ط
الشعر والأدب

قصيدة ( الخريف ) للشاعر العراقى / خالد صبر سالم

الخـَريف

هربَـتْ ســــنينـُكَ واسْـــتبـدَّ زمـانُ

والبئـْرُ جَفَّ ودَلـْوُكَ العطـْشــــــانُ

أحْلى الورودِ نـَفـَتـْكَ عنْ أطـْيابـِها

وغـَفـَتْ وأغـْـلـَقَ بابَـهُ البســــتـانُ

وبقيتَ تحتَ الشمس لمْ ترحَمْكَ إذْ

حرَمَتـْكَ طيبَ ظِلالِهـــا الأغصـــانُ

تمْشـي على رمْل ٍ وعَصْفٌ لاهِــبٌ

وأمامَــكَ الكثـْبـانُ …….والكثـْبانُ

بالأمْسِ كنـْتَ على الرياض مَليكـَهُ

يُجْبـى إلـيكَ الـعـطــْرُ والألـْــــوانُ

كمْ قبَّلـَتْ شــفتـاكَ وردًا بـاســــمًا

أسْــكـَرْتـَهُ فـإذا هــوَ النشـــوانُ!

أنـّى التـَفـَتَّ تـَرَ الحدائقَ تـَزدَهي

ويَشــــيعُ فيهـــا الحُبُّ والألحـانُ

ما كـُنـْتَ تـَظـْمأ ُ فالعيونُ بَريقـُهــا

إنْ يَهْـوَ تـَسْــبَحْ فـَوقـَهُ الشــطآنُ

كانَ الربيعُ يَفيضُ حَولـَكَ حُسـْـنـُهُ

فكلاكـُما المـَفتــونُ والـوَلـْهــــانُ

وجـِنـانـُهُ قـدْ صَـيَّرَتـْكَ مُصَــوِّرًا

فـي قـلـبـهِ يَسْــــــــتـَيْقِـظ ُ الـفـَنـّانُ

إنْ مَـرَّ حِـيـنٌ تـاهَ فيـهِ جَـمـالـُــهُ

جـاءَتْ ويُثـْقِلـُهــا الهـــوى أحيـانُ

* * *

صـادقـْتَ ألـْفَ حمـامـةٍ وحمـامـةٍ

لمْ تدْر ِ قـَبْلـَكَ ما هـــوَ الطـيَرانُ ؟

لمْ تدْر ِ قـَبْلـَكَ أينَ تـَبْني عشَّـها ؟

فإذا بحضْـنِكَ عشُّـها النعســـــــانُ

قدْ كنـْتَ صيّادًا وسَهْمُكَ لمْ يطـِشْ

ولدَيْـكَ مِنْ صَـيْدِ الهــــوى غزلانُ

وأسَرْتَ ألـْفَ فـَراشــةٍ تـَيّـاهــةٍ

ألـوانـُهـــا وجـمـالـُهــــا الـفـتـّــانُ

كنـْتَ الأثيـرَ لـدى أزاهـير ِ الهـوى

ولدَيـْكَ كـانَ الحُكـْمُ والســــــلطـانُ

والآنَ لا طـَيـْرٌ يُغـرِّدُ صــــادحـًا

لا مِنْ شــَــــذا تـَنـْدى بـــهِ الأرْدانُ

سَــطـَّرْتَ في كتبِ الغرام ِ فصولـَهُ

ضـاعَتْ وأقـْفـَرَ بَعْدَهــا العنـْـــوانُ

مـا ظـَلَّ مَـيـْدانٌ تـَتـيـهُ بزهـــوهِ

ماتَ الهـوى واسـْـتـَوْحَشَ الميدانُ

* * *

لاتـرْجُ للزمـن الـجميـل ِربيـعَــهُ

قـدْ شـــَــــيَّعـَتـْهُ وناحَتِ الأحـْــزانُ

النـارُ قـدْ شـَــبَّتْ فـلا تـَكُ قربَهــا

وابْعـدْ فقـدْ خـَنـَقَ الـمكـانَ دُخـــانُ

واحْمِلْ بقاياكَ الجريحة َ والـْتـَحِفْ

بالصـوفِ ، تـَحْدو رَكـْبَكَ الرُهبـانُ

وانـدُبْ ربيعَــكَ وَردَهُ وطـيـورَهُ

قـُتِلَ النســــيمُ وشــــابَتِ الأفنـــانُ

ومضى الزمانُ المُطمئِـنُّ مُخلـِّفـًا

آهــاتِ حُزن ٍ مـا لهـــا اطـْمئنـــانُ

هذا الخريفُ وقدْ تـَعرّى جوعُــهُ

وأتـاكَ وهـــوَ العـابسُ الظـمـــــآنُ

يا حرْقة َالحَسَراتِ: قدْ ماتَ الصِبا

مـاتَ الحَنـانُ ، فمـا لــَـهُ أحْضــانُ

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى