ذات القلادة
يَوْمًا نَظَرْتُ لِحسْنِهَا الْـمُتَفَرِّدَهْ
ذَاتِ الْقلَادَةِ وَالْعُيُونِ الشَّارِدَهْ
فتَـمَـايَلَتْ كَالـحِجْرِ تَرْقُصُ بِالهَوَى
سَقَطَتْ لِشِدَّةِ فَرْحِهَا مُتَنَهِّدَه
نَظَرَتْ بِطَرْفَيْ عَيْنِهَا بِإِمَالَةٍ
وَتَـمَنَّعَتْ بِحَيَائِهَا مُتَرَدِّدَه
قَالَتْ بِصَوْتٍ مُزْمَـجِرٍّ هَابَنِي
عُدْ حَيْثُ جِئْتَ فَإِنَّنِي مُتَرَصَّدَه
فَرَجَعْتُ أَلْفِتُ هَامَتِي لِـجَمَـالِهَا
فَتَمَـايَلَتْ بِإِشَارَةٍ مُتَوَدِّدَه
مَا أَجْمَلَ الْكَفَّ الرَّقِيقَ بِمِعْصَمٍ
وَأَظَافِرٍ كَالْوَرْدِ لَاحَتْ خَامِدَه
هَيْفَاءُ بَارِعَةُ الـجَمَـالِ كَأَنَّهَا
فَرْعٌ مِنَ الْأَشْجَارِ عِنْدَ الـمَرْغَدَه
لِـجَمَـالِهَا سَقَطَ الْفُؤَادُ بِحُبِّهَا
سَكَنَتْ بِهِ وَتَغَلْغَلَتْ فِي الْأَوْرِدَه
فَلَقَدْ أُصِبْتُ مِنَ الـمَلِيحَةِ سَهْمهَا
ذَات الـجَوَى بَيْنَ الـحِسَانِ الـجَاحِدَه
تِلْكَ الـخَلُوقُ الْكِبْرِيَاءُ حَيَاؤُهَا
ذَات الشُّمُوخِ بِحُسْنِهَا الـمُتَبَغْدِده
لَـمَّاحَةٌ وَحَكِيمَةٌ وَرَزِينَةٌ
وَمهِيبَةٌ تِلْكَ الْعنودُ الـجَامِدَه
جَذَّابَةٌ وَرَقِيقَةٌ وَخَجُولَةٌ
تِلْكَ الـحَنُونُ رَشِيقَةٌ مُتَفَرِّدَه
فِي وَصْفِهَا عَجَزَ الْكَلَامُ عَنِ الْكَلَا
مِ فَإِنَّهَا سِحْرٌ لِعَيْنٍ شَاهِدَه
نوَّارَةٌ بِاللَّيْلِ بَدْرٌ وَالصَّبَا
حُ كَأَنَّهَا شَمْسٌ وَنَارٌ بَارِدَه
فَالْوَجْهُ يُشْرِقُ فِي الصَّبَاحِ مَهَابَةً
وَاللَّيْلُ نُورُ حَيَائِهَا فِي الْأَصْعِدَه
عَلْيَاءُ طَاغِيَةُ الـجَمَالِ بِحُسْنِهَا
فِي رَوْعَةٍ وَأَنَاقَةٍ مُتَجَدِّدَه
رَيْـحَانَةٌ وَعَبِيرُهَا عِطْرٌ يَفُو
حُ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى مَسَاءٍ تَالِدَه
الْوَجْهُ صَافٍ بِالنَّقَاءِ وَمُزْهِرٌ
وَأَسِيلُ خَدَّيْهَا تلين الْأَمْلَدَه
وَالـمُقْلَتَانِ مِنَ الـمَهَا فِي دُرَّتَيْــــ
ــــــــــنِ مِنَ اللَّآلِئِ كَاحِلٌ كَالـمصْيَدَه
الْأَنْفُ أَقْنَى وَالشِّفَاهُ بِحُمْرَةٍ
تَشْفِي الْعَلِيلَ بِبَسْمَةٍ مُتَرَدِّدَه
وَالثَّغْرُ يَنْبُعُ مِنْ رُضَابِ يَمَامَةٍ
قَد هَيَّج القَلب الضَّعِيف واسْعَده
وَجنَاحُ يُمْنَةِ وَجْهِهَا وَنَظِيرُهُ
طَارَتْ إِليَّ وَقَدْ هَوَتْ بِمُطَارده
وَخُصَيْلَةٌ بِغَدِيرِهَا مَفْتُولَةٌ
كَالـمَوْجِ إِنْ حَلَّ النَّسِيمُ وَعَاوَدَه
شَعْرٌ يَتُوهُ الـخَيْلُ فِيهِ فَإِنَّهُ
لَيْلٌ طَوِيلٌ كَاحِلٌ مَا أَبْعَدَه
وَإِذَا اسْتَدَارَ اللَّيْلُ أَشْرَقَ وَجْههَا
وَالْعقْدُ مَصْقُولٌ بِنَحْرِ زُمُرُّدَه
عُنُقٌ لِظَبْيٍ قَدْ سَمَا بِتَوَهُّجٍ
فَالنَّحْرُ مَلْفُوفٌ بِنَجْمٍ أَوْقَدَه
وَالنَّهْدُ رُمَّانٌ بِأَكْعُبِ صَدْرِهَا
وَالـمَرْمَرُ الـمَعْجُونُ أَبْلَج مورده
وَالْبَطْنُ سَهْلٌ فِي مَنَازِلِهَا كَأَمْـ
ـوَاجٍ مُعَرَّجَةٍ أَذَابَتْ أَفْئِدَه
وَالْـخصْرُ بِالْأَمْوَاجِ إِنْ عَزفت يَدَا
يَ بِمَائِهِ يَوْمًا سَتُرْفَعُ حَامِدَه
فَلَقَدْ أَرَدْتُ وِصَالَهَا تِلْكَ الَّتِي
إِنْ أَقْبَلَتْ أَوْ أَدْبَرَتْ مُتَجَسِّدَه
نَغَمُ بَحْرِ الْكَامِلِ