ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : موسم الحصاد . مسابقة القصة القصيرة بقلم / سمر جمال غيضان..مصر

الأسم/ سمر جمال غيضان

الدولة/ مصر

الهاتف / 01025285309

رابط الفيسبوك

https://www.facebook.com/samar.gamal.1422?mibextid=ZbWKwL

 

موسم الحصاد

 

 لا يزال صوت المياه يسري في آذاني حتى الآن وأنا ألعب بجوار الطرمبة بعد نهاية موسم الحصاد، كنت لا أزال صغيرة عندما كانت تدعونا جدتي لجمع التين و الزيتون ككُل عام، نحن الأحفاد مع باقي أفراد العائلة، أحب موسم الحصاد وانتظره من العام للعام، ونحن نجمع شجر الزيتون، نعلوه لنهز أغصانه برفق كي لا تُكسر، فتسقط حبات الزيتون الناضجة، نفتح ملابسنا العلوية بين أيدينا على إتساعها لتسقط فيها بعضً من حباته، ويسقط الباقي على الملاءات التي نضعها تحت الشجر، نجمعها ونهرول بها في سباق نحو الجدة، نُلقي ما في جُعبتنا لها، ثم نعود لنُعيد الكرة مرة اخري، نأخد ساعات ونحن نجمع الزيتون في حوضه حتى ننتهي، ثم نذهب نحو حوض التين الصغير، شُجيراته القصيرة تُشعرني بأني صرت كبيرة عن عامي السابق.

 

أجمع كل ما يتيسر لي من التين وأضعه في السلة المخصصة لي ،لا نعامله معاملة الزيتون بل نعامله برفق ورِقة كي لا يَفسد بين أيدينا، نضعه واحدة تلو الاخري في السلة، نتسابق فيما بيننا من يجمع أكبر قدر من السلال ،ونحن نعود للجدة نضع الحصاد بجوارها في الكوخ الخشبي، الذي يبدو عمره أكبر من عُمرها من كثرة تشققات  الخشب والبوص به، تفترش سجاد قديم في منتصفه وخلفها زير من المياه، ودكة خشبية قديمة دون مقعد، فقط يكسوها سجاد قديم، وفي مقدمة الكوخ بجوار الباب موقد طيني للشاي والطعام، تجلس بهدوء وهي تعد حبات التين، كلما وجدت واحدة عطبة أخرجتها، تضعها في سلة مختلفة حتى نأكلها فيما بعد عندما نجوع، تسلقنا شجر التوت العالي ،وزورنا كل فروعه نجمع حبات التوت الحمراء والبيضاء، نأكل منها أكثر ما نجمع دون أن نغسلها، يهمنا أن نلتهمها كلها حتى تحمر ألسنتنا كما لون التوت الأحمر، وبعدها نهرب نحو طرمبة المياه لنغسل أيدينا من جريمتنا، فيقف أحدنا خلف يد الطرمبة يرفعها ويُنزِلها عدة مرات ليخرج لنا ماء حلو نشرب منه ونغتسل ونرمي بعضنا البعض بالمياه حتى نبتل، وينهرنا الكبار  من ابتلال ملابسنا،،

 ويأمرونا أن نقف تحت الشمس حتى تجف ملابسنا، ونجري نحو الشمس وسط الحقل.

نذهب للجدة، وننتظر منها الشاي الذي تصنعه على وقود الحطب، فيخرج بطعم العشب المحترق، ننظر له بإعجاب فيما هي ترفع يدها ببراد الشاي من على الموقد الطيني لتصبه في الكوب وتعطيه لنا، يُدفئنا و يُشبعنا لحين موعد الطعام.

 

يتركنا الآباء ليحملوا العربات بأقفاص التين والزيتون، للتاجر الذي أعطاهم أعلى سعر، ونحن نرى الأموال وهي تعد، نفرح برؤية المال، وهذا يعني ملابس جديدة، وحلوى كثيرة، نجلس بعد نهاية اليوم تحت ضوء القمر، والجدة والنساء يشوين السمك على الموقد، فتخرج رائحة الشواء تداعب أنوفنا، نترك بطوننا للجوع حتى نلتهم أكبر قدر ممكن من السمك، بِجواره شرائح الطماطم المتبلة والجرجير، نلهو ونلعب ألعاب الحقل ونحن نُعد الوقت للحصاد القادم للقطن، نأكل جميعاً بعدما افترشنا الارض وسط الكوخ، تصيبنا التخمة، فننام ولا نعي كيف وصلنا إلى أسّرتنا في البيوت في اليوم التالي.

 

أما الآن أمر على أرضِنا، بعدما صارت بور، لأننا تركناها للزمن وصرنا نحن الأحفاد أطباء ومهندسون، ولم يعد يليق بنا، أن نزرع الأرض و نحصدها كما فعل آباؤنا وأجدادنا من قبل لملايين الأعوام، هذا مُحزن حقاً، كما اشتاق لموسم الحصاد وصوت مياه الطرمبة يُداعبني كلما حزِنت، فأتذكر أني عشت أيام سعيدة مع أرضِنا فيما سبق، ولايزال طعم التوت الأحمر باقياً على لساني وفي ذاكرتي حتى الآن

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى