ط
الشعر والأدب

قصيدة : دهشةٌ تغتسلُ بالملح . للشاعرة السورية / روشن على جان

إلى أخي ميرخان

إلى شفيق القلب في ذكرى رحيله الخامس

دهشةٌ تغتسلُ بالملح

في حياةٍ قادمةٍ

حينَ تصيرُ الآه نوتةً في ايقاعِ الندى الورديّ

سأعترفُ لكَ بشمائل الحبلِ السرّيّ

كيفَ أنكرهُ دمُ المخاضِ

فراحَ يطوي هودجَ الظنّ بالغفرانِ

سأرسلُ خلفكَ حقولاً من فجرِ البلابلِ

وأقماراً من سماواتٍ نائيةٍ تأنسُ

كلّما لاحً وجهكَ من حدائقِ الصباحِ

كيفَ أُبدّدُ تهافُتَ المَلمّاتِ؟

وهذا الفقدُ ذئبٌ يستعذبُ

سفكَ دمي

شهوةُ الإنعتاقِ وَهدةٌ عمياءُ غلبها النّعاسُ

ثمّةَ مايؤرّقُ بوحَ القَطا للهباري

ثمّةَ شَمّامٌ يحنُّ لطفولتهِ الأولى كلّما

شاكستهُ الريحُ .. بكى

ثمّةَ مايفطرُ القلبَ..

ياإلهي..

أولئكَ الواقفونَ بينَ محّارةِ الوقتِ

ونشيجِ الحكايةِ

أرواحٌ معذبةٌ تهدهدُ الصّبرَ في فيافي الحنينِ

والشمالُ المُحتدِمُ مملكةٌ تتّكِأُ على حزنها

ألسنا من هجرنا خيمةَ الثِقاتِ

وأجّلنا اللًقاءَ كثيراً؟

خطواتُنا الحسبناها حصيفةً

غاصتْ في أثافي الكلامِ

في منابتِ الجّمرِ القَصيّ

لم ننتبهْ لِضحكةٍ تُسِرُّ العبيرَ

لِينكفىءَ الرّدى

ماالّذي ينبغي أن نقوله ياحارسَ السّمْتِ البَتولِ؟

والمحنة الظامئة عناكب تترصد

هزائمَ الخُطى الوئيدة

خذنا من لاءاتِ الجّفاءِ

وارمي بنا إلى غريزةِ طميٍ يتزمّلُ بجلالِ الأمومةِ

لاتدعنا لميراثِ الرَمادِ

لِشحوبٍ يزدهرُ في الهبوبِ

فذاكرةُ الحرائقِ دهشةٌ تغتسلُ بالملحِ

مازلنا نُدرّبُ اللّباقةَ على الحبوِ في أزِقّةِ الخِشيةِ

وهذا الشجَنُ الغارقُ في الشُبهةِ

كوثرُهُ لايفنى

سأذكرُ ماباحتْ به أساريرُ النزفِ العتيقة

أُدثّرُها بِلألأةِ الأبيضِ المُتعاقبِ في أديمِ الأرضِ

وأشهدُ أنّ لحظةَ التجلّي كناياتٌ

ترفل في غمّازةِ الوردِ القتيلِ

ماكانَ من سنىً ..

كانَ لكَ وحدك

والشّمسُ التي احتفت بنبالةِ اسمكَ

تعثّرتْ وهي ترتقي عُروةَ الدّمِ النقيّ

كانَ الفجرُ موكبَ عشبٍ يهمُّ بالانطفاءِ

الساعة الثالثة فجراً

طيفٌ يُردّدُ لوعةَ الأسلافِ في خيالهِ الصغير

” أزْ شاهِمْ دَلالامِنْ”

على ضفافِ الوجعِ تماثيلُ عريقة تنوحُ

مثلَ مدنٍ لاخطوَ يُداعبُ غبارَ ليلها الطويلِ

وحشودٌ من الفداحةِ تبحثُ عن هواءٍ نظيفٍ في بيادرَ القلق

في صناديقَ مُلتاعةً بسرابِ الأخيلة

و( جين) مازالت تقيمُ الحدادَ على أطرافِ

قرى الهَسِنا

تُسرّحُ شَعرَ الألفةِ بعبقِ

تبغٍ يتحاملُ على اليُتمِ

هل من يدٍ ستُلقفُنا كبرياءَ النّهرِ

قبلَ أنْ يخفُتَ النّداءُ؟

دفعةً واحدةً

تجأرُ رصاصاتُ الحزنِ في مُطلقِ القلبِ

في رغدِ الذكرياتِ المتناثرةِ على الأسطحِ الطينيةِ

لاتسَلْ عن حواكيرِ التوتِ الأزليّ

فقد نكأتها الفصولُ العابرةُ

والسّهوبُ السائبةُ في الأرجوانِ

أبقِ لي دمعتك النافرة

أبقها لي..

واتركْ فُراتَ أصابعكَ يُناغي

رقصةَ الشجرِ المولويّة

ياابن قلبي..

لاحاجة للبكاءِ الآن

فهناك في البعيد .. البعيد

نجمةٌ من سلالاتٍ مهذّبةٍ

وجهها قافلةُ نساءٍ حزينات

وشعرها ياقوتٌ يلهجُ بالحنّاءِ

توزّعُ أرغفةَ التحنانِ على جهاتِ الغيبِ

تُشرّعُ للمُزاحِ باباً يبعثرُ

وِزرَ الغيابِ

لاحاجةَ للبكاءِ الآن

فهل من ليلٍ يعيدُكَ بذيّاك الدلال؟

حين كنت قمراً

وكانَ دِجلَة عرّاب النّيروزِ المُبتلى

الأمنيات ليلكٌ يرفرف في طمأنينة القلب

مطر كثيف يسرد أحلامه أوّلَ الغسق

الصّمتُ صديقٌ وفيٌّ يُراعي

كرامةَ الدّمعِ والنّدمِ

الأسئلةُ.. متاهاتٌ تعتمرُ قُبّعةَ التخفّي

والأجوبةُ قواربُ الناجين من الوحدة

ترددها .. امرأةٌ مكلومةٌ تُرَبّي

زرازيرَ الخلاصِ في القصائدِ

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى