الاسم: اسماء محمد عبد الرؤف
البلد: مصر
رقم التليفون و الواتس: 01064001645
قصة قصيرة : لم تنتهي الفرص
لم تنتهي الفرص
حسن شاب بالمرحلة الثانوية. كان يعيش مع أمه و أخيه الصغير بعد وفاة والده. تغيرت الأحوال و أصبح هو من عليه عبء الأسرة، وكيف له أن يحمل شيء لم يخطر علي باله يوم أن يحمله، فقد كانت حياته ممتلئة بالترفيه و المرح وحب الذات أكثر من أي شيء، الآن تغيرت الحياة و أفترض عليه أشياء لم يقم بها في حياته. ذهب باحثا عن عمل يقوي من عظامه و يغير من سمات عقله الصغير، فظل يبحث حتى وجد وسيلة لكسب المال. حديث الولادة بالعمل، لم يكن أبداً علي علم به و لا يعرف كيف يكون . لا يتحمله رب العمل يريد المتمرس و ذي الخبرة فَتَرَجّاه حسن :
– أرجوك لا تتعجل بطردي.. أعطني فرصة لأثبت ذاتي وأصرف على عائلتي
– حسنا سأعطيك فرصة
ذهب ليعمل مجددا. لم تمر الكثير من الأيام فتتحول الأشياء بيده من الصلاح إلي الدمار مجددا، ويتحول وجه رب العمل إلى وجه الشيطان الغاضب :
– لا فائدة
– اعطني فرصة
– مجددا.. لقد أعطيتك فرص كثيرة
– لم تنتهي الفرص.. لازال أمامي الوقت و سأكون أفضل مما سبق
ويتجدد العمل و و تتحطم الأشياء مجددا من بين يده و يعود وجه رب العمل الغاضب من جديد :
– لقد نفذ صبري.. لا مزيد من محاولاتك الفاشلة
– اعتبرني ابنك.. فأنا في شدة الإحتياج لهذا العمل و أعطني المزيد من الوقت
– لا فائدة منك.. أنت تحتاج معجزة لتغير منك ومن حياتك
– حسنا.. سأذهب و لكن تذكر ستتغير الأحوال و سأكون بأفضل حال أكثر منك.. و سأبني ما هدم مني من جديد
رحل يائسا حزينا. يحتاج العمل بشدة. لم تعد الحياة فارغة كما كانت من قبل. أصبح لكل شيء قيمة الآن. رفع وجهه للسماء ودعا ربه بالتوفيق و النجاح ، ثم ذهب يستقل مترو الأنفاق ليعود لمنزله، فجلس علي المقعد منتظرا وصوله، ثم وضع السماعة بأذنه ليستمع لأغاني أم كلثوم فكان من محبيها، متأثرا بكلامها غامضا لعينيه للحظات من شدة اندماجه بها. وسيلة بسيطة للهروب من الأعباء و الأخطاء، في ذات الوقت بالجهة المقابلة ينتظر الجميع قطار الأنفاق و كانت هناك أم بسيطة و طفلة رقيقة ذو السبع سنوات كانت في يد أمها تلعب و تلهو ببساطة و رقة و تتحدث و تغني بطريقة جميلة جعلت من حولها يلتفت إليها ويحبها من روحها الجميله ، بلحظة غفلة من أمها سقطت الطفلة داخل قضبان نفق القطار، الأم تصرخ و الطفلة تبكي من شدة خوفها ومن ألمها لسقوطها، لم تستطع الأم فعل شيء غير الصراخ، فتجمع الناس حولها خائفين يجرون هنا وهناك لطلب المساعدة ولم يخطر علي بال أحد أن ينزل للطفلة و ينقذها أو حتي يساعدها. الجميع خائف على حياته و موعد وصول القطار اقترب و لازالت الطفلة بين القضبان. لحظات قليلة و مرعبة ستفقد الأم بنتها أمام عينيها بطريقة بشعة، و لم تقترب الشجاعة من قلب أحد للحظة واحدة. لم ينتبه حسن لشيء، سماعة الأذن و أغنية أم كلثوم تتغلغل أذنه و قلبه و عقله و تجعله في عالم آخر لذلك لم يشعر أو يسمع أي شيء، وفي لحظة أمل من الله جعله سببا للخير. لفت نظره تجمع الناس ، فقام من مقعده و اقترب من الحافة التي ينتظر عليها الجميع القطار فوجد طفلة بين القضبان، بلا وعي و تفكير نزل مسرعا لمكان الطفلة، و ظل يصرخ الجميع و يرددون:
– ماذا تفعل؟! .. أنت مجنون.. إبتعد من هنا.. القطار سيأتي قريبا
لم يستمع حسن لأي شيء من ذلك، السماعات لا زالت بأذنه و إن استمع لهم لكانت كلماتهم سبب في عدم إنقاذها، ثم تقدم نحوها حتى وصل إليها فالتقطها بيده ورفعها بمكان آمن فحملها الناس سريعا من يده و أسرعوا بحمله أيضا قبل مجيء القطار و أصبح بأمان وأصبح الجميع في حالة من السكون والاطمئنان. الطفلة بحضن أمها وحسن يلتقط أنفاسه من الرهبة و تفاجئه بنفسه، لم يتوقع للحظة امتلاكه لقوة و جرأة تقوده لفعل ذلك. ظلت الطفلة بحضن أمها تبكي من شدة خوفها والأم حاملة الجميل لحسن لا تعرف كيف تشكره تنظر له مبتسمة ممنونه تود لو تقبل قدمه علي ما فعله، لقد رد لها روحها من جديد، نظر للجميع فوجد أيديهم تصفق له بشدة و ممتنّين له و يحركون شفاههم بكلمات، فنزع سماعته من أذنه ليسمع ما يقولون فوجدهم يرددون:
– إبن مصر البطل
– لقد فعل ما لم يستطع أحد فعله
لم تنقطع فرحتهم حتي حمله أحدهم على كتفه و ظل الجميع يهتفون و يصفقون و يصورون الحدث كأنه من المشاهير، كان حسن في غاية السعادة مذهولا لم يصدق للحظة أنه سبب في إنقاذ طفلة ، للحظات بحياته أصبح في نظر الجميع الشاب الشجاع القوي الذي فعل ما لم يستطع أحد فعله بعد ما كان ينعته مديره ” بلا فائدة “
التفت حسن فلمح مديره واقفا مذهولا متفاجئا بما حدث، فشعر بالخجل والندم مما فعله و تمني لو أعاد حسن مجددا للعمل
و أثناء نظرات المدير له تقدم نحوه أحد أفراد العاملين :
– انت فخر لنا و لمصر جميعا.. يشرفنا أن تعمل معنا
تفاجأ حسن بما قاله فشعر بثقة كبيرة بنفسه فتقدم بكل جرأة نحو رب عمله :
– ألم أقل لك أعطيني فرصة
أجابه بصوت مهزوز:
– أنا…اسمع.. لازال مكانك محفوظا
– لن أعود لشخص لم يقدر ذاتي و قلل و تهاون من شأني..
لقد رزقني الله من فضله بعمل أفضل مما كنت عليه
– سأضاعف أجرك
– الآن تبحث عن فرصة .. أنت الآن من تحتاج معجزة…