أنت والأرض
—-
خُلِقتَ يا إنسانُ مِنْ عدَمِ
وسوفَ تنتهي إلى ظُلَمِ
فلا تُثِرْ في الأرضِ زوبعةً
واهدأْ قليلًا ولها ابتسِمِ
وازرعْ على تلالِها عنبًا
في الجوعِ يشتهيهِ كلُّ فمِ
وكنْ إذا أنهكَها عطَشٌ
غيثًا لها تجودُ كالدِّيَمِ
وإنْ أتاها الجَدْبُ يُفقرُها
خدودَهُ اصفعْ بيدِ النِّعَمِ
وإنْ لها تكلّستْ لغةٌ
هاتِ لها روائعَ الكَلِمِ
وإنْ تهرّأتْ معاطفُها
بسَترِها عند الصّقيعِ قُمِ
وإنْ تلاشى حُلْمُها وذوى
جدِّدْ لها مراكبَ الحُلُمِ
وإنْ تهدّمتْ معاقلُها
فابنِ لها البناءَ كالهرَمِ
ولا تعكِّرْ ماءَ نهضتِها
واكسرْ بها مخالبَ السّقَمِ
وإنْ بكتْ وناحَ بلبلُها
رتِّلْ لها مِنْ أعذبِ النّغمِ
دعها لتبنيْ اليومَ جنّتَها
لعيشةٍ تُرجى بلا ألمِ
فكمْ تألّمتْ وكمْ طُعِنتْ
وكمْ جرتْ بها بحورُ دمِ
وشاخَ وجهُها وكمْ رُجِمتْ
مِنْ أهلِها بأبشعِ الحُممِ
وآنَ أنْ تعودَ فتنتُها
بعد انكسارِ الظَّهرِ والقَدَمِ
وأنتَ يا إنسانُ سِرْ لغدٍ
حُرًّا ولا تعُدْ إلى قِدَمِ
جُعلتَ في ذي الأرضِ سيّدَها
فاخلَعْ بها أرديةَ الخدَمِ
وكالملوكِ عشْ بمملكةٍ
تضمُّ كلَّ النّاسِ والأممِ
تحيا الحياةَ حلوةً معهم
مِنْ غيرِ خيبةٍ ولا ندمِ
القولُ فيها لا لقنبلةٍ
وإنّما للطِّرْسِ والقلمِ
——-
القس جوزيف إيليا
١٢