ط
الشعر والأدب

قصيدة: تَبَسَّـمَ دَهْرِي: شعر/سلطان الهالوصي-مصــر

سلطان
===================
تَبَسَّمَ دَهْرِي مَرَّةً وَصَفَا لِي
أُجَالِسُ حِبًّــا كَالْقُمَيْرِ بَدَا لِي

عَلَى غَيْرِ حَالِ الْحُبِّ فِى كُلِّ قِصَّةٍ
يُـفَـرِّقُ أَحْبَــــابًـا بِـدُونِ مَنَــالِ

أَحُلْمًا أَرَى أَمْ حَظَّ عُمْرٍ مُصَالِحٍ!
تَمـازَجَ سَـرًّا واقعِـي بِـخَـيَــالِي

فَقَالَتْ: حَبِيبِي رَهْ بِعَيْنِكَ مُقْلَتِي
تَرَى فَارِسِي وَالْهُدْبَ حُضْنَ ظِلَالِ

نَظَرْتُ لِعَيْنَيِّ الْمَهَا مُتَلَــذِّذًا
وَجَدْتُ بِنَجْلَاويْنِ رَسْمَ غَزَالِ

كَأَنِّي سَكَنْتُ الْجَنَّتَيْنِ بِوَجْهِهَا
وَقَدْ أَصْبَحَ الْهُجْرَانُ حُكْمَ مُحَالِ

أَكُفُّ يَدَيْنَا قَدْ تَلَاقَتْ كَبَصْمَةٍ
وَنَبْضُ كِلَيْنَا عَادَ حِينَ وِصَالِ

حَـرَارَةُ حُبٍّ وَصَّلَتْهَا تَلَامُسًا
يَـدَانِ بِنَبْضٍ دَافِقٍ كَسِجَـالِ

بِدُونِ رَسُولٍ أَوْ لِسَانٍ مُخَاطِبٍ
يُبَلِّـغُ حِسُّ النَّبْضِ خَيْــرَ مَقَــالِ

كَذَا نَبْضُهَا: عِشْقًا نَعَمْ .. مُتَرَنِّمٌ
وَنَبْضِي كَذَا: عِشْقًا نَعَمْ.. كَجِدَالِ

جَلَسْنَا طَوِيلًا وَالرِّيَاضُ تَحُفُّنَا
تَوَقَّفَ دَهْرِي وَالْجَمَالُ قُبَالِي

تَسَاءَلْتُ كَيْفَ الشَّوْقُ كَانَ حَبِيبَتِي
تَبَسَّمَتِ الْحَوْرَاءُ بَعْدَ دَلَالِ

لِيَرْسِمَ ثَغْرٌ بِالسَّعَادَةِ صُورَةً
بِلَوْحَةِ وِجْدَانِي بِغَيْرِ زَوَالِ

وَذَا جُلَّنَارٌ قَدْ تَهَادَى كَزَائِرٍ
عَلَى وَجْنَتَيْهَا مِنْ حَيَاءِ سُؤَالِي

تَرَاقَصَتَا غَمَّازَتَانِ بِبَضِّهَا
لِيَرْقُصَ قَلْبِي مَعْهُمَا بِتَتَاليِ

فَقَالَتْ: لِتُدْلِي أَوَّلًا بِإِجَابَةٍ
لِتُصُبِحَ إِقْلِيدًا لِفَضِّ جُفَــالِ

فَأَمَّا عَنِ الْأَشْوَاقِ قُلْتُ حَبِيبَتِي
رَسَائِلُ صَبْرٍ فِى انْتِظَارِ وِصَالِ

كَمَا نَغَمَاتِ النَّايِ عَــذْبٌ لَحُونُهَا
لِتَشْجِي حَبِيبًــا سَاكِنًـا بِخَيَــالِي

تَفُوقُ لَهِيبَ النَّارِ فِى غَلَيَانِهَا
إِذَا حَسَّهَا ثَـلْــجٌ غَـدَا كَمُسَـالٍ

وأُنْشِدُهَا فِى كُلِّ حِينٍ وَبِيئَةٍ
وإِحْصَاؤُهَا حَصْرًا كَمِثْلِ جِبَالِ!

سَلِي سِرْبَ طَيْرٍ فِى السَّمَاءِ مُحَلِّقًا
لَقالَوا: بَكَى مِنْ وِحْــدَةٍ وَرِحَــالِ

فَفِى كُلِّ شِبْرٍ نَبْتَغِي فِيهِ رِزْقَنَا
سَمِعْنَا مُنَاجَــاةً لَهُ بِمَجَــالِ

يُحَمِّلُنَـا شَوْقًـا لَهَا كَـزَوَاجِــلٍ
وَإِمْضَاؤهُ: صَـبٌّ صَبَـا لِحَــلَالِ

سَلِي الزَّهْرَةَ الْحَمْرَاءَ كَمْ رُمْتُ قَطْفَهَا
لِأَهْـدِي إِلَيْــكِ الْحُـبَّ رَمْــزَ جَمَــالِ

سَلِي الَفُلَّ دَوُمًا عَنْ أَرِيجِ خَوَاطِرِي
تُخَبِّرُكِ الْأَنْسَامُ بِـيــضَ خِصَــالِي

سَلِي الْيَاسَمِينَ الْحُرَّ عَنْ شَوْقِ مُهْجَتِي
لَقَــالَ: أَنَـا بَـوْحُ الْهَوَى بِـتَـعَــالِ

وقَوقَعَــةً نَاجَيْتُهَــا عَنْ حَبِيبَتِي
بِشَوْقِي وَأَسْرَارِي بِشَطِّ رِمَــالِ

وَنَجْمَـةَ بَحْــرٍ حُنِّطَتْ فِى خَزَانَتِي
تُذَكِّرُنِي دَوْمًا بِعُرْسِ غَزَالِي

وَزَنْبَقَــةً قَـدْ نَكَّسَتْ عُنُقًـا لَهَـا
حَنَـوْتُ عَلَيْهَا مِنْ تَعَاسَةِ حَــالِ

وَبَــدْرًا يُرِينِي فِى الْمَسَاءِ حَبِيبَتِي
بِـشُرْفَـةِ نُــورٍ ضَاءَ حِينَ ضَــلَالِ

وَبَحْرًا قَذَفْتُ الشَّوقَ فِى قَاعِ جَوْفِهِ
لِيُفْصِحَ: هَا جَوْفِي امْتَــلَا بِـلآلِي

سَلِي اللَّيْلَ والْأَطْيَافَ عَنْ سُهْدِ عَاشِقٍ
لِـيَنْتَظِرَ الْإِصْبَــاحَ مِثْــلَ نِـضَــالِ

وشمسَ غُرُوبٍ تختفي بخدورها
ومعها أماني تَسْتَشِيطُ بِبَـالِي

وَصُبْحًـا وَلِيـــدًا أَنْتَشِي بِبُـرُوقِـهِ
لِأَسْعَى طَمُوحًا إِثْرَ فَرْحَةِ فَــالِ

وَكُلَّ طَرِيقٍ يَحْتَوِيهِ سُرَادِقٌ
يَضِجُّ بِهِ عُرْسٌ فَأَسْلُكُ تَالِ

فَأَدْعُو بِظَهْرِ الْغَيْبِ سَعْدًا يَحُفُّهُمْ
وَتُذْرِفُ عَيْنَايَ الدُّمُوعَ لِحَالِي

سَلِي الْحَضَرَ الْمَزْحُومَ أَيْنَ حَبِيبَتِي
سِوَاكِ نِسَاءُ الكونِ غَيْرُ طِلَالِ

سَلِي الْبِيدَ عَنْ قَفْرِ الْحِسَانِ بِرُبْعِهَا
وَعَنْ ظِــمْءِ شَوْقٍ أَوْ ضــلالةِ آلِ

أَلَمْ تَطْبَعِ الأَنْسَامُ ثَمَّةَ قُبْلَةً
بليلةِ صيفٍ فَوْقَ خَدِّ غزالي

بَعَثْتُ بِهَا لَمَّا أَتَانِي بِرَوْضَتِي
نَسِيمٌ لَطِيفٌ مِنْ رَفِيفِ هِدَالِ

أَلَمْ يَأْتِِ طَيْفِي فَارِسًا ذَاتَ لَيْلَةٍ
يُشَارِكُ فَرْحًا أَوْ لِرَاحَةِ بَالِ

فَقَالَتْ: حَبِيبِي صَحَّ شَوْقُكَ حَانِيًا
وَلَامَسَ آلاءَ السَّمَاءِ مَعَالِ

فَلَا تَبْتَئسْ مِنْ وِحْدَةٍ أَوْ أَبَابَةٍ
فَرُوحِي لَكَ السُّقْيَا كعذب نهالِ

بِـشَرْنَقَــةٍ أَحْيَــا كَمَا يَـرَقَــانَـةٍ
بَدَأْتُ حَيَاتِي مُنْذُ لُحْتَ حِيَالِي

تُرَانِي ادَّخَرْتُ الشَّوْقَ فِى جُبِّ مُهْجَتِي
لِيَهْطِـلَ غَيْثًــا فِى لَجِينِ حَــلَالِي

وَدَدْتُ التَّمَاشِي فِى الْجُـوَارِ مُعَشِّقًا
يَـدي بِـيَـدَيْكَ الْبِيضِ دُونَ مِطَــالِ

فَقُمْتُ أَمُـدُّ الْكَــفَّ دُونَ تَفَكُّــرٍ
فَقَامَتْ بِعُــودٍ مُثْمِــرٍ بِـثِـقَــالِ

فَيَا لَهْفَ قَلْبِي حِينَمَا اهْتَزَّ غُصْنُهَا
كَأَنَّ دُفُــوفَ النَّبْــضِ قَــرْعُ طَبَــالِ!

وَقَلْبِي كَطَيْــرٍ دَفَّ خَارِجَ كَلْكَلِي
لِـيَـصْــدَحَ شِعْــرًا فَرْحَـةً بِـغَــزَالِ

مَشَيْنَا مَعًا نَزْهُو إِلَى غَيْرِ وِجْهَةٍ
يُـوَجِّهُنَــا حُـــبٌّ لِخَـيْـــرِ مَـــــآلِ
—————————————
شعر/سلطان الهالوصي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى