نھلنا من الضاد ِ الخصیبةِ كوثرا
وذقنا جمالَ الحرفِ إذ فاح عنبرا
یمُرُّ علیھا الدهرُ تزدادُ رفعةً
ولم تثنھا الأیامُ أنْ تتطورا
ومشكاتُھا في الكونِ تمنحُ ضوءھا
وتصدحُ بالتبیانِ والمجدِ في الذرى
تنزَّلَت الآیاتُ في الغارِ حكمةً
لتعجزَ أھلَ الشركِ یوما وتسْحرا
وتدعو لدینِ الله ِفي الأر ضِ حجةً
وتھدي قلوبا في البواديَ والقُرى
هي اللغةُ العصماءُ تهدي عطورَها
وتبذلُ من عطرٍ فيوضا من القِرَى
وترسلُ للدنیا الفصاحةَ درةً
فمن زارھا عنھا الركاكةَ أنكرا
وأغصانُھا تزھو یراقصُ خصرَها
نسیمُ المعاني في رُبَى الفكرِ سطَّرا
وما عجمتْ تشفي من الجھلِ داءھم
ولا أن تفي جدبَ اللسانِ وتغمرا
وكم أمة ٍ ماتت إذا مات حرفُھا
وباتت على الجدرانِ نقشا تحجَّرا
وكم ضيَّع الأحفادُ مُلْكا توارثوا
إذا ما أصابوها بلحن ٍ فدمرا
ومازلت الضادُ العتيقةُ آیةً
ومعجرةً أعیتْ جھولا لیقھرا
وللآن لم تكشفْ إلى الخلْقِ سرَّها
وكم عالم ٍ فیھا إلى الآن ما درى
تعهَّد ربُّ الناسِ يحفظُ مُلْكَها
بها أنزل الدين َ الحنيفَ وقدَّرا
فلم يأتها مَن رام فیھا تحدِّيا
فتكشفُ وجهَ الحسنِ إلا وأدبرا
وقد وھب اللهُ الكنانةَ جامعا
وجامعةً أضحا من العلمِ أزھرا
ولولاه -بعدَ اللهِ – ما كان قلعةً
لضادٍ ولا كانت ولا المتنُ أبھرا
وكم دولةٍ تُحتلُّ من يد ِ غاصبٍ
وكم لغة ٍ قد راح يطمس فانبرى
وأخطرُ شيء ٍ إذ أباد لسانَھا
وتحت الثرى أنھى الجمالَ و أقبرا
ھنا الأزهر ُ الراعي یلمُّ شتاتَها
وكم ھبَّ في وجهِ العدوِّ لیزأرا
سيبقى قلاعَ النورِ في مصرَ إنه
دروعٌ ومجدٌ في البلادِ تصدَّرا
من الغيِّ عاشت في یدیه أمانة ً
ومن عبثِ التغريبِ للحقِّ أشھرا
ألم یكفنا كم ناسك ٍ فیه یغتدي
بھا تلھجُ الأرواحُ بالمسكِ أنھرا
يحرثُ في جدبِ العقولِ علومها
وبالضادِ غرْس النورِ قام ليبذرا
وكم طائر ٍ منھم إلى الغرْبِ راحل ٍ
لیشرحَ صدرَ الكفرِ منھا وینشرا
ويجمع أشلاءَ القلوب ِ لديننا
فتشرقُ ضادُ الله للسِلْمِ مصدرا
ويسقونهم شهدَ الشريعة ِ والهدى
وفي كلِّ قلبٍ شيدوا فيه منبرا
بها تدخل الأفواجُ دين َ محمدٍ
إذا ما حروفا في التشَهُّدِ أظهرا
تراها عيونُ الغربِ ياقوتةً لنا
بها قد أتى وحيُ السماءِ..ولا نرى
لھا في جذورِ الدھرِ تاریخُ عزة ٍ
بها. آدمُ المبعوثُ. قال وعبَّرا
هي اللغةُ القعساءُ جاءتْ ببعثةٍ
وفي الجنةِ العلیا رسوليَ أخبرا
وما لغتي إلا جسورُ محبة ٍ
إلى الناس تدعوا للسلامِ تحضُّرا
وساقیةٌ تھدي إلى الخلقِ سحرَها
وتدحضُ من عادى بیانيَ وامترى
بھا من ینابیع ِ المعاني جلالُها
بواد ٍ على سھل اللسانِ تحدَّرا
بھا من غموضٍ ما يُخلِّدُ ذكرَها
وما وجهها يوما. إلینا. تكدَّرا
وما أخفقتْ عن عصر علم ٍ ركابُها
وما حرفُھا في أيِّ قرن ٍ تسمَّرا
وما ضاق فیھا النطقُ مثل لغاتِهم
ولا منطقُ التعبیرِ فیھا توتَّرا
وكم عاشق ٍ قد حجَّ خیمةَ حسنِها
ومن شالِها القدسيِّ ذْخراً تعطرا
أیا لغةَ القرآنِ تصدحُ كلما
یرتلھا من قام شوقا وشمَّرا
ویا زھرةً تزدانُ فوق لسانِنا
ستبقى لدین الله ِفي الكونِ معْبرا
أتى الغربِ في استشراقه ينهل السنا
فمن باعھا للغربِ بخسا فما شرى
ألیستْ لسانَ المصطفى بين قومِه
ووحیا لها في الغارِ قام وكبَّرا
وشمسا على الدنیا تزیل غیومَها
فتبدي لنا سبقا وما الدربُ أضمرا
وبین لغاتِ الأرضِ تحیا عزیزةً
إذا ما التحدي قد بدتْ لكَ مرمرا
إلى نیلِها قوموا لنشربَ نخبَها
نفكُّ دجى الإھمال كي تتحررا
ونبحرُ فیھا بل نغوصُ بعمقِها
لتذھلنا مما سنلقى تصوُّرا
نعود لھا عودا حمیدا فنرتقي
بها تشھد الدنیا لسانَكَ قد جرى
ھي اللغة ُ الأولى إذا ما تفاخروا
ومعجزةٌ كبرى نباهي بھا الورى
فلبوا الندا من ضادنا:یابني الحمى
أزیلوا غبارا عن عيوني َ كي أرى
ومن أمھاتِ العلم في روضيَ افتحوا
أزیحوا جرادا قلبَ أزھاريَ اعترى
وألقوا قمیصَ الحبِّ فوق بصیرتي
لیرتدَّ بورُ القولِ بالضاد ِ أخضرا
أنادي على قومي :فھل غیرُ أزهري
یصون عمادي طیلةَ الدھر یا تُرى
من الفقرِ قوموا في ربوعيَ نقِّبوا
كنوزا أعيدوها بهاءا من الثرى