهلعاً من مصير مجهول، والآن أشعر بأقدام تخطو تجاه باب سجني فإذا بأحد فعلاً يفتح الباب ماسكاً معه قطعة لحم جاء ليجبرني علي أكلها تحت تهديد السلاح أختنق الدمع في عيني وأنا احاول وضع قطعة اللحم المر كالعلقم في فمي، أضعها باكياً كالنساء ولكني لم أتحمل فبصقتها باشمئزاز فهاجمني شعورًا وكأن قلبي يعتصر حزناً من شعور مخيف من مصير أسير ونتيجة لذلك فقدت توزاني وشعرت بدوران شديد برأسي فأغميت لمدة لا أعلمها و عندما استيقظت لم أعرف إن كنت في فترة الشروق أم في وقت الغروب فضوء الشمس كان خفيفاً وكأنه في حالة الغروب أو الشروق، وها هي الخطوات ذاتها تتكرر وكأن الشخص لا يريد تركي ولكن هذه المرة شخصاً مختلفاً جاء داخلاً شاهراً سلاحه تجاهي فيقول بكلمات توقف قلبي عن النبض وتمزق ضلوعي: لقد جاء موعد الموت.

فنظرت له وللسلاح الذى بيده نظرة خوف مليئة بالاشمئزاز

فيقول لي وعلى وجهه ابتسامة عريضة: لا تقلق فنحن نحسن كرامة ضيوفنا ولن نرضى بموتكم بهذه البساطة من دون متعة.

فنظرت له بغضب شديد لدرجة أني لم استطع أمساك لساني فأبوح له: من تظن نفسك أيها المطلسم الجبان أنتم الضيوف على أرضنا جئتم لتأخذون وتقهرون أرضنا ولكن هيهات أخبر من يحكمك أننا خلقنا من رحم المعاناة ومن قساوة الأيام فلن تستطيعوا طول الدهر هزيمتنا، فنحن أصحاب المجد والعلا كنا أقوياء صامدين وسنظل هكذا مادام الزمان يمر وأنت ودولتك أدعوا لأنفسكم لتنجوا من قبضة موتنا.

وبينما أصرخ عليه يصدر صوتاً كاد يمزق طبلة أذني قائلاً : كيف تجرؤ على محادثتي هكذا أيها العجوز البائس جنيت على نفسك فقربت من موعد موتك يا حشرة سأقتلك وأقطع جسدك لأشلاء دامية للكلاب .

وها هو يرفع بسيفه شاهرًا

حينها صدر منى صوت عالي: لا

وفتحت عيني مستيقظاً من كابوس عشته في الماضي ومازال يرافقني درب الحياة، لا أعلم ما فعلته لتحلق طيور الحزن فوق رأسي وتتعمد الشمس حراثة وجهي .

أحاول أن استرق همساتي لأمحو آهاتى ولكن هل تنجدني السطور من ذاك الشعور، فلا شيء جديد سوى دمعة ألم تنهال وحنين و شوق لزوجتي الميتة يفتك بقلبي ويريد تمزيقي فقلبي يتوق وخفقى يثور باكياً فكم كنت أخشى لوعة الهجران في ألم السهام، وذكريات مؤلمة تسيطر على ملامح وجهى، وجرح وصراخ غاف وبكلمة يصحو من نومه فلا القلب عاد يهوى ولا الروح كما كانت، فالأحزان عبثت بي ولواعج البعد أحرقت روحي فأصبحت جسداً بلا روح أشعل مصابيح الليل وسط ساعات النهار فما عاد النهار بعيني نهاراً .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى