الاسم: د. عبد العزيز مرسي على مرسي
الفئة: قصة قصيرة
رابط ألفيس بوك: https: //www. facebook. com/profile. php? id=1009504482939
العنوان: جمهورية مصر العربية.
محافظة: البحيرة.
مركز: إيتاي البارود.
قرية: الضهرية.
رقم الموبايل: 01060501540
القصة ب عنوان
( همسة وفاء )
تعبٌ كلها الحياة فما من نعمةٍ فيها ألا وهي منقوصة, وصدق ربنا – سبحانه وتعالى – إذ يقول: لقد خلقنا الإنسان في كبد ( ). ومما يخفف من وطأتها رفقاء دربٍ كان لهم عظيمُ الأثر في حياتنا, ورفيق دربي من نوعٍ خاص لم يعص لي أمرًا وشد من أزري, وأعانني على نوائب الدهر, ورفيقي هذا لم يكن من البشر؛ بل إنه حذاء – لا أكثر ولا أقل – رافقني في حلي وترحالي, وعشنا معًا سنوات العسر واليسر, والأفراح والأتراح.
ذات يوم تاقت نفسه وأعلن عن رغبةٍ دفينةٍ حُرم منها منذ سنوات طوال – هي بالأساس رغبة مشروعة – أراد أن يدهن جلده – الذي أكل عليه الدهر وشرب – بالورنيش, أراد أن يصلح ما أفسده الدهر؛ ولكن هيهات, فعقارب الساعة أبدًا لا تعود إلى الوراء. ولا أخفى عليكم سِرًّا بأنني كنت على علم بهذه الرغبة الدفينة, فقد كان بيننا عشق وتناغم قلما يحدث بين البشر, ولكنني لم أستطع ذلك لسوء الحال وكثرة الترحال في طلب العلم من كل مكان.
وفي يومٍ صحائف, شديد القيظ, تلفح حرارته الوجوه, ويصهر ما في البطون, ذهبت أنا وصاحبي نتريض قليلاً في أحد شوارع القاهرة العامرة, ومن حُسن الطالع وجدنا صاحب حانوت ينثر المياه بيده أمام حانوته لكي يخفف من شدة هذا القيظ المستعر, فهمست في أذن رفيق الدرب, وقلت له: مؤكدٌ أنك تعلم ما عقدت العزم عليه؛ فسأذهب إلى صاحب الحانوت وأسأله أن ينثر عليك بعض قطرات من المياه فقليل من الماء يطهرك, وهذا جُهد المُقل.
وبالفعل هممت أن أطلب من صاحب الحانوت فعل ذلك, ولكن حيائي منعني لغرابة مطلبي شكلاً وموضوعًا, كما أن صاحبي يعرفني جيدًا ويعرف شدة هذا الأمر على نفسي, فقال لي: لا عليك يا صديقي, يَعِزّ عَلَى أن أراك منكسرًا هكذا من أجلى, احفظ ماء وجهك, فأنا قد اعتدت على ذلك.
ولكن شاءت إرادة علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى, أن يقوم صاحب الحانوت – ودون قصد – بنثر المياه على رفيقي, فكانت بردًا وسلامًا عليه, وبدأت تدب فيه الحياة من جديد كدبيب النمل, أما أنا فكنت أشدُ فرحًا منه فرح الغريب بِأَجْوِبَة وتلاقٍ, وأسررت إليه, وقلت له: هنيئًا لك ماء الحياة, وضحكنا ضحك طفلين معًا فعدونا فسبقنا الزمن, لنبدأ رحلة كفاح جديدة.