ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة ..وعد . مسابقة القصة القصيرة بقلم / يسري ربيع حلمي نصر .مصر

الاسم.. يسري ربيع حلمي نصر
الشهرة.. يسري ربيع داود
جمهورية مصر العربية
جوال.. 01554041817
واتس.. 00966557160443
رابط صفحتي الشخصية على الفيس بوك…
https://www.facebook.com/profile.php?id=
100010593037311
…………..
المشاركة
قصة قصيرة
الكاتب : يسري ربيع داود

( وعد )

في البدء كانت الكلمة، وكانت النظرة، و الابتسامة، ثم اللقاء. وحدها هي من تتذكر الكلمة وتتذكر ما تبعها من أوجاع.
في وقت الأصيل على صخرتها الصماء الرابضة على شاطئ النهر جلست ” وعد” تسترجع الذكريات، ساحت بذاكرتها شوارع القرية، وترعتها ، وشجرة الكافور التي كانت مكان اللقاء في ذلك الوقت كل خميس حيث تفيض الاشواق وتتجدد كل لقاء، وتتعدد الأمنيات المصحوبة بابتسامات، ونظرات تشع بالأمل والفرح، وكانت شدة الفرحة حينما حددا سويا موعد لقائه مع والدها ليكتمل عقدهما ولتكون البداية لإطفاء الشوق وناره بأحضان اللقاء.
تبتسم وعد وهي على صخرتها، يظن الناظر إليها انها جُنّت، ولكن الناظر الخبير يستطيع أن يربط تلك البسمة بالحزن البادي على نظرات العيون المصوبة على صفحة النهر الساكن، الذي يشاركها السكون فلا يتحرك حتى لا يقطع على وعد حبل أفكارها.
تبدو الحياة على شاطيء النهر مزعجة على مرمى البصر، حيث تجتمع الأسر ويزداد صخب الأطفال وثرثرات المجالس ، لكنها اختارت المكان الهاديء، وإن شئت فقل اختارته مع حبيبها المسافر دونما رجعة طيلة السنوات الثلاث الماضية، وانقطعت أخباره عنها إلا من رسائل أخته” حنين ” لها.
قدمت لترى الشمس مخنوقة تذرف الدماء من أجل أن يطلع القمر ببهائه لينير الظلمات، لا يختلف حالها كثيرا مع الشمس فكلتاهما مخنوقتان تذرفان، وإن كانت الشمس تنثر الدماء، فوعد تنثر دموعا تأبى أن تجف لاسيما مع إصرار والدها على زواجها بابن عمها.
تلتقط حصاة من أسفل الحجر الذي تجلس عليه، تلقي به قريبا من الشاطيء فيصنع دوائر متتالية، متباعدة تارة، ومتقاربة تارة أخرى ، ترى خلالها وجهه الأسمر بسمرة مياه النيل يتباعد ،. يتقارب، ويتراقص ، فتتعالى الأنفاس، تحاول أن تحقق النظر لعلها تجمع تلك الملامح التي نقشتها في حنايا القلب ومناطق الذاكرة.
تهدأ الأمواج فتبدو ملامحه المصرية الأصيلة، بعينيه العسليتين الغائرتين ، وشعره القصير الأجعد، و ملامحه الشابة الفتية ، وفمه السليماني المبتسم، وعندما تتحقق من ابتسامته على صفحة النهر الراقص تبتسم ابتسامة الموعودة بوعد فصدق واعدها، ابتسامة طفلة بلهاء مصحوبة بالدموع على حلوى في دكان بائع بخيل لم يكترث بدموعها. ابتسامته لم تكن تفارقه ابدا ، يبتسم لها عبر النهر فتغيب عن الواقع، يشير إليها بالتقدم نحوه ليرقصا معا رقصة الغروب، تتماهى وعد مع دوائر المياه الهادئة، فتتراقص جالسة كأنما تجاري الكون من حولها.
تنتفض عندما تشعر بشيء يمر بجانب اذنها، يسقط في النهر فيثير وجه حبيبها، يزداد رقصه حتى غابت ملامح وجهه، تنظر خلفها فتجده، نعم هو بشحمه ولحمه، هكذا رأته بقلبها قبل عينها، قامت ملهوفة، حب الدنيا تجمع في قلبها الصغير الذي لم يستوعبه، فارتجف رجفة كادت وعد أن تسقط فاقدة وعيها، تماسكت، ثبتت، فتحت يدها لتعانقه ، و تراقصه كما كانت تفعل منذ قليل في خيالها، تدفعه بلطف فيتراجع بشفقة ، تريد ان تشبع من النظر لعينيه الجميلتين، أصابتها الوحشة من شدة البعد عنها ، تضيع فيهما برهة، تتذكر أن اشواقها لم تنطفيء بعد، فتعاود العناق ، تتركه لتعاتبه. بصوت متهدج،وأنفاس متلاحقة، ولوعة واشتياق تفيض من عينيها وصوتها، يقابله الفتى الاسمر بابتسامة لم تفارق وجهه، ولم يتكلم؛ لأن الطيف لا يتكلم ولكنه يتمثل لحظة واحدة من لحظات ابتسامة الحبيب ، قالت له بكل انكسار :
_ لماذا هنت عليك؟
لماذا تركتني وحدي، وقد وعدتني ونحن تحت شجرتنا العجوز بأنك سوف تعود، طالت غيبتك يا حبيبي، الم يكفك غياب كل تلك السنوات؟ لم احتمل غيابك حتى رموني بالجنون، و طالتني الألسنة والنظرات،. حتى أصبحت هدفا أُرمى صباحا ومساء من كثرة رفضي للزواج، الحمد لله ان عدت لتنتشلني من دوامة تلك النظرات، واعادتي للحياة ، نفذت مني الحجج ولم أعد قادرة على الكذب والخداع، تعب ابي واخوتي مني لدرجة ان ابي مد يده عليّ ليضربني وهذه هي المرة الأولى التي يتعامل معي فيها بالقسوة بعد أن كانت هذه اليد هي التي تربت علي وتمتد لي بالخير. تعالى يا حبيبي لترى ما كنت أفعله، تعالى لترى وجهك على صفحة النهر، انا…انا رسمته بحصاتي على النهر الخالد، انظر ابتسامتك، انظر كيف كنا نرقص.. انظر…. لماذا لا تنظر؟
تكسرت نفس والدها حينما سحب يده من يد ابنته، وبيده التي امتدت لضربها يوما، أعاد التربيت على كتفها، قائلا لها : هيا يا ابنتي إلى البيت فهذا هو موعد ذهابنا إلى الطبيب المعالج.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى