ط
الشعر والأدب

قصيدة :التغريبةُ الأخيرةُ . للشاعر / وليد الشواقبة (اليمن )

(التغريبةُ الأخيرةُ)

للشاعر وليد الشواقبة (اليمن )

لا زادَ لي لا خيمةً لا راحِلةْ

قد لا تمُرُّ ، وقد تمُرُّ القافِلةْ

عادَ الأبُ الفلَّاحُ ذاتَ عشيَّةٍ

يتفقَّدُ امرأةً فتمسَحُ كاهِلَهْ

وتقولُ يا فلَّاحُ حقلُكَ مُتعَبٌ

حصدَت سكاكينُ السنين سنابِلَهْ

أذِّنْ على أُذنِ الصبيِّ وسمِّهِ

وامنحهُ أسرار المُروءةِ كامِلةْ

“سيعيشُ طفلُكِ عندليباً غارقاً

في حُزنه”ِ قالت لأُمِّي القابِلةْ

هو أسمرُ العينين لكن فيهِما

يوماً ستخضرُّ الأغاني القاحِلةْ

ومضَى أبي للحَقلِ

يُطعِمُ زرعَهُ

أيّامَهُ وجُفُونَهُ وأنامِلَهْ

كُنَّا ننامُ مع اسمِهِ

في حجْرِ أُمِّي

وهي تروي فضلَهُ وشمائِلَهْ

في ظِلِّ دفءِ الحُبِّ أو في بردِهِ

عاشا معاً كمُناضِلٍ ومُناضِلةْ

وأتى الصَّباحُ ولم تُفِق عينا أبي

وعُيونُ قريتِنا الصغيرةِ ذابِلةْ

بكتِ البُيوتُ عليهِ وهي حِجارةٌ

أتخونُهُ أكبادُنا المُتآكِلةْ ؟

صرخَت بوجهي أُختيَ الصُّغرى

أتُسلمُهُ الرَّدى ؟

لِمَ لَمْ تقُم لِتُنازِلَهْ ؟

والآن تمنعُني البُكاءَ لأنَّني

امرأةٌ فلا والله ما أنا فاعِلةْ

لأقطِّعنَّ عليهِ قلبي حُرقَةً

دمعي لهُ فرضٌ ونَوحِي نافِلةْ

هذا الَّذي أنزلتُموهُ إلى الثِّرى

كانت قلوبُ العالمين منازِلَهْ

ما خانَ قطُّ ولم يقُل كذِباً ولم

يغدِر ولم يحمِل نفاقاً داخِلَهْ

لم يمتلِك بحياتِهِ مُلكاً ولا

جاهاً ولكن كان يملِكُ عائِلةْ

*

ومضَى أبي للهِ يُسرِعُ خطوَهُ

مُتجاوزاً هذي الحياةَ السَّافِلةْ

ما بين صُحبتِنا وصُحبةِ ربِّهِ

لا ريبَ أن الموتَ كان الفاصِلةْ

وبقيتُ وحدي

مثلَ دمعةِ طفلةٍ في حفلةٍ

حمراءَ حرَّى ذاهِلةْ

وكشاعِرٍ أمسى يودِّعُ خلفَهُ

وطناً ويذرفُ دمعَهُ ورسائِلَهْ

ودَّعتُ بعدَك يا أبي وطني

فقد صار الغُرابُ يصيدُ فيه بلابِلَهْ

أسَفِي عليهِ وشعبِهِ

المشروخِ هامتِهِ

ولا زالت تُحيّي قاتِلَهْ !

لو كان حُرَّاً ما انحنى لكِنَّهُ

شعبٌ يُحِبُّ قيودَهُ وسلاسِلَهْ

*

فإلى متى ستظلُّ

تخذِلُ دمعَنا ودماءَنا

هذي البلادُ الخاذِلةْ ؟!

تأوي لمائِدةِ الطُّغاةِ وتشتري

أوجاعَنا وتبيعُ تحت الطاوِلةْ

هل يُدرِكُ الطاغي

بأنّ الموتَ لا يكفي

لِيطفئَ روحَنا المُتفائِلة ؟

سنظلُّ نمحُو ليلَهُ بشُمُوعِنا

حتى نفاجئهُ بشمسٍ هائِلةْ

فمُهُ رصاصتُهُ وصرختُنا فمٌ

إنَّ الحقيقةَ كالرصاصةِ قاتِلةْ

*

يا عابدين اللهِ في محرابِهِ

إنَّ الصلاةَ بدُونِ حُبٍّ باطِلةْ

يا مُلحِدين

اللهُ تُدركُهُ العُقولُ المُستنيرةُ

لا العُقولُ الجاهِلةْ

يا مُوقداً للحَربِ إنَّ جهنَّماً

موقودةٌ أبداً وحربُكَ زائِلةْ

يا جاحِداً بالشَّعبِ

سوف نرى غداً

إن طالَ عُمرُكَ هل تُطيقُ زلازِلَهْ ؟!

يا هَؤلاءِ وهَؤلاءِ متى نرى

أرضَ السَّعيدةِ بالسَّعادةِ آهِلةْ ؟

يا راحِلاً عنِّي وما ودَّعتَني

وفِّرْ وداعَكَ إنَّ روحي راحِلةْ!!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى