قصيد : مثْقلٌ بي
( نثر)
هَا أنَذا
مُثْقَلٌ بِي
و الصَّحْراءُ في داَخِلِي تَنْفُثُ لَعنَتَها
أنْتَعِلُ اﻷَلَمَ و العَدَمَ
عارِيًا أَقِفُ
واجِمًا و مُزْدَحِمًا
مَسْكُونًا بِبَرْدِ المُفْرَداتِ
وَاقِفً أَنَا
بِبهْوِ الفَراغِ الذِي يمْلأً القَلْبَ و الذّاكِرَةَ
أتَمَعَّنُ في مَعنَى أﻻَّ أكُونَ حَنْظَلةَ
أوْ مِقْصَلَةَ
ظَلَلْتُ واقِفا
حتَّى مَلَّنِيَ الوُقُوفُ
تعِبْتُ
فجَلسِْتُ علَى كُرْسِيِّ التِّيه
و سَألْتُ :
ما التِّيهُ الذِي أجْلِسُ فَوْقَه
و يسْكُنُ فِيّ ؟
قالَ الرّفَاقُ :
اسْتَمْتِعْ بِما تَبقّى لَكَ منَ الوَقْتِ
صَباحًا مسَاءً و يوْمَ الأَحَدِ
فالوقْتُ يَسْرِقُ الشَّاعِرَ و الجَسدُ
يسرقُ بِهدُوء و شَهِيَّةٍ
قلْتٌ : سُرِقَ الجَسدُ و صَار فوْضَى
كلُّ ما فِيَّ اﻵنَ يَنْتَمِي للاَّ شَيْء
و لاَ شَيْءَ يَنْتَمِي الجَسَدِ المَنْهوكِ
فمَنْ أَنا ؟
أَفتَحُ ألْفَ بَابٍ وَ كِتابٍ
وَ لا شَيْءَ غَيرُ السَّرابِ
لا شَيْءَ غَيْرُ العَدَمِ
أشْرَبُ القَهْوَةَ المُرَّةَ و اﻷَلَمَ
آهٍ يَا الحَبيبُ !
ذَاكِرَةُ الجَسَدِ السَّاخِنِ تَبرُدُ و تَخْتَفِي
و الهُوِيَّةُ مَنْسِيَّةٌ
و الوَقْتُ مَطِيَّةٌ
يا صَاحبِي!
يُضْنينِي ضِيقُ المَكاَنِ
و لاَ وَقْتَ لدَيَّ اﻵنَ
ﻷدَخّنَ بَقايَا الوَقْتِ
قال أبُو القاسِم :
لَكَ أنْ تُعِدَّ فِنْجانَ قَهْوَةٍ بلاَ سُكَّرٍ
و تُدَخِّنَ آخِرَ سِيجارَةٍ
مَانِحًا رِئَتَيْكَ فُرْصَةً أخْرَى
علَى يَدِ غُرْبَةٍ مَقِيتَةٍ وَ عَصِيَّةٍ
قلْتُ : سَاعَةَ الخَوْفِ
لَمْ أخَبِّئْ قَطُّ ظِلِّي
و مَا خُنْتُ لُغتِي يَوْمًا
و مَا جَفَّ حَلِيبُ الصِّدْقِ فِي فَمِي
يا صَاحِبي! يا صاحِبي!
أحِبُّ البلادَ التِي شَيَِدَتْها القصِيدَةُ
أحِبُّ البلادَ كَما لَمْ يُحِبَّ البلَادَ أحَدْ
و قُلْتُ سَلامًا لِمَنْ لا سَلامَ لَهُمْ
و قُلْتُ كَلامًا لِمَنْ لاَ كلَامَ لَهُمْ
و شِعْري يُلامِسُ النّارَ
هِي ذِي المَسِألةُ! هِيَ ذي المسألةُ!
يا صاحِبِي!
سحبتُ عَلى أَلْسنَة النّارِ
و علَى مرْأَى البلَادِ
و قَالُوا ضعْ شِعْرَكَ فِي المَزْبَلَة
أبْوابُ الجَنَّةِ دُونَكَ مُوصَدَة
يا لَلمَهْزلة! يا للمَهْزَلة!
هَا أنَذا يا صَاحِبِي
في الرُّكْنِ المَنْسِيِّ
خارِجَ أسْوارِ المَدِينَةِ
أغَنِّي ﻷَرْضٍ لَمْ تَعُدْ لِي
لِتَسلمِ المدينةُ! لتَسْلَمِ المدينَةُ
و ذَووها الطَيٍٍّبونَ
مِنْ عَفَنِ المدِينَةِ
آهٍ يا صَاحِبي!
أكادُ أُجَنُّ
و فِي القَلْبِ نبْضٌ يَحِنُّ…
ها أنَذا
و السُّحْبُ التِي اسْتَلْقَتْ فَجْرا
عَلى صَدْرِ السَّماءِ
غابَتْ فَجْأَةً
ها أنَذا يَا الحَبِيبْ
في الرُّكْن مَنْسِيٌّ
أحْملُ حُزْني وَ جَسَدي
هاربٌ مِنَ المَوْتِ إلَى المَوْتِ
و فِي حَقيبَتِي السََوْداءُ المَنْسِيَّةُ
قَصيدَةٌ حُبْلَى
لمْ تُقُرَأْ بعْدُ
و ذِكْرى قَديمَةٌ
و عَقاقِيرُ
و أشْيَاءُ أخرى
لا يعْرفُها إلايَ…
ها انَذَا يَا صَاحبِي
و أعْقلُ العُقلاَءِ فِي بِلاَدِي
يرَى أنَّ دَمِي حِلٌّ
و كلَامِي خَرابْ
و قَلمِي حَرْبٌ
و حُلْمي سَرَابٌ
و شِعْرِي ضَلالٌ
و أَنَا الذِي
أحِبُّ البِلادَ التِي شيَّدتْها القَصِيدةُ
أحِبُّ البلادً كَما لمْ يُحبَّ البلادَ أحدْ
و لسْتُ مًن خَانَ القَصيدَةَ
و لا منْ باعَ البلدْ
و لسْتُ مَنْ شبَّ علَى الخِيانَةِ
و لا مَنْ خانَ الأمَانَةَ
تلكَ التِي
أشفَقنَ مِنْها الشَّواهِقُ
و السَّبْعُ الطّرَائِقُ
و الجِبالُ….
فَلتَعْذرْ يا صَاحِبِي حَرفي إذاَ تعَثّرَ
أوْ فِي فَمِي تَحَجّرَ
و دَمِي إذَا تخَثَّرَ
و جُرْحِي إذَا تفَجّرَ
فالجُرْحُ ليْسَ كَما قِيلَ
قَصيدًا يُتْلَى
أوَ كُلّمَا يُعادُ
أوْ صَهيلَ جَوادٍ
أوْ عُواءَ يُرادُ
أوْ قَوْلا يقالُ…
فَمَاذاَ أقولُ يَا صَاحِبي
مَاذَا أقُولُ
و في القَصْرِ
حِكْمَةُ أحْكَمِ الحُكمَاءِ وَبالً
و صَمْتِ أنْبَلِ النُّبلاءِ نِبالٌ
فماذَا أقُولُ؟
و لمَ السّؤالُ؟….
لمَ السُّؤالُ
و لدَيَّ مَا يَكْفِي
لأتَغلَّبَ عَلى حُزنِي العَمِيقِ
و أَكْشِفَ دونَ خَجلٍ
عنْ نفْسِي المْرهَقَة
و وَجْهي نصْفُ الحَليقِ؟…
لدَيّ في الحقيبةِ
ما يكْفِي منَ الحَقيقَةِ
لأُفْشِيَ سِرَّ خيَاناتهِمْ
و أنْتَحرُ ملْءَ القصِيدِ…
يا ابْنَ الوليدِ
“هلْ لابدَّ منْ خَالدٍ بيْنَ الضِّفَّتيِن
كيْ يَنهَضَ في الجثَّةِ البَارِدَة
حبْلَ الوريدِ؟..
محمد أحمدي /تونس
Email: [email protected]
Tél : +21698950118