ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة . هن مصابيح البيوت . مسابقة القصة القصيرة بقلم / حلفاوى محمد . الجزائر

الاسم واللقب : حلفاوي محمد

الدولة : الجزائر

المشاركة: القصة القصيرة

هــُـنَّ مَصَابِيْــــحُ البُيُــــوْتْ

لا أحد يستطيع أن يغير سنة الله في خلقه ، نحن عبيد هذه الدنيا بل نحن انحراف عن معيار ، عندما أقرأ عن القدامى أنتفض وأعزي جوارحي وأفكاري على لم يعد موجودا في زمننا هذا، نعم ثم نعم …أين نحن من هؤلاء؟ و أين يكمن السر ؟، كنت شابا أحفظ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )أحاديثه ،وكان خلقي يغطي جوانب احتياجي كلها ، ومعيني في ارتباطي بهذه العائلة الشريفة ،وقد عزز أواصر الارتباط بهذه الأسرة ، ثمرة كبدي الغالية ، التي هي ابنتي الوحيدة ،أينعت وأشرقت في ضحى حياتي ،ربيتها تربية مشبعة بالأحاسيس والخواطر من جهة ، وبالأوامر والنهى من جهة أخرى ،فالبنت كما قيل في الموروث الشعبي عندنا:(مكانها فارغ)، لأنه سيحين وقت قطافها ، أو يوم خطبتها و لم أتصور يوما أن زواجها سيكون كدرا ينغص معيشتي ، فقد صرت لا أنتصر لنوم هادئ مثل الأيام الخوالي فزوجتي عظمت لفظي ، وصنفته في خانة الجنون، ففي نظرها ليس من باب المعقول أن يرفض زوج غني بغض النظر عن أخلاقه ، فالمال سيد مطيع يغطي كل تلك الجوانب حتى الدين والملة ،أصبر أحيانا حتى يغتاظ صبري ، وأنقلب على الجنب الآخر حينما أسمعها تدعي أنني أنا من عقد البنت ، وجعلها منطوية على نفسها تعيش أتعس ايامها .

سهري المستقبلي الذي نصحني الإمام برفضه رفضا تاما ، لأنه كان سكران وبال أمام المسجد ،تشبثت زوجتي في رغبته الارتباط بابنتي ، وذلك من خلال منطقها القائل : لا يعرف المرأة إلا المرأة ،فابنتي تحبه ولا بد من إقصاء مقولة :(اختاروا لبناتكم نسبا شريفا)، أحس بعدها بأني لم أرب ابنتي على الفضيلة ،فكيف أضع يدي في يد رجل لا يصلي لقد رفضت خطبتها إليه رفضا قاطعا جازما ، حتى والدته لم تكن محترمة بلباسها الفاضح وبالورد في يدها ، إنها بروتوكولات الخطبة وأنا قديم الطراز ، كما يدعون ، متيقن أنه أبدا لن يسعد ابنتي.

أحاول أن أتغيب عن المنزل لكن الأفكار تحوم حولي بشكلها وطرحها القاتل وتأزم زوجتي الموقف حينما تردد قولها أمامها ،هل تحبذ لها الانتحار دائما تتحجج بالدين حتى عيشتنا في الظلام …..لم أكد أنج من نار الحجج ومن من أراء زوجتي الهدامة حتى أجد نفسي تحت ضغوط ابنتي من خلال أعمامها وأخوالها، تمسكت برفضي مدة من الزمن لكن كما يقول والدي :(الجماعة تغلب السبع ).رضخت لهم ولم أرضخ لنفسي وقد ابديت لها موافقتي المكسورة الجناح أمام أهلي وأهله بشرطي الوحيد،( لن أسمع في يوم من الأيام أنك طلقتي ،ولن تلجئي إلي في حالة الغبن والقهر) هذا آخر كلامي وكان آخر يوم رأيت وجه سهري المخادع .

مر العرس بأهازيجه بردا وسلاما، لم يعرف مني ابتسامة واحدة كانت أحاسيسي كلها مقهورة بينما تتبجج زوجتي بتلك المظاهر الخداعة وتحاول هي وابنتي، إغاضة قريناتها بتلك الماديات التي جلبها العريس لم يكن فيهن عاقلة واحدة ،في النهاية كلهن بنات حواء خلقن من ضلع أعوج وقليل منهن حسنة الدنيا، قد ترتاح هي بعد العرس وتنام نوما الصريع لكن أمري مع النوم أعظم، قد كنت كالملدوغ أحسست أني لم أحم ابنتي كما يجب ، فهي مغلوبة على أمرها تنتصر عليها الأهواء والأحاسيس .

تمر الأيام وقد كنت أحسب زيارتها المتكررة من باب الصبابة او الحنين ،لكن للأسف خدعتني زوجتي بتمثيليتها لإخفاء الحقيقة عني ربما كانت أبوتي ستخفف عنها بدل أن تطبق قراري بحذافيره، نحن الأباء أعمدة البيوت وهن مصابيحها صبرت صغيرتي المسكينة لجورهم وعذابهم ولم تجد كيف تدافع عن نفسها، لا أحد تلجأ إليه لقد انتحرت في النهاية وأخذت سرها معها …

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى