الاسم : هيثم محمد محمد الجافي
الدولة : مصر
رقم الموبايل ( واتس ) : 01026622773
https://www.facebook.com/mohamed.elgafy.7
مسابقة مهرجان همسة الدولي للآداب والفنون ال 10
القصة القصيرة
وعـــــــــــد
لا تعرف من الوعود سوى أسمُها فقط ..
الحقيقة الوحيدة هي إنها “وعد “
واعتادت “وعد ” أنه لا وعد يتحقق !!
– أمي ، سأذهب مع أخوتي للعب بجانب الترعة !!
وتأتي اللا الصارمة ..
– لماذا ؟
– ﻷنك صغيرة وهم صبيان كبار !!
– هل أستطيع الذهاب معهم عندما اكبر ؟
– بالتأكيد يا وعد !!
– أمي ، أريد مثل هذه التنورة الجميلة ، انظري كم هي رائعة على تلك الفنانة !
– إنها لا تليق بك ؛ أنت محجبة !!
– نستطيع ان نجعلها تليق ؛ قماش أطول سيفي بالغرض !
– حسنا ، عندما تنجحين في نهاية العام !
– هل هذا وعد ؟
– بالتأكيد يا وعد !!
في قريتها الصغيرة ، التابعة لمحافظة من محافظات الوجه القبلي المصري ..
لم تلعب ” وعد ” بجانب الترعة أبدا ..
ولم تقتني مثل التنورة التي أعجبتها ..
عندما تتضاءل أحلامك وطموحاتك ..
وتتضاءل ..
وتتضاءل ..
حتى يكون الهدف من الحياه هو مجرد الوجود !
( صوتك مبهر يا وعد ؛ إنه أجمل صوت سمعته في حياتي )
لا تتذكر عدد المرات التي سمعت فيها مثل هذه الجملة ؛ ولكنها لابد أن تقال في كل مرة تقرر فيها الغناء !!
في الواقع ” مبهر ” و ” جميل ” لا تعطيان هذا الصوت الملائكي حقه على الاطلاق !!
وفي لحظات الصفاء ؛ كانت تجلس وسط أبويها واخوتها ، وتغني لهم ..
حتى ملامح وجه أبيها الصارمة دائما ؛ تجدها تلين عندما تبدأ في الغناء !!
وعندما تنتهي ؛ تدعو لها أمها بأن يرزقها الله بأبن الحلال !!
برنامج إكتشاف المواهب الغنائية ..
أنه الحلم الجديد لوعد ؛ تشاهد البرنامج ، وتسمع مواهب أقل بكثير منها ؛ اليوم أصبحوا مشاهير !!
انها لن تتنازل عن الحلم هذه المرة !!
لن يكون هناك المزيد من الوعود الكاذبة :
– أمي ، أريد ان أشارك في برنامج ( …………. ) !
– هل جننت ؟؟ أباك سيقتلك لو سمعك تقولين هذا !!
– أمي ، أرجوك !
– حسنا ، أعدك …
– لا ، لن أنتظر وعدك ، سوف اخبره بنفسي ..
وكان نصيب وعد صفعة مؤلمة !!
ولكن الصفعة لم تثني وعد عن حلمها ..
مرضت وعد ؛ وأصبحت أسيرة الفراش ..
جاء طبيب وآخر ؛ والتشخيص نفس التشخيص :
لا يوجد سبب عضوي ؛ إنها حالة اكتئاب شديدة بكل تأكيد !!
وجاء عمها ..
ذلك العم الطيب ، الذي طالما ما وقف بجانبها :
– اتركها تفعل ما تريد يا عبد الظاهر .
– كيف ؟! إنها تريد الذهاب للقاهرة ، بل وتغني امام الجميع كذلك !!
– دعها تسافر مع أخيها الاكبر ؛ البنت بتموت !!
وتسافر وعد ..
رغم القطار المتهالك ؛ والزحام الخانق ؛ شعرت إنها تطير على جناحي ملاك حارس …
ثم كانت الاختبارات الأولية ، نجاح باهر :
– هذه الفتاه لا يجب أن تقف أمام لجنة التحكيم !!
– لا ، وجودها أمام لجنة التحكيم سيزيد من شعبية البرنامج ، وبالتالي المزيد من الإعلانات !!
وجاء اليوم الموعود ..
وأرتدت وعد أفضل ما تملك ..
وفي المنزل ، جلست العائلة لتشاهد وتسمع ” وعد ” ؛ ولم يجلس معهم الأب الحزين الذي مازال يشعر بالعار !!
– أتفضلي عرفينا بنفسك ..
– وعد ؛ من قرية ( …….. ) ، محافظة ( ……… ) !!
ولم يتمالك بعض الحضور أنفسهم من الضحك ؛ حتى تلك الفنانة الشهيرة من اعضاء اللجنة ؛ ضحكت بصوت عال ؛ ثم اعتذرت وهي تحاول التماسك بصورة مفتعلة للغاية !!
قال لها الفنان الشهير ، عضو اللجنة :
– هتغني لمين يا ” وعد ” ؟
– فيروز ، اعطني الناي وغني ..
– رائع ، أختيار ممتاز ..
ونظرت ” وعد ” حولها ..
يجب أن تغني اﻵن …
تتذكر :
وجه والدها الحزين ؛ وهي تودع أسرتها قبل السفر ..
مدرس اللغة العربية والدين ، الذي كان يضربها بشدة ، عندما يسمعها تغني لزميلاتها في حوش المدرسة ..
أمها تردد : البنت ليس لها سوى الزواج ، والإنجاب ..
ويخرج صوت وعد متحشرجا ..
مخنوقا …
والدموع تنساب على وجنتيها …
– شكرا يا وعد ؛ نعتقد إنك غير مستعدة اﻵن ؛ نراك مرة أخرى !!
وتغادر وعد المسرح …
لم تنتظر يوما آخر في القاهرة …
وفي نفس القطار المتهالك ؛ جلست وعد مع أخيها …
مازال الطريق طويلا حتى تصل إلى قريتها …
أنه الليل …
الليل الطويل الذي يبدو بلا نهاية ..
وبدأت وعد تغني …
وتغني …
حاول أخاها منعها ؛ ولكن ذلك الحزن العجيب في عينيها جعله يكف عن المحاولة …
وبدأ يسمعها هو اﻵخر ….
الجميع بدأ ينصت بتركيز شديد ….
وﻷول مرة لا تسمع في هذا القطار سوى صوت واحد :
صوت وعد ….
صوت وعد الذي نقل الجميع إلى عالم آخر …
عالم آخر ، كم تمنت وعد أن تعيش فيه للأبد …
تمت