شعر تفعيلة ناظم الصرخي/العراق
تَهَافتُ الإِعْسَار
أَبْحَثُ في أَنْفَاقِ اللَّيْلِ،
سَأَلتُ فَرَاشَاتِ الأَنْـــوارِ
اسْتَنْطقتُ تويْجاتِ الـزَّهْـرِ،
بأَنَامِلَ تَكْسوهَـــا الشَّمْــــسُ،
سرْتُ بأعْمَاقِ الأَمْواجِ
وسَبَرْتُ خَبايَا الأَغْــــوارِ،
وَجَدتُكِ يا حَسْناءَ الْبَحْــــرِ هَـواءً ما بينَ الْكَفينِ،
عَاهدّتِ الْقَلْبَ عَلى سُنَـنٍ للحُـبِّ وأَسْرجْـتِ البـوحَ،
جَاهَـدْتِ كَيْ يَنْمو الْعُشْبُ،
يَزْهو بِسَنَابِلِهِ الْمَرْجُ ويَصْحو الدِّيكُ،
اللَّيْلةَ يَغْزو تَوْقُ النَّورسِ رَأْسِيَ قَسْرًا
يَصْفِقُ في وَجْهِيْ أجْنِحَةً، أَنْهضُ مَذْهُولًا بِتأْنِي،
أسْتَنْهضُ ذَاكِرَةً تَعْبَى آلَمَها الْبُعدُ الْمُتَجَــذِرْ
وَغُيومُ الأَعْمَامِ الْكَسْلَى وَقُـنُوطٌ مِنْ أَهــلِ الـدَّارِ،
صُلِبـتْ مَرَّاتٍ في زَيْفٍ
فَوقَ خُطوطِ الْعَـرْضِ وفَوقَ خُطُوطِ الطُّولِ،
حُدودِ النَّـارِ،
تَكْشفُ أَزَليَّــةُ أَنوارٍ
سَاحَاتِ اللَّيْلِ الْمَمدودَةَ فِي عُمْقِ الْبَحْـرِ الْمُتَهَافِتِ
في حَجْبِ بَصِيصِ الأَسْرارِ،
أَسْتَلْقِـي فِي ظِـلِّ اِمْـرَأَةٍ لازالَتْ تَعْشَقُ قَاتِلهَا
أو مَنْ يَنْطقُ في حَضْرَتِها كِلْمَةَ حبٍ،
يَغْسلُهَا في مَاءِ الشِّعْـرِ،
تَهَاوتْ حُصنُ اللَّيْلِ ودَاسَتْ قَدَمُ الشَّمْسِ فُلولَ الظَّلْمَةِ،
نَزَلَ الشَّلالُ عَلى قَلْبيْ بالْبَهْجةِ يَغْسلُ أَحْزَانِي،
فَأَزحْتُ الْجَبلَ الْمُتَربعَ
في قَيظِ السَّنواتِ الْمُمْتـدَّةِ عنْ نَبْضِ الْقَلْبِ،
رُوْحي مُنْذُ الْبَــدْءِ فَنَارٌ تَسْبحُ في فَلَكِ الأَنْوارِ،
تَصَـــدّتْ وجُـــذُورٌ تَمتدُ، تَزْهو بِثيابِ الأَجْدادِ
لِسِيولِ الْهَــدمِ الْجائِرةِ،
رَمَــدِ الشَّمْسِ، ضِحْكَةِ أَفَّـاقِ غَــدَّارٍ،
لكنّـي والشُّوكُ كَثيرٌ
أَتمَنى صَــدْرًا يَغْمُــرنِي
فيهِ مَسـرَّاتُ الأَقْــدارِ،
يَفرشُ ليْ نَهْديهِ بِسَاطًا للْمحْرابِ،
يَغْزو أَنْفِــي فِي رَائحَةِ الْعَـرَقِ الْفَائِحِ
والْمَمْزوجِ بـكـرِّ الْخَيْــلِ،
طَعْمِ الْقَهْــوةِ والصَّحراءِ،
فِيهِ بِدايَـاتُ الأَوْداجِ وفيهِ سَعَاداتُ الأَمْصَـارِ
كَي أَنْمُو مِثْلَ الإعْــصَارِ
*
عَـرَّشَ قَلْبي يَنْبضُ عِشْقًـا بينَ جَـدائِـلِكِ الذَّهَبيــةْ،
أَصَخْـتُ لِكلِّ حُروفِ نِدَاءِ الْحبِّ
وَقَلْبِيْ صَارَ جَداولَ تَسْقِي،
وَاحَــةَ تَرْوي سَابِلةً أَضْنَاهـا الْغُــلُّ
فَجَروا خَلْــفَ سَــرابٍ قَاتِـلْ
فِي عَـصـــرِ التَّخْديــرِ الْحَافِـلِ
بالإِعْـســـارْ